![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() سلاح الله: العهد (تك 9: 8- 15) نتناول السلاح الإلهي الأوّل من خلال الرواية الّتي تتسب في الكثير من الإرتباك عند قرائتها وكثيرين يتسالون ما هو المغزى اللّاهوتيّ من روايّة نوح والطوفان بالآدب الكتابي؟ تنتمي الروايّة الكتابيّة لشخصية نوح بحسب كاتب سفر التكوين (6- 9) لأدب الأساطير، الّتي كانت تتميز بها حقبة ما قبل التاريخ باليونان ومصر وروما والكثير من البلدان الّتي تميزت بالقدّم في تاريخها وحضارتها. نعلم أنّ الكثير من القُراء المؤمنين يجدون صعوبة في إستيعاب الروايات الكتابيّة، الّتي تتحلى بالمبالغة في الوصف. وها نحن اليّوم أمام نص من هذه النصوص، الطوفان. مدعوين كمؤمنيّن أنّ لا نتوقف على بدء وتفاصيل ونهايّة الروايّة، بقدر ما نتوقف أمام سرّ الله الّذي يكشف عن ذاته من خلال وصف الكاتب الّتي تنتمي لكل الكُتّاب في عصره. وهذه الآيات هي جوهر هذه الروايّة لأنها تجعلنا نكتشف المخطط الإلهي ونقرأ كلمات الله الّتي وجهها إلى نوح وبينّه قائلاً: «"هاءَنذا مُقيمٌ عَهْدي معَكُم ومعَ نَسْلِكم مِن بَعدِكم [...] وأُقيمُ عَهْدي معَكم، فكُلُّ ذي جَسَدٍ لا يَنقَرِضُ بَعدَ اليَومِ بِمِياهِ الطُّوفان [...] هذه عَلامةُ العَهْدِ الَّذي أنا جاعِلُه بَيْني وبَينَكم وبَينَ كُلِّ ذي نَفْسٍ حَيَّةٍ معَكم مَدى الأَجْيالِ لِلأَبَدَ: تِلْكَ قَوْسي جَعَلْتُها في الغَمام فتَكونُ عَلامةَ عَهْدي بَيْني وبَيْنَ الأَرض. وَيكونُ أَنَّه إِذا غَيَّمتُ على الأَرضِ وَظَهَرَتِ القَوسُ في الغَمام، ذَكَرتُ عَهْدِيَ الَّذي بَيْني وبَينَكم وبَينَ كُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ في كُلِّ جَسَد، فلا تَكونُ المِياهُ بَعدَ اليَومِ طُوفانًا لِتُهلِكَ كُلَّ ذي جَسَد» (تك 9: 9-15). من خلال هذا المونولج الّذي نقرأ فيه مشروع الله لكل البشريّة، يكشف عن ذاته الإله الّذي يُسلم ذاته رافعًا أيديه وبرغبته يسلمنا سلاحه الوحيد، وهو القوس. في زمن نوح كان القوس سلاح لإصطياد الحيوانات، يستخدم الكاتب ذات الأسلحة الّتي كانت بعصره ليشير لمخطط الله مع البشر بعد إستمرارهم في اللأمانة له ولعهده. ولذا يأتي القرار الإلهي بناء على هشاشة الإنسان، فهو ليس له من المقدرة أنّ يحارب الإله، فينتصر الله حينما يضع بسلاحه أمام البشريّة مُسلمًا ذاته وتاركًا عهده، في شكل قوس قزح، الّذي يرغب من خلاله أنّ يتذكر كل إنسان أنّ الله لا يرغب في الحرب مع الإنسان بل يقرر أنّ تسود علاقة حميمة معه وبناء على هذا علامة العهد تأتينا مباشرة بعد أمطار غزيزة، فنجد أنّ قوس قزح هو علامة حب الله والّذي أشار به إلى عهده. مدعوين في كل مرة أن نرى أو يرسم فيها الأطفال علامة قوس قزح أن نتذكر حب الله للبشريّة من خلال العهد. تناوّل الكثير من الكُتّاب بالعهد الثاني هذه الروايّة ليجدوا الصلة بين حدث الطوفان وبعض المواضيع الأساسية في الزمن الأربعينيّ، مثل المعمودية (راج 1بط 3: 18 – 22). حدث الطوفان، الّذي يثير أسئلتنا يحمل اليّوم جواب هام ليكشف عن سرّ الله في رغبته للتحالف مع البشريّة من خلال تخلّيه عن سلاحه وتجميل سماء بشريتنا بالقوس الإلهي لنتذكر عهده المقدس. إتسّمّ تاريخنا البشريّ بالبُعد عن خطة الله الذي خلق كل شيء صالحًا (تك 1: 4. 10. 12. 18. 21. 25).ثم يعلن الطوفان، تبعًا لنظرة الله الّذي يرى الشرّ منتشرًا في الأرض (راج تك 6: 5)، أن الله لا يستسلم لشرّ الإنسان، بل ييدع ليخلق الجديد بسلاح الجمال وهو قوس قزح. لا يتراجع إلهنا عن خطواته، بل يجعل المياه الّتي فصلها (راج تك 1: 3) تختلط مرة أخرى، ويبدأ من جديد في الخلق. لا يزال الله، حتى يّومنا هذا يراهن على البشرية بوجود رجل صالح وهو نوح. بفضله تتحقق بداية جديدة بدءًا من نسله. لقد بادّر الله بالعهد مع نوح ونسله في شكل تحالف أُحادي مقرراً بالّا يهلك خليقته مجدداً، وقد علق قوسه الحربي على السحاب كعلامة لهذا العهد. فالعهد هو إجابة الله على أسئلة الشعب في السبي والّذي صار خليقته الجديدة. صارت إمكانية الخلق الجديد ممكنة بفضل أمانة الله الذي لا يفشل أبدًا. يتطلب هذا العهد عودة الإنسان لله بتوجيه قلبه إليه ليبدأ كل شيء من جديد. هذا هو الهدف الّذي يدعونا إليه، اليّوم، كاتب سفر التكوين. |
![]() |
|