تشير وجهة النظر السرديّة بحسب كاتب الإنجيل الثاني في هذا المقطع الإنجيلي إلى وجود شخصيات سطحية في هذه الواقعة الإنجيليّة، مآدبة الحاكم هيرودس، في حضور شخصية جوهريّة للتمهيد والإعداد للمسيّا، المعمدان. مع ذلك، من خلال تفسيرنا هذا، يمكننا إعادة بناء بعض التفاصيل الإضافية. أوّلًا يوحنّا المعمدان هو بذاته الّذي قررّ أنّ يعيش بحسب دعوته ليكون حقًا رجل ذو "صوت في الصحراء" صارخًا مُعلنًا ومُبشراً بـ "الكلمة". وهو ما يشير لكل ما هو حق حتى وإنّ كان هذا على حساب حياته في سبيل تمسكه بقول الحق. فليس من السّهل، كإنسان، أن تكون لديه القدرة للتغلب على الخوف من الموت واتخاذ قرار بالإصغاء فقط إلى الصوت الإلهي وتمييزه وهو الّذي طلب منه الاستمرار في رسالته، وليس الخوف من العواقب لأن المكافأة كانت ستكون عظيمة. التمييز للصوت الإلهي في وسط الكثير من الأصوات السياسية والقياديّة، كهيرودس وهيردويّا وابنتها، والّتي لها من السلطة أنّ تمحي إسمه. تعمّد المعمدان بقول الحق صاغيًا للصوت الإلهي بالرغم من كثرة وإتحاد الأصوات القياديّة من حوله، جعلت منه محاربًا في سلامه الباطني ضد شر عصره.