رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النور الكبير إنّ أقسى الكلمات على مسامع إنساننا المعاصر هي كلمة "التوبة" التي يدعونا إلى عيشها الصوم الكبير المقدس! ولعلّ ذلك لأن هذه الكلمة هي أكثر الحقائق غموضاً في حياته! لا يرتاح إنساننا اليوم لهذه الكلمة لأنه يحب العادة ويركن إليها، ويخشى التبديل ويتجنّبه. التوبة تهزّ كيان الإنسان لأنها تشكّك بكلّ ما هو راهن أو عادي، أو على الأقل تمتحنه وتفحصه وتقيّمه! مراجعة الحسابات في حياة الإنسان اليوم ممارسة غير محبوبة دائماً. وذلك لأن أي تشكيك في "صحة" مسلكيته يقوده إلى شعور بعدم الأمان، طالما أنه ثبّت ضمانه على قواعد متبّدلة بالأساس. امتحان سريع لمواقف الإنسان المعاصر وقناعاته يكشف على الفور أن هذه المواقف مرات عديدة لا تستند إلى المنطق أو الحق أو العدالة، بل وللأسف إلى الإعجاب بالذات والادّعاء وربما إلى المصلحة الذاتية. حينها لا تبرّر هذه المواقف إلاّ "عللُ الخطايا"، كما يقول المزمور "لا تمل قلبي إلى كلام الشر فيتعلل بعلل الخطايا". لكن هذه التبريرات تسند مواقف الإنسان على مستوى اللحظة المتبدلة وليس على قاعدة الحقيقة الثابتة. لهذا تأتي تجارب الحياة، أو ربما تسطع الحقيقة، وتهدم كل هذه المستندات، وتفضح هشاشة وعدم إنسانية كل تلك المعايير الخاطئة وغاياتها. هل هي قليلة المفاجآت والمآسي والعثرات التي تظهر في حياة الناس؟ لكن "التوبة"، لنا نحن المسيحيين، هي الكلمة الأحبّ والأقرب إلى قلوبنا. لأنّ حياتنا هي مسيرة صاعدة، ولأنّ السيد وعدنا أنّه عندما يرتفع (على الصليب) سيرفعنا معه عن الهابط من دنيانا. |
|