تقدير القادة وأصحاب الحرف
25 الْكَاتِبُ يَكْتَسِبُ الْحِكْمَةَ فِي أَوَانِ الْفَرَاغِ، وَالْقَلِيلُ الاِشْتِغَالِ يَحْصُلُ عَلَيْهَا. 26 كَيْفَ يَحْصُلُ عَلَى الْحِكْمَةِ الَّذِي يُمْسِكُ الْمِحْرَاثَ، وَيَفْتَخِرُ بِالْمِنْخَسِ، وَيَسُوقُ الْبَقَرَ، وَيَتَرَدَّدُ فِي أَعْمَالِهَا، وَحَدِيثُهُ فِي أَوْلاَدِ الثِّيرَانِ؟ 27 قَلْبُهُ فِي خُطْوطِ الْمِحْرَاثِ، وَسَهَرُهُ فِي تَسْمِينَ الْعِجَالِ. 28 كَذلِكَ كُلُّ صَانِعٍ وَمُهَنْدِسٍ مِمَّنْ يَقْضِي اللَّيْلَ كَالنَّهَارِ، وَالْحَافِرُونَ نُقُوشَ الْخَوَاتِمِ، الْجَاهِدُونَ فِي تَنْوِيعِ الأَشْكَالِ، الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ فِي تَمْثِيلِ الصُّورَةِ بِأَصْلِهَا، وَسَهَرُهُمْ فِي اسْتِكْمَالِ صَنْعَتِهِمْ. 29 وَكَذلِكَ الْحَدَّادُ الْجَالِسُ عِنْدَ السَّنْدَانِ، الْمُكِبُّ عَلَى صَوْغِ حَدِيدَةٍ ضَخْمَةٍ، يُصَلِّبُ وَهَجُ النَّارِ لَحَمَهُ، وَهُوَ يُكَافِحُ حَرَّ الْكِيرِ. 30 صَوْتُ الْمِطْرَقَةِ يَتَتَابَعُ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَعَيْنَاهُ إِلَى مِثَالِ الْمَصْنُوعِ. 31 قَلْبُهُ فِي إِتْمَامِ الْمَصْنُوعَاتِ، وَسَهَرُهُ فِي تَزْيِينِهَا إِلَى التَّمَامِ. 32 وَهكَذَا الْخَزَّافُ الْجَالِسُ عَلَى عَمَلِهِ، الْمُدِيرُ دُولاَبَهُ بِرِجْلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ مُهْتَمًّا بِعَمَلِهِ، وَيُحْصِي جَمِيعَ مَصْنُوعَاتِهِ. 33 بِذِرَاعِهِ يَعْرُكُ الطِّينَ، وَأَمَامَ قَدَمَيْهِ يَحْنِي قُوَّتَهُ. 34 قَلْبُهُ فِي إِتْقَانِ الدِّهَانِ، وَسَهَرُهُ فِي تَنْظِيفِ الأَتُونِ. 35 هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى أيْدِيهِمْ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ حَكِيمٌ فِي صِنَاعَتِهِ. 36 بِدُونِهِمْ لاَ تُعْمَرُ مَدِينَةٌ. 37 لاَ يَأْوُونَ الْمُدُنَ، وَلاَ يَتَمَشَّوْنَ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَمَاعَةَ، 38 وَلاَ يَجْلِسُونَ عَلَى مِنْبَرِ الْقَاضِي، وَلاَ يَفْقَهُونَ فُنُونَ الدَّعَاوِي، وَلاَ يَشْرَحُونَ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ، وَلاَ يَضْرِبُونَ الأَمْثَالَ. 39 لكِنَّهُمْ يُصْلِحُونَ الأَشْيَاءَ الدَّهْرِيَّةَ، وَدُعَاؤُهُمْ لأَجْلِ عَمَلِ صِنَاعَتِهِمْ، خِلاَفًا لِمَنْ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إِلَى التَّأَمُّلِ فِي شَرِيعَةِ الْعَلِيِّ.
مع دور القادة من بينهم الكتبة في تقدُّم المجتمع، يكرم ابن سيراخ أصحاب الحرف والمهارات اليدوية، لأن المجتمع يعتمد عليهم في التقدُّم والرخاء. يتحدَّث إلى الصناع والعاملين في تربية المواشي [25-26] والنجارين والنحاتين [27] والعاملين في المعادن [28] والعاملين في الفخار [29-30]. هؤلاء يقدمون المواد التي يستخدمها القادة والكتبة. لم يستخفّ ابن سيراخ بأي عملٍ في المجتمع.
إن كان اليهود يعفون الربانيين من بعض الأعمال والصناعات، فليس احتقارًا لهذه الأعمال، إنما لكي يتفرَّغوا للرعاية والخدمة والعبادة. لكن غالبًا ما يتعلَّم كل يهوديٍ مهما كان مركزه عملًا يدويًا يقوم به عند الضرورة. هذا واضح في حياة شاول الطرسوسي الفريسي، وأيضًا أكيلا وبريسكلا، فالكل كانوا صانعي خيام (1 كو 9: 4-11). وفي النظام الرهباني، العمل اليدوي إلزامي بالنسبة للجميع، حتى وإن كانوا رؤساء أديرة أو يقومون بعمل عقلي مثل التعليم.