رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المعرفة العقلّانيّة والتجديف (مر 3: 22- 35) الموضوع السائد بحسب النص المرقسي هو البحث عن يسوع، كما سنرى بنهاية هذا المقطع الحديث عن بحث أمّ يسوع وإخوته عنه.والهدف من هذا البحث لإعادته إلى المنزل. لكن يسوع لا يتوجب عليه الآن العودة للبيت، بل يجب أن يذهب من قرية إلى قرية ليعلن ملكوت الله. ثمّ يكشف مرقس نزاع آخر حول هوية يسوع، من خلال جدال الكتبة حول أصل قدرة يسوع على إخراج الشياطين. فالكتبة الّذين جاءوا من أورشليم، خبراء في الكتب المقدسة العبريّة، يعتقدون بقولهم: «إِنَّ فيه بَعلَ زَبول، وإِنَّه بِسَيِّدِ الشَّياطينِ يَطرُدُ الشَّياطين» (مر 3: 22). فكر الكتبة المعاصرين ليسوع بإنّه ينتمي إلى عالم مُعادٍ لله. ومن المثير للسخرية أنّ يضع مرقس هذا الرأي التجديفي، الّذي يدور حول يسوع، على أفواه علماء الكتب المقدسة، مما يكشف لنا أنّ معرفتهم العقلانيّة والسطحيّة للكتب المقدسة لا تكفي بمفردها الإيمان بيسوع. ثمّ في مرحلة تاليّة كشف يسوع في خطابه بالأمثال للكتبة عن عدم إتسّاق مُعتقداتهم عنه. حجته بسيطة للغاية وتبدأ من أعماله الخاصة. إذا كان يسوع يطرد الشّر فلا يمكن أنّ يأتي سلطانه من الشرّ. حقًا المملكة الـمُنقسمة على ذاتها لا يمكن أنّ تدوم. هذا هو معنى قوله: «الحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ كُلَّ شَيءٍ يُغفَرُ لِبَني البَشَرِ مِن خَطيئةٍ وتَجْديفٍ مَهما بَلَغَ تَجْديفُهم. وأَمَّا مَن جَدَّفَ على الرُّوحِ القُدُس، فلا غُفرانَ له أبداً، بل هو مُذنِبٌ بِخَطيئةٍ لِلأَبَد» (مر 3: 28-29). إتهام الكتبة ليسوع، هو تجديف على الرّوح القدس الساكنة في يسوع حين إدعووا بأنه مسكن للشّر والشرير. في المشهد الأخير من النص، يعود أقارب يسوع إلى المشهد ببحثهم المهتم عن يسوع ليعود إلى مكانته. هنا يكشف لنا مرقس عن هويّة يسوع الثانية وهي هويّة تلاميذه. يعتمد وجه التلمذة على السبب الّذي يجعلنا نطلب يسوع. بحسب مرقس، بقاء التلاميذ بالبيّت مع يسوع يشير للتبعيّة والتلمذة الحقّة. بينما البقاء خارج البيّت يكشف عدم الإنتماء إلى تلك الدائرة الضيقة من تلاميذ يسوع. إنها فرصة لنكتشف حقيقتنا كتلاميذ: «مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ الله هو أخي وأُخْتي وأُمِّي» (مر 3: 34- 35). ما يفوق روابط الدّم في جماعة يسوع، روابط واضحة وطبيعيّة وهي الرابط الوحيد الّذي يجمعنا كأسرة يسوع هو إرادة الله أبينا. |
|