رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"اسمعي هذا القول يا بقرات باشان التي في جبل السامرة، الظالمة المساكين، الساحقة البائسين، القائلة لسادتها: هات لنشرب" [1]. "باشان" اسم عبري يعني "أرض مستوية أو ممهَّدة"، كان يشير إلى نصف سبط منسَّى (تث 3: 13)، تقع في أرض كنعان شرقي الأردن بين جبل حرمون وجلعاد (عد 21: 33)، تربتها خصبة للغاية وماؤها غزير. ذُكرت في الكتاب المقدَّس حوالي 60 مرَّة. عُرفت بقطيعها (مز 22: 12؛ حز 39: 18)، الذي اتَّسم بالشحم الكثير (تث 32: 14)، واشتهرت بغابات البلُّوط الدائمة الخُضرة (إش 2: 13؛ حز 27: 6؛ زك 11: 2) حتى يومنا هذا. هنا يشبِّه الرب شعب بني إسرائيل ببقرات باشان السمينة والقويَّة، التي ترعى في مراع دسمة، وقد اتَّسمت بظلمها للمساكين وسحْقها للبائسين. لقد رعى أغنياء الشعب وأشرافه وسط غنى فاحش، مغتصبين كل شيء لحسابهم. وعِوض أن يغيثوا البائسين والمظلومين يستغلُّون فقرهم وبؤسهم وعجزهم ليسحقوهم بالأكثر بالظلم والاستبداد، فيزداد الغني في غناه، والفقير في فقره وبؤسه. هؤلاء الأغنياء يذهبون إلى السادة الظالمين مثلهم ويقولون: "هات لنشرب"، أي لنسكر معكم في ولائكم وننعم بالملذَّات والشهوات وسط سحق البائسين ودموع المظلومين، وكأنهم لا يجدون لذَّة في السكر إلاَّ بمزجها بالدموع وخلطها بالظلم. وكما يقول الحكيم: "ثم رجعت ورأيت كل المظالم التي تجري تحت الشمس، فهوذا دموع المظلومين ولا مُعزّ لهم، ومن يد ظالميهم قهر" (جا 1: 4). ويرى البعضأن بقرات باشان هنا ليست إلاَّ النساء الإسرائيليَّات اللواتي صِرن سمينات من كثرة الولائم، وحياة الترف الزائد وعنيفات، هؤلاء اللواتي يسكُنَّ في السامرة يطلبن من رجالهن، أي من سادتهن أو "بعولهن" أن يحقَّقوا لهُنَّ ما يطلبه البعل الأعظم. فإن كانت عبادة البعل تقوم أساسًا على السكر بصورة صارخة، لهذا فهؤلاء "البعول" يقدِّمن الشرب لنسائهن. وكأن بقرات باشان هن مسئولات بصورة رئيسيَّة عن الظلم الذي يقع على الفقراء والبائسين بسبب تحريضهن بعولهن على ذلك لتحقيق ملذَّاتهن الزائلة، خاصة السكر الدائم بغير انقطاع! |
|