رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من أروع قصص الشجاعة الملتحمة بالحكمة، موقف القديس يوحنا الذهبي الفم عام 387 م. حين فرض الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير ضريبة جديدة إضافية، لمواجهة الإنفاق على الاحتفال بمرور عشر سنوات على حكم الإمبراطور ثيؤدوسيوس وخمس سنوات على اشتراك ابنه الشاب أركاديوس معه في السلطة. ثار أهل أنطاكية، لأنهم يعلمون جشع جباة الضريبة وإساءة استخدام مثل هذا القرار، فقد هرب كثيرون إلى البراري من وجه جباة الضرائب. والتجأ الشعب إلى الحاكم الذي لم يكن ممكنًا أن يشفع عنهم لدى الإمبراطور خوفًا على مركزه. التجأوا إلى رئيس الأساقفة فلابيانوس (فلافيان)، لكن بسبب شيخوخته تهٌرب من الموقف. وسط جموع شعبية تضم من كل صنفٍ سرعان ما سرت صرخات لتثمر بينهم هياجًا فثورة. وفي لمح البصر, دون أي تفكير وبغير أي ضابطٍ، انطلق البعض يحطم تماثيل الإمبراطور والإمبراطورة وابنهما. ورموها في الأوحال والقاذورات. كل هذا تم في لحظات مملوءة ثورة حماسية تبعها هدوء حيث أفاقوا من سكرتهم وأحسوا ببشاعة جريمتهم, وباتوا خائفين يتوقعون مصيرهم ومصير مدينتهم من عقابٍ شديدٍ. فقد ارتبكت المدينة بأسرها, كبيرها مع صغيرها, ولم يعرف أحد ماذا يكون العمل. صدر الأمر بحرق المدينة بأسرها، لكن القديس يوحنا الكاهن حث رئيس الكهنة أن يقطع مسافة أكثر من ألف كيلومتر ليلتقي بالإمبراطور، ليحصل منه على العفو، كما فعل موسى النبي عندما شفع لدى الله (خر 32:32). سأله ألا يرجع بدون هذا العفو. غالبًا ما أعد له ما يتكلم به لدى الإمبراطور بروح التواضع، لكن بقوة وشجاعة. وقف الكاهن القديس يقول للشعب: "إن أسقفكم انطلق مثل شابٍ شجاعٍ كأن له جناحين... أنا متأكد من أن مجرد ظهور الأسقف أمام الإمبراطور التقي، سيهدئ ثورة غضبه علينا، لأن النعمة الإلهية تشع ليس فقط من كلام القديس، بل في وجهه أيضًا". بروح الشجاعة قال الأسقف للإمبراطور: "إن تاجك يا سيد روما والعالم هو رائع. وهو دليل استحقاقك، ولكنه يرمز إلى جود الذي نقله إليك. أما تاج إنسانيتك فيرجع الفضل فيه إلى حكمتك فقط. يُعجب الناس بالحجارة الكريمة اللامعة التي على جبينك، فكم يكون بالأكثر إعجابهم بالنصرة التي تحرزها على قلبك!" لقد أكّد له أنه إن عفا عن الأنطاكيين سينال مجدًا عظيمًا لا يمحوه مرور الأجيال، كما قال له: "ستنضم جماهير غفيرة إلى الدين المسيحي، إذ يقولون: انظروا إلى الديانة المسيحية، لقد أطفأت غضب إنسانٍ ليس له في العالم معادل". بلغ البطريرك أو أسقف إنطاكية القسطنطينية، فأسرع إلى البلاط الملكي بالرغم من شدة تعبه , والتقى الإمبراطور ليقول له: "إني لست رسولًا لشعب إنطاكية بل أيضًا سفير الله. جئت إليك باسمه أنبئك: إن غفرت للناس سيئاتهم وهفواتهم، يغفر لك أبوك السماوي سيئاتك وزلاتك... أذكر ذلك اليوم الرهيب حين نلتزم جميعًا بتقديم حساب عن أعمالنا... يمثل كل السفراء بين يديك ببهاء الذهب وكثرة الهدايا ووفرة المال, أما أنا فلا أقدم لك غير شريعة يسوع المسيح المقدسة, والمثال الذي أعطانا إياه على الصليب لكي نستحق غفران خطايانا..." امتلأ قلب الإمبراطور من مخافة الرب عند سماعه هذا الخطاب، فقال: "إن كان ربنا وسيدنا يسوع المسيح قد صار لأجلنا عبدًا، وأسلم ذاته للصليب، وإن كان قد سأل أباه المغفرة لصالبيه, فكيف أتجاسر مترددًا في المغفرة لأعدائي؟" |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صورة لأم النور | ياسيدة النقاء بتواضع سألمع تاجك |
سكافيل بايك |
منظر جميل و رائع للطبيعة الخلابة في سويسرا |
منظر جوي رائع لمدينة روما في إيطاليا |
تاجك هو عنوان رقتك في ليلة العمر |