منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 04 - 2024, 03:43 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,264,425

مقاييس الفرادة عند كونستيليان هي واضحة وتقليديَّة



أساس المجدلات في العالم اليونانيّ

انطبع بولس بالثقافة اليونانيَّة وهو المتعلِّم في طرسوس(5)، تلك المدينة الجامعيَّة، لهذا نعود إلى هذه الحضارة ونكتشف ما تركت لنا من آثار تنشد مجد الآلهة. أمّا الفنُّ الأدبيّ فهو البلاغة في المجال النظريّ كما في المجال العلميّ.(6) بما أنَّ الإله في المدينة، أو في شعب من الشعوب، فريد، واحد، ولا يُذكَر معه آخر، لهذا نُنشد له المجد.

أوَّلاً: في المجال النظريّ

فرادة الإله تتطلَّب المديح والتمجيد. تحدَّث أهل البلاغة اليونان عن هذا الموضوع، ولكن أرسطو في كتابه البلاغة رتَّب، ومنهَجَ وأبرز الفرادة داخل نظريَّة متكاملة حول البلاغة. وبمختصر الكلام، يقول لنا طوعًا ما الذي يعنيه بمقياس الفرادة.

كانت البلاغة تقسم إلى ثلاثة أقسام délibérative, epidecitic ، ولكلِّ وجهة هدفُها ومرماها. وفي عرض أرسطو للبلاغة _- يعلِّمنا الخطيب كيف نضخَّم المديح، كيف نصوغ العمل الذي يحمل المديح، وأيَّة وسيلة نستعمل لنقنع نفوسنا وفي الوقت عينه نفرض الاحترام.

في عرض من العروض على الإنسان أيضًا أن يستعمل عددًا من أنواع التضخيمات. مثلاً، إذا كان موضوع المديح، هو الفريد(7) أو الأوَّل(8) أو واحد في قلَّة قليلة(9). أو واحد يكون أفضل من يعمل شيئًا(10) لأنَّ هذه الأشياء كلَّها تستحقُّ المديح.(11)

ذُكرت أربعة مدائح مضخَّمة، وكلٌّ منها يُبرز شكلاً عن الفرادة. أن يكون الأوَّل أو الشخص الوحيد الذي يُتمُّ شيئًا من الأشياء، هذا ما يشكِّل أكثر الأشكال المعروفة من التضخيم في بلاغة المديح.

وبعد أجيال، قدَّم شيشرون شاهدًا رومانيٌّا إلى مبدأ الفرادة. فحين تكلَّم على ما يخدم مديح الخطيب، أورد الفضيلة، الإحسان، الاحتمال، الأعمال الفريدة:

ينبغي اختيار الكمالات التي هي مهمَّة(12) أو أوَّل جديدة(13) لم تكن لها سابقة، أو لا يوازيها شيء في طابعها الحاليّ(14). لأنَّ كمالات صغيرة أو تلك اللاعاديَّة أو خارج المألوف، ليست القاعدة لكي تكون مدهشة أو لتخدم المديح.(15)

»التي لا سابقة لها« تقابل »الأوَّل« في لائحة أرسطو. وهكذا فالعمل اللامسبوق، الذي لم يُعمَل أبدًا من قَبْل، هو فريد. »واللامتوازي« يشير إلى »فريد«، بمعنى أنَّ هذا الشخص هو الوحيد الذي صنع هذا وذاك. ومع أنَّ كلام شيشرون حول »أهميَّة المستوى«. لا يُشير بشكل آليّ إلى »الفريد« أو »الحصريّ« فهو يميِّز الأعمال الفريدة خارج »الكمالات الصغيرة« وبين ما هو »لاعاديّ وما هو خارج المألوف«. وهكذا يمكن القول إنَّ عملاً ما هو نادر وعمِلَه »واحدٌ في قلَّة«، إذا لم يكن عمِلَه إنسان وحده.(16)

ومقال كونتستيليان(17) حول البلاغة، يتضمَّن ملاحظات حول الفرادة، شبيهة بما عند أرسطو:

ما يُرضي السامعين بشكل خاصّ، هو إنشاد الأعمال التي بطلها الأوَّل(18) أو الإنسان الوحيد(19) أو في أيِّ حال، الواحد في قلَّة(20)، قد قام بها. وعلينا أن نضيف إلى هؤلاء كمالات تتجاوز آمالنا أو انتظارنا.

بالإضافة إلى ذلك، مقاييس الفرادة عند كونستيليان هي واضحة وتقليديَّة: »الوحيد«، »الأوَّل«، »واحد في قلَّة«، »انتظار يتجاوز كلَّ شيء.«

وإذا كان كونستيليان جعل مقاييس الفرادة لدى نخبة رومة، فإنَّ أئيليوس تيون(21) يمثِّل ذات التقليد البلاغي في إطار المستوى الثاني من التربية(22). فالمدرسة الأولى لديه، التي تتضمَّن تربية بنويَّة لكتابة التقريظ(23)، تدجَّن البلاغة من أجل الأهداف المدرسيَّة. وتكمن أهميَّة تيون في عنصرين اثنين: الأوَّل، هو يمثِّل تقليدًا بلاغيٌّا، قديمًا وثابتًا فوق الزمن. الثاني، قواعده من أجل التقريظ، تدلُّ على أنَّ معرفة فن المديح وممارسته، كأنَّنا منتشريتين وفي شكل اصطلاح. فجاء كلامه كما يلي:

الأعمال التي تستحقُّ المديح هي أيضًا تلك التي تحصل في طريقة وقتيَّة، وإذا تصرَّف واحد (مونوس)، أو الأوَّل (بروتوس)، أو ساعة ما من أحد عمل (أودايس)، أو عمل أكثر من الآخرين (مالون تون ألون)، أو مع القليلين (مات أوليفون)، أو كان تحت السنِّ (هيبار هيليكيان)، أو ما تجاوز الآمال (بارا هلبيدا)، أو مع عمل قاسٍ، أو ما صُنع بسهولة(24) وسرعة(25).

تدلُّ هذه المفردات على ما فهمه تيون كأسُسٍ من أجل المديح، وهو ما ندعوه مقياس الفرادة. وهذا ما يعود بنا إلى ما هو فريدٌ إطلاقًا: مثلاً، حين يعمل إنسانٌ عملاً وحده، أو يكون الأوَّل، أو يكون مع قلَّة من الناس. والمديح الكبير يُحفَظ لأولئك الذين يتجاوزون المقياس: مثلاً، من يعمل وهو صغير السنّ، أو يتجاوز كلَّ الآمال. وفي النهاية، بعض الأعمال تنال الإعجاب الكبير مثل تلك التي نعملها بدون مجهود، بل بسهولة، أو بدون وقت، بل بسرعة.

وأخيرًا قدَّم مناندري البليغ(26) في نظرته البلاغيَّة إلى المديح، نظرةً مختلفة إلى التقليد. فجاءت ملاحظاتُه، أقلَّ نظريَّة من نظرات الآخرين البلاغيَّة، وشدَّدت على طريقة خاصَّة في تضخيم المديح لآلهة المدينة:

علينا أن نبيِّن أنَّ أكبر عدد(27) من الآلهة، أو أفضل الآلهة(28) كرَّموا المدينة بأكبر الكرامات(29) أو بأوَّل الكرامات(30) أو بأكثر الكرامات عددًا(31). فالآلهة الأكثر عددًا ارتبطوا بالاثينيّين: قيل إنَّ ديونيسيوس وأبّولون وبوسايدون وأثينة وهافايستوس وأريس(32)، كلَّ هؤلاء أو أكثرهم، كرَّموا (مدينة) أثينة. »أفضل الآلهة« أي زوش في الأولمب، ونامايا(33). أعظم الآلهة ارتبطوا بالأثينيّين لأنَّهم أعلنوا أنَّ كلَّ خير يأتي من لدن الآلهة. »وأكثر الكرامات ضرورة« نجدها في وضع المصريّين الذين يُعلنون أنَّ النجامة(34) والهندسة آتيان من عند الآلهة. »الأكثر...« تنطبق على البلاغة وعلى الفلسفة اللتين تُعتَبران بشكل خاصّ امتيازًا للآثينيّين.«(35)

العلامات التقليديَّة للفرادة (الأفضل، الأوَّل) هي واضحة. ولكن أُضيف إليها »أكبر عدد« من الآلهة، و»أفضل« الآلهة، وأكثر الإحسانات عددًا. وهكذا تكون مدينة أثينة، فريدة وسط الحواضر اليونانيَّة: فزوش، أفضل الآلهة، كرَّمها بإحسانه. وأكبرُ عدد من الآلهة يعمل لخير هذه المدينة (ديونيسيوس، أبّولون...). كانت أثينة أوَّل من كُرِّمت، أو من كرِّمت بأفضل الإحسانات، أو نالت أكبر عدد من الإكرامات.

وخلاصة القول، ينبغي أن نعطي ثقلاً هامٌّا للطريقة التي بها تضخَّم الأعمال، في البلاغة، لأنَّ مقاييس المديح هذه تمثِّل مِفصَل التقليد البلاغيّ، الواعي والمتواصل. فالكتّاب، مثل أرسطو، رتَّبوا الممارسة في أيّامهم. أمّا أرسطو فعبَّر عن المبدأ العامّ الذي لاحظهُ أولئك الذين جاؤوا بعده.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الـراحة بالقرب مـن خالـق القـلوب و مقلبـها
إن مقاييس الله غير مقاييس الناس
مقاييس السماء تختلف تماما عن مقاييس البشر
ما لوش مقاييس
مقاييس الله تختلف عن مقاييس البشر


الساعة الآن 07:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024