رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل الإبن الضال الإبن الضال هذا المثل من أكثر الأمثال توضيحاً لرسالة السيد المسيح ، فهذا المثل يحكى عن كمال الحب فى المسيحية ، وهذا هو الفرق بين المسيحية وأى ديانة أخرى فى العالم ، هذا الإبن الضال طلب ميراثه من أبيه وهو لم يمُت بعد ،أراد أن يتمتع بشهواته ونزواته ، لم يعجبه أن يستمر فى بيت أبيه ، بل أراد أن يخرج للعالم ليتصرف مثلما يريد ،لينطلق ولتنفجر لديه كل طاقات الحرية التى يعرفها العالم ،وبالفعل أخذ نصيبه من أبيه ، وسافر بعيداً . أنا يارب أفعل كثيراً مثل هذا الإبن الضال ، أطلب ما قد لا يحق لى ، وأصر عليه ، وأغضب منك إن لم تعطنى إياه ، وإن أعطيتنى إياه ، أنفجر من الذى أظنه كبتاً ، وأفعل ما يحلو لى ، أنا أريد دائماً يارب أن أجرب كل شىء ،أريد أن أفعل ما يخطر على بالى ، أريد أن أنصرف لشهواتى ، وأطلق لها العنان بلا ضابط ولا رابط ، أنت أعطيتنى الحياة ، أعطيتنى أن أكون لك ، أعطيتنى كل شىء ، وكل ما أراه حولى هو ملكٌ لك ، لكن مع ذلك ، أتركك ، وأنصرف إلى كورة بعيدة ، أى شىء بعيد عنك ، هو لى ملذة وهدف أرضى ، لا حدود له هنا على الأرض ، عندما تنتهى أموالى ، أصبح أمام الناس بلا قيمة ، حقيراً ، منبوذاً ، لا أحد يرغب حتى أن ينظر إلىَّ ، بل قد أكون مضحكة للناس فى مجامعهم ، ومثالاً صارخاً للفشل لديهم ، فالمال هو الذى يتحكم فى عقول الناس ، وأفعالهم ، وأفكارهم ، فبالطبع صرف الإبن الضال أمواله بإسراف ، حتى أصبح بلا مال ، فترك الجميع الإبن الضال ، ونبذوه ، ليس ذلك فقط ، بل إزدادت الضيقة ، وحدث جوع شديد فى كل المنطقة ، فلم يجد حتى عملاً جيداً ليعمله ، وفى النهاية ، عمل فى رعاية الخنازير ، والتى يراها اليهود نجسة ، أى أن بداية النجاسة ستنتهى بالنجاسة ، وعاش فى حقارة وفقر مدقع ، حتى إنه كان يشتهى أن يأكل من خرنوب الخنازير ، فقط أن يظل حياً ، هذا فى النهاية ما وصل إليه إشتياقه هذا يارب ما أفعله كل يوم ، أتركك ، أبتعد عنك ، أنصرف لأهوائى ، وعندما يحطمنى الشيطان ، ويسلبنى إرادتى ، ويجعلنى ضحكاً وهزءاً لمن حولى ، يتركنى ضعيفاً ، ذليلاً ، لأنه إطمأن أنه لا يمكن أن أعود لك ثانيةً ، فأنا أشعر بالخجل منك ، والخزى ، والوهن ، كما أنى لا أقوى حتى على الوقوف أمامك ، إلى هنا والقصة عادية جداً ، وهذا ما أفعله باستمرار ، لكن لا أعرف ما أفعل بعد ذلك ، فكل ما أراه فى ذلك الحين أن هذه هى النهاية ، النهاية لى معك ، والنهاية لك معى ، لكن الإبن الضال قرر شيئاً آخراً رجع إلى نفسه آه يارب ، ما أصعب أن أقرر أن أرجع إلى نفسى ، فهذا يارب أصعب من أعقد المعارك الأرضية وأخطرها ، أن أرجع إلى نفسى ، أنا يارب لا أقوى أن أراجع نفسى ، فأنا لا شىء ، وخطاياى لا نهاية لها ، وتركتك منذ زمن بعيدٍ جداً ، ولا أعرف من أين أبدأ ، ولا أعرف كيف يمكن أن أغير نفسى ، ولا أعرف كيف يمكن أن تنظر حتى إلىَّ بعد كلما فعلت لك ، أنا أسوأ من أن أحدثك ، أحقر من أن تنظر إلىَّ ، أضعف من أن أنتصر على شهواتى ، أبعد من أن أُدعى لك إبناً ، لكن برغم كل ما فعل هذا الإبن ، عاد إلى نفسه ، وبدأ فى حساب نفسه ، لم ييأس ، لم يفكر فى توابع ما سيفعل ، فقد وجد أن هذا هو الحل الوحيد ، ولا بد أن يعود ، لابد أن يعود أقوم وأذهب إلى أبى ، لا يهمنى ما سيقوله خدام أبى عنى ، لا يهمنى ما سيفعله أبى فىَّ ،لا يهمنى ما سيقوله عنى أخى الأكبر الذى لم يفعل مع أبى مثلما فعلت ، لا يهمنى ما سأفعله فى بيت أبى إذا ما قبلنى ، فقط أقوم وأذهب إلى أبى ، وليحدث ما يحدث فأنا إلى الدمار كما أنا ، وإلى الموت لا مناص لو إستمررت فى خطيتى لا يوجد أسوأ مما أنا فيه ، ولا أخطر مما أنا فيه ، ولا أحقر مما أنا فيه أنا لدى أصدقائى الذين تركونى لا شىء ، أما لدى أبى ، أبى السماوى فأنا رائع جداً ، جميل جداً لدى إمكانيات جميلة لدى روحه الجميلة الروح القدس أنا أغلى ما لديه ، حتى لو كنت أرى أنى أرخص من على الأرض فأنا إبنه ، خاصته ، حبه الأبدى عشقه الذى وصل حتى الموت ، موت الصليب أنا كل شىء له فلا بد أن أعود وعندما أعود سيحتضننى ، سيرفعنى سيلبسنى حلة نقية جديدة سيعطينى خاتم الحب ، رباط الحب بينى وبين الله وسيرفعنى بحذاءٍ عن الأرضيات لأن هذا ما أصل إليه إن عدت إليه ، السماء كل مرة أعود لك يارب ترانى كنت ميتاً فعِشتُ وكنتُ ضالاً ، فوُجِدتُ |
|