رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في أيِّ مدرسة دخل شاول لكي ينال هذا التعليم الجديد؟ في مدرسة يسوع الذي قال: »لا تسمحوا بأن يدعوكم أحد: يا معلِّم، لأنَّكم كلَّكم إخوة ولكم معلِّم واحد« (مت 23: 8) وأوَّل تعليم كان التواضع. ما أرسله الربُّ يسوع إلى بطرس ولا إلى يعقوب ولا إلى العُمُد (غل 2: 9) في الكنيسة، بل إلى شخص مجهول في دمشق اسمه حنانيا. ثمَّ لم يقل له ماذا يجب أن يفعل. فهذا المخطِّط الكبير لا يُقال له شيء عن الهدف الأخير. فشابه إبراهيم: أنا أريك في الوقت المناسب. وهكذا كان الأمرُ بالنسبة إلى شاول. وضع هذا »المسؤول« في إحدى الجماعات المسيحيَّة يدَه على شاول »فتساقط من عينيه ما يشبه القشور، وعاد البصرُ إليه فقام وتعمَّد. ثمَّ أكل فعادت إليه قواه« (أع 9: 18-19). كان بالإمكان أن يعود هذا المعمَّد جديدًا إلى أورشليم. ولكنَّه ما فعل. دعاه الربُّ فمضى إلى الجماعات المسيحيَّة في ما يُسمّى اليوم حوران وإلى الشرق من نهر الأردنّ. هناك المدن العشر التي وصل إليها الإنجيل. ومنها »جرش« وغيرها. هناك عاش مع المسيحيّين الأوَّلين، وشاركهم في عشاء الربِّ فأورد ما عرف في الرسالة الأولى إلى كورنتوس: »تسلَّمتُ ما سلَّمته إليكم، وهو أنَّ الربَّ يسوع في الليلة التي أُسلم فيها...« (1 كو 11: 23). واكتنز تعليم يسوع كما وصل إلى الجماعات ، فتذكَّر أقوال الربّ قبل أن تُكتَب الأناجيل. وبولس صاحب الثقافة الواسعة، والمعرفة العميقة بالكتاب المقدَّس، وابن العبقريَّة التي هي عطيَّة من عطايا الربّ، أعطانا أوَّل إنجيل، أوَّل خبر طيِّب: بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت (رو 5: 12)، وبإنسان واحد هو يسوع المسيح »سادت الحياة« (آ17). اعتدنا أن نتكلَّم عن الأناجيل الأربعة، متّى، مرقس، لوقا، يوحنّا. ولكن قبل هذه الأناجيل بعشرات السنين، قال بولس: »ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله... حسب إنجيلي بيسوع المسيح« (رو 2: 13، 16). ويعلن الرسول: »فأنا لا أستحي بإنجيل المسيح، لأنَّه قوَّة لخلاص كلِّ مؤمن، لليهوديّ أوَّلاً ثمَّ لليوناني« (رو 1: 16). في الرسالة الأولى إلى كورنتوس: »ويلٌ لي إن كنت لا أبشِّر« (1 كو 9: 16). وأضاف: »لا أريد أن أبني على أساس غيري« (رو 15: 20). وهكذا نراه في سفر الأعمال ينتقل من مدينة إلى مدينة، بالرغم من الصعوبات التي تجابهه. في قبرص مع عليما الساحر (أع 13: 8). في أنطاكية بسيدية، المعارضة والشتيمة (آ45). في إيقونية، الإهانة والاستعداد للرجم (أع 14: 5). في لسترة »رجموا بولس وجرُّوه إلى خارج المدينة وهم يحسبون أنَّه مات« (آ19). مدرسة يسوع التي دخل فيها بولس امتدَّت، لا بضع دقائق على طريق دمشق، بل طوال حياته. فيسوع يرافقه من خلال حوار بدأ ولن ينتهي إلاَّ بموت الرسول بعد أن قُطع رأسه على طريق أوستيا، قرب رومة. بدأ يبشِّر في مجامع دمشق، فطُرد من هناك وهرَّبوه في سلَّة أُنزلت من على السور. وفي أورشليم، زعج الجماعة لأنَّه راح في خطِّ إسطفانس. لهذا »حاول اليهود أن يقتلوه« (أع 9: 29). وهناك سمع صوت الربِّ يقول له: »اذهب فإنّي أرسلك إلى الأمم بعيدًا« (أع 22: 21)، أي إلى العالم الوثنيّ. وفي كورنتوس، سمع بولس الربَّ يقول له: »لا تخف! بل تكلَّم ولا تسكت. فأنا معك، ولن يؤذيك أحد. فلي شعبٌ كثير في هذه المدينة« (أع 18: 9-10). ولاحقه الخصوم ولاحقوه. فكان مرَّة أولى في السجن، بين قيصريَّة ورومة. ومرَّة ثانية أحسَّ بدنوِّ أجله، في ذلك السجن القاسي، فهتف: »أمّا أنا فذبيحة يراق دمُها وساعة رحيلي اقتربت. جاهدتُ الجهاد الحسن، وأتممتُ شوطي، وحافظتُ على الإيمان« (2 تم 4: 6-7). الخاتمة إلى هنا قادت طريقُ دمشق بولس الرسول. كان بإمكانه أن يعيش في طرسوس، في كنف والديه، وربَّما مع إخوته وأخواته. ربَّما يعلِّم في الجامعة، أو يحمل في هذه المهنة اليدويَّة التي تميَّز بها الفرّيسيّون والمعلّمون اليهود. هذا »الزعيم« الذي ترأَّس حملة عسكريَّة لكي يحارب المسيحيَّة، ترك السباق في الميدان من أجل إكليل يفنى، وطلب إكليلاً لا يفنى (1 كو 9: 25). أمامه مستقبل جامعيّ! تركه. أمامه مستقبل في أورشليم، في خطِّ هؤلاء المعلِّمين الكبار! تركه. أمامه ثورة يمكن أن يقودها كما سوف يعمل العديدون وآخرهم ابن الكوكب يوم سقطت أورشليم سنة 132-135! هذا الشابّ هو سيِّد نفسه، ولا يسير وراء أحد، إلاَّ شخص يسوع المسيح. فهو يسير في موكبه عارفًا بمن وضع ثقته. »أنا عالم بمن آمنت وعارف أنَّه قادر أن يحفظ وديعتي إلى يوم ربِّنا«. أجل، ترك كلَّ الضمانات البشريَّة وما احتفظ إلاَّ بضمانة الصليب، ممّا يدلُّ على إيمانه العميق واستسلامه التامّ على ما نقرأ في الرسالة إلى رومة: من إيمان إلى إيمان. آمن الله به فآمن بالله. كان الله أمينًا لرسوله، فكان الرسول أمينًا لربِّه. لهذا هتف في الرسالة الأولى إلى كورنتوس: »فليعتبرنا الناس خدَّامًا للمسيح ووكلاء أسرار الله، وكلُّ ما يُطلَب من الوكلاء هو أن يكون كلُّ واحد منهم أمينًا« (1 كو 4: 1-2). ذاك هو بولس الذي تحوَّلت حياته كلُّها في الطريق إلى دمشق. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شاول ينال الصبغة المقدسة |
من يجتاز مدرسة الألم ينال بركات كثيرة. |
وزير التعليم على أوائل مدرسة ميت سلسيل |
وزير التعليم يعلن عن ملامح نظام التعليم الجديد |
من يجتاز مدرسة الألم ينال بركات تحمله وصبره |