v لا يمكن أن يُخفي نوره، ولا أن يبقى مجده بلا شاهد، ولا صلاحه لا يُتمتع به، أو أن يبقى كل ما يتعلق بالطبيعة الإلهية غير مُستخدم لصالح الإنسان كي يتمتع به ويشترك فيه. فإن كان الإنسان قد جاء إلى الوجود لهذا الغرض، أي ليشارك الله في صلاحه، فحتمًا في خلقته وُهب القدرة على التمتُّع بكل ما هو صالح. فتتمتع العين برؤية النور الحقيقي بمقتضى الشعاع المزروع فيها طبيعيًا، يجذب إليها ما هو مماثل له بقدرته الفطرية. بالمثل كان من الضروري وجود تماثل للطبيعة البشرية بالإلهية حتى يمكن خلال هذا التماثل أن تتلاحم مع ما هو متجانس معها. كان لابد للكائنات غير العاقلة سواء التي تعيش في الماء أو في الهواء أن يكون لها نظام يتكيف مع البيئة المحيطة بكل كائنٍ أن يجد عشيرته وما يتجانس معه، الواحد في الهواء، والآخر في الماء. هكذا لابد للإنسان الذي جاء إلى الوجود لكي يتمتَّع بصلاح الله أن يكون له شيء ما في طبيعته شبيه بما سيشارك فيه. لهذا تأهَّل الإنسان بالحياة والعقل والحكمة وكل صفات تليق بالله لكي خلال هذه كلها تنشأ فيه الرغبة نحو ما هو متجانس معه.