رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حديث ختامي لم يكن سليمان يتطلع إلى نفسه بكونه ملكًا ورث العرش عن أبيه داود الملك العظيم، الذي أقام مملكة عظيمة وغلب أممًا كثيرة، لكنه حسب نفسه خادمًا لله. وها هو يطلب من كل الملوك الذين حوله، لا أن يركزوا أنظارهم على عروشهم وعظمتهم، بل على رسالتهم كخدام لملكوت الله، يحكمون بالصواب حسب فكر الله وحكمته، ويحفظون الشريعة كسائر الشعبٍ. تحذير نهائي للقادة 1 الْحِكْمَةُ خَيْرٌ مِنَ الْقُوَّةِ، وَالْحَكِيمُ أَفْضَلُ مِنَ الْجَبَّارِ. 2 وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُلُوكُ، فَاسْمَعُوا وَتَعَقَّلُوا، وَيَا قُضَاةَ أَقَاصِي الأَرْضِ، اتَّعِظُوا. 3 أَصْغُوا أَيُّهَا الْمُتَسَلِّطُونَ عَلَى الْجَمَاهِيرِ، الْمُفْتَخِرُونَ بِجُمُوعِ الأُمَمِ، 4 فَإِن سُلْطَانَكُمْ مِنَ الرَّبِّ، وَقُدْرَتَكُمْ مِنَ الْعَلِيِّ، الَّذِي سَيَفْحَصُ أَعْمَالَكُمْ، وَيَسْتَقْصِي نِيَّاتِكُمْ. 5 فَإِنَّكُمْ أَنْتُمُ الْخَادِمِينَ لِمُلْكِهِ، لَمْ تَحْكُمُوا حُكْمَ الْحَقِّ، وَلَمْ تَحْفَظُوا الشَّرِيعَةَ، وَلَمْ تَسِيرُوا بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ. 6 فَسَيَطْلُعُ عَلَيْكُمْ بَغْتَةً مَطْلَعًا مُخِيفًا، لأَنَّهُ سَيُمْضَى عَلَى الْحُكَّامِ قَضَاءٌ شَدِيدٌ. 7 فَإِنَّ الصَّغِيرَ أَهْلٌ لِلرَّحْمَةِ، أَمَّا أَرْبَابُ الْقُوَّةِ فَبِقُوَّةٍ يُفْحَصُونَ. 8 وَرَبُّ الْجَمِيعِ لاَ يَسْتَثْنِي أَحَدًا، وَلاَ يَهَابُ الْعَظَمَةَ، لأَنَّ الصَّغِيرَ وَالْعَظِيمَ كِلَيْهُمَا صُنْعُهُ عَلَى السَّوَاءِ، وَعِنَايَتُهُ تَعُمُّ الْجَمِيعَ. 9 لكِنَّ عَلَى الأَشِدَّاءِ امْتِحَانًا شَدِيدًا. 10 إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَوْجِيهُ كَلاَمِي، لِكَيْ تَتَعَلَّمُوا الْحِكْمَةَ وَلاَ تَسْقُطُوا. 11 فَإِن الَّذِينَ يَحْفَظُونَ بِقَدَاسَةٍ مَا هُوَ مُقَدَّسٌ يُقَدَّسُونَ، وَالَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ هذِهِ، يَجِدُونَ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ. 12 فَابْتَغُوا كَلاَمِي، وَاحْرِصُوا عَلَيْهِ فَتَتَأَدَّبُوا. فاسمعوا أيها المُلوك وافهموا! وتعلموا يا قُضاة أقاصي الأرض! [1] يعود سليمان فيؤكد أنه يوجه حديثه للملوك والقضاة وأصحاب السلطة والكرامات الزمنية، كما بدأ السفر. وكما قلنا في بداية السفر إن الحديث موجه إلى كل إنسانٍ، لأن الله خلق البشر ليكونوا ملوكًا وعظماء وأصحاب سلاطين. لم يخلق الإنسان ليكون عبدًا أو في مذلة، لكن بدخول البشرية في دائرة الخطية سقطت تحت قانونها الذي هو الاستغلال والاستبداد وتجاهل حقوق الغير وكرامتهم. فيليق بالمؤمن - أيا كان مركزه أو قدراته أو إمكانيته - أن يذكر ما خلقه الله عليه كصاحب سلطان، وأن يتطلع إلى كل بشرٍ، حتى وإن كان طفلًا صغيرًا أو مصابًا بعاهة ما، كشخصٍ له كرامته وتقديره حتى في عيني الله نفسه. |
|