رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وبعدَ سِتَّةِ أَيَّام مضى يسوعُ بِبُطرُسَ ويعقوبَ ويوحَنَّا فانفَرَدَ بِهِم وَحدَهم على جَبَلٍ عالٍ، وتَجَلَّى بِمَرأَى منهم. " عالٍ " فتشير للسمو، سمو قدر المسيح الذي سيرونه الآن مُتجليًا. ويعلق العلاّمة أوريجانوس: إن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول". أمَّا فعل "تَجَلَّى" في الأصل اليوناني μετεμορφώθη (معناها تحوّل، تغيّر) فيشير إلى التَّحوُّل الرُّوحي (2 قورنتس3: 18)، ولكن هذا التَّحوّل له أثر منظور في وجه يسوع (متى 17: 2، ولوقا 9: 29)، وفي ثِيابه (متى 17: 2، مرقس 9: 3، لوقا 9: 29). نجد في هذه العبارة إشارة إلى موسى لدى لقائه بالله على جَبَل سيناء "لم يَكُنْ يَعلَمُ أَنَّ بَشَرَةَ وَجهِه قد صارَت مُشِعَّةً مِن مُخاطَبَةِ الرَّبّ لَه" (خروج 34: 29) علمًا أنَّ يسوع هو موسى الجديد. ويُعلق القديس يوحَنَّا الذَّهبي الفم " إن ملامح السَّيد المسيح عند تجلِّيه بقيت، كما هي لكن أُعلن بهاء مَجْده. لقد بقي السَّيد المسيح بجسده، لكنَّه حمل طبيعة جديدة مملوءة بهاءً ومَجْداّ"، ولا يُدرك معنى هذا المشهد العجيب إلاّ في ضوء قِيَامَة المسيح المجيدة، لأنَّ التَّجَلِّي هو استباقٌ للقِيَامَة في نظر مرقس الإنجيلي. اصطحب الرَّبّ يسوع بُطْرُس، يعقوب ويوحَنَّا إلى الجَبَل وأراهم، قبل قيامته، مَجْد ألوهيّته. هكذا، حين سيقوم من بين الأموات في مَجْد طبيعته الإلهيّة، سيعرفون أنّه لم يحصل على هذا المَجْد كمكافأة عن آلامه، بل إنّه يملك هذا المَجْد، كما جاء في صلاة يسوع: " فمَجْدني الآنَ عِندَكَ يا أَبتِ بِما كانَ لي مِنَ المَجْد عِندَكَ قَبلَ أَن يَكونَ العَالَم" (يوحَنَّا 17: 5). بالتَّجلي أشرق النُّور على وجه يسوع فأظهر نفسه حتى نتمكن من معرفته بشكل أفضل وأعمق على مثال رسله الثلاثة المُقرَّبين وندخل معه في أحداث تاريخ الخلاص. |
|