ان الكتاب المقدس لم يدون به كل ما يتعلق بأمور العبادة وترتيبها , وانما ترك الرب ذلك للرسل , بعد ما علمهم - لمدة اربعين يوما بعد القيامة - عما يجب ان يفعلوه - أع 1 : 3 ..
وتستمد الكنيسة تعليمها من التقليد الرسولى , الذى اجمعت عليه الكنائس الشرقية والغربية والتقليدية , وسارت على تلك الطقوس الى الان " ولا سيما فى مصر " وقد شهد المؤرخ البرتستانتى " موسهيم " فى تاريخه الكنسى عن استخدام سر المعمودية وانه كان يمارس بطقس خاص "ص 57 " , كذلك اشار الى الطقس فى اعياد الفصح والعنصرة .. وسجل قيام المؤمنين بحمل الشموع فى ايديهم فى الكنيسة "ك3 ف 4 قسم 2 " ...
وبالاختصار فقد استمدت الكنيسة تعاليمها الطقسية من الآباء , وانتقلت الى الآجيال التالية , كما قال المرنم " اللهم بأذاننا قد سمعنا , اباؤنا اخبرونا بعمل عملته فى ايامهم منذ القدم " مز 44 : 1 ...
وقد سارت المسيحية سنوات - قبل كتابة الآناجيل - على التقليد الشفاهى , حيث وصلت كلمات المسيح للمؤمنين بالتلقين " الشفاهى " " 2 يو 12 , 2 تى 2 : 2 , اتى 6 :20 " , وقال القديس بولس " ماتعلمتوه - ورأيتموه فى - فهذا افعلوا " - فى 4 : 9 .. واشار القديس بطرس الى ضرورة التمسك بما قاله السابقون - 2 بط 3 : 2 .. وحذر القديس بولس المؤمنين لكى " يتجنبوا كل اخ يسلك بلا ترتيب طقسى وليس حسب التقليد الذى اخذه منا " 2 تس 3 : 6 ... وقد امتدحهم على تمسكهم بالتقاليد الرسولية " تحفظون التقاليد كما سلمتها اليكم " - 1 كو 11 : 7 ...
ويذكرنا القمص منقريوس عوض الله " منارة الاقداس فى شرح طقوس الكنيسة والقداس 1947 ج1 ص 14 - 15 " ان البروتستانت قد استبدلوا - فى الترجمة البيروتية الحالية - كلمة " التقاليد " بكلمة " التعليم " بينما كانت طبعة الكتاب المقدس - الخاصة بهم سنة 1680م - تذكر كلمة " التقاليد " Baradosis بدلا من كلمة " التعاليم didaskalia ولازالت الشواهد الموجودة " هوامش " الطبعة الحالية تذكر كلمة التقاليد ...
وقال العلامة اوريجانوس " اننى عرفت - من التقليد - الآناجيل الآربعة وانها وحدها " السليمة والقانونية " ... وقال القديس باسيليوس " اذا اهملت التقاليد غير المكتوبة لاصاب الاناجيل مضرة " لانها مكملة لها " ... وقال القديس اغسطينوس " انى ما كنت اؤمن بالآناجيل ان لم يقنعنى بذلك صوت الكنيسة الجامعة " اقوال الاباء الآوائل " ...
وقال القديس كبريانوس الشهيد " من التقاليد تعلمنا مزج الخمر بالماء " رسالة 63 فى القداس " .. وقال القديس باسيليوس " من التقليد تعلمنا تغطيس المعمد ثلاث مرات " ف 91 ... وقال القديس يوحنا ذهبى الفم " فى شرحه لرسالة كورنثوس الاولى 11 : 1 " ان الرسل لم يكتبوا كل شئ فى رسائلهم , بل انهم علموا بأشياء كثيرة غير مكتوبة , فيجب ان نصدق الامور الغير مدونة كلها , كما نصدق المدونة ...
من الجدير بالذكر ان المسيح هو صاحب الشريعة , ولكنه اكتفى بوضع مبادئها العامة وترك لرسله ان يبنوا على اساسها " 1 كو 3 : 10 - 11 " بارشاد الروح القدس " أع 15 : 28 " وهو ماحدث مثلا فى المجمع الرسولى الاول سنة 53 م واتفقوا على مبادئ كتابية وارسلوا بها منشورا عاما للكنائس "أع 15 : 25 - 30 " كما ارشدهم روح الله الى موضوع اختيار الشمامسة " أع 6 : 6 ...
ويعترض البعض بقول السيد المسيح " لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم ؟؟؟ " مت 15 : 3 ...
نجيب بأن المخلص لم يذم وصايا الكنيسة , ولا التقاليد الرسولية , انما يرفض التقاليد التى اخترعها اليهود بدون وحى الله , وضد ارادته الصالحة , مثل مخاصمة الوالدين والغسلات التى بلا مبرر , والامتناع تماما عن تناول بعض الآكلات " راجع متى 15 : 6 - 12 " وليس الصوم بعض الوقت عن الطعام الدسم ...
كذلك الاعتراض بأن موسى النبى قال " تث 4 : 2 " لا تزيدوا عن الكلام الذى انا اوصيكم يه ولا تنقصوا منه " ...
فلا علاقة له بالتقليد الروحى , وانما بالنهى عن اضافة او حذف او نص مقدس ...
* هذا ومن شروط التقليد الروحى السليم *
------------------------------------------------
أ- ان يكون موافقا للكتاب المقدس ...
ب- ان يكون هناك اجماع عليه من الكنائس الرسولية التقليدية ...
ج- أن يكون قديم العهد " من ايام الرسل والكنيسة الاولى " ...