رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلَمَّا نَزَلَ إِلى البَرّ رأَى جَمعًا كثيرًا، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم، لِأَنَّهم كانوا كَغَنَمٍ لا راعِيَ لها، وأَخَذَ يُعَلَّمُهم أَشياءَ كثيرة "فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ" ἐσπλαγχνίσθη فتشير إلى تحرُّك أحشاء يسوع بدافع حبِّه الشّديد (متى 6: 34). وهذا يدل على حنان يسوع ورحمته، لأنَّه كان يهتم بالشّعب الذي كان كغنم لا راعي لهم، ولهم عطشٌ إلى ما لا يملكون، وتوقٍ إلى بلوغ السَّلام الحقيقي. هذا الراعي الّذي يجسّد نبوءة ارميا من خلال علاقة الرَّاعي بالرَّعيّة بحسب إرادة الله الآب الذي يرعى شعبه بالأمانة والشفقة. وهذه الشَّفقة تعكس قلب الرَّب ذاته في صورة فائقة من الرِّقة (ارميا 23: 1-4)، ويُظهر موقف يسوع حنان الله حيث أنه يشعر بالحنان تُجَاهَ الخراف الجائعة للإنجيل (مرقس 6: 34)، جوعها للخبز (8: 2)، وتأخذه الشّفقة تُجَاهَ المَحرومين أكثر من غيرهم: البرص (مرقس 1: 4)، والعميان (متى 20: 34)، والأمهات الثَّكالى والأخوات الحزينات (لوقا 7: 13، يوحنا 11: 33). إن حنان يسوع، مثل حنان الله، لا يتعب ولا يكلّ، وينتصر على الخطيئة، ويصل إلى حد الصَّفح عن أكثر النَّاس بؤسًا: أعني الخطأة (لوقا 23: 34). فهو يتصرف كالرَّاعي الصَّالح (حزقيال 34: 23)، على مثال موسى (عدد 27: 15-17) وداود (مزمور 78: 70) بل على مثال الله نفسه الذي اقتاد شعبه في البريَّة (مزمور 78: 52-53). هذه الشّفقة تعكس قلب الرَّب ذاته في صورة فائقة من الرِّقة والحنان (ارميا 23: 1-4). كما تدلّ على شفقته في تعليم الشّعب وإعطائهم الخبز والسَّمك. (مرقس 6: 35-44). يدعونا يسوع أن نكون حاضرين في المواقف الصَّعبة، وأن نتقبل عن طيب خاطر معاناة الآخرين كما لو كانت معاناتنا. ومن هذا المنطلق ترتبط الراحة ارتباطًا وثيقًا بالرحمة والمحبَّة، لأنَّ محبة الآخرين لا تستنزف الطاقة فقط، بل تضاعفها. ويعلق أوريجانوس: " حين رأى يسوع نوعيّة الأشخاص المحيطين به، وجدهم جديرين أكثر بالشّفقة. هو الذي يُعتبَر خارج الألم بصفته الله، ها هو يتألّم بسبب حبّه للبشر؛ لقد سيطر عليه التَّأثّر الشّديد، فشفاهم من أمراضهم كلّها وحرّرهم من الشّرّ". إنها دعوة لانفتاح المرء على حاجة أخيه. |
|