البابا تواضروس
في بداية الكنيسة المسيحية وبعد يوم الخمسين سجل الكتاب المقدس قصة حنانيا وسفيرة زوجته كمثال صارخ عن حالة الكذب وإخفاء الحقيقة طمعًا في المال والكرامة والشهرة. ولكن كان العقاب قاسيًا إذ ماتا بسبب كذبهما (أعمال 5: 1-11).
وعالم اليوم صار فيه الكذب شائعًا بصورة مرعبة بين الأخبار والرسومات والتسجيلات والفيديوهات وغيرها، ودخل الذكاء الاصطناعي في هذا الميدان مما صعب حالة الضلال وعدم التمييز بين ما هو صادق وما هو كاذب. وصارت الكذبة الأولى في أي موضوع تؤدي إلى الثانية ثم الثالثة وهكذا حتى صار “الكذب السلس” هو الذي ينزع وخز الضمير شيئًا فشيئًا حتى يصير الإنسان بلا ضمير ويصير عالمه والهواء الذي يستنشقه هو الكذب والغش والضلال.
ومن صور نار اللسان ما تصفه كتابات بعض المواقع ووصف شخص بأنه “هرطوقي”، والكلمة اتهام قاسي يصف الشخص الذي يبتدع في الإيمان والعقيدة بأقوال غير صادقة وكاذبة بل ومنحرفة. ولكن هذا الاتهام الذي يخص سلامة الإيمان ليس من حق أي إنسان أن يصدره، تمامًا مثل القاضي فقط هو الذي يصدر حكمًا ما في حق إنسان متهم أمامه. أما إطلاق هذا الوصف على إنسان ما فهو يشيع ويشعل نارًا حوله سرعان ما تنتشر دون تحقيق أو تدقيق.
إن الجهة الوحيدة التي لها حق إطلاق هذا الوصف “هرطوقي” على شخص ما هو المجمع المقدس في الكنيسة وبإجماع أعضائه وبعد تحقيقات عديدة يتاح فيها الفرصة للشخص بالدفاع عن نفسه. أما الكتابات والمواقع التي بسبب ألسنة أصحابها تطلق هذا الوصف أو غيره عن أي إنسان فهي تشعل أخطر نار مدمرة ومحطمة لحياة إنسان وأسرته وعائلته.
يا صديقي لسانك نار
إن استخدمته كذبًا وضلالاً ضد آخر،
واعلم أنه بكلامك تتبرر
وبكلامك تدان،
فاحذر هذه النار التي لا تخمد سريعًا
بل تمتد من زمن إلى زمن،
ولا تشترك في مثل هذه الأكاذيب
التي إن صنعتها فقدت نصيبك السماوي
ومن له أذنان للسمع فليسمع ويحذر.