تقدمة الحُبّ العملي: في تعليق للقديس يوحنا الذهبي الفم[14] على (مت 5: 23-24)، "فإن قدَّمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكَّرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك هناك قربانك قدَّام المذبح واذهب أولًا اصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقَدِّم قربانك"، يقول:
v أي صلاح هذا! يا للحُب الفائق المُعلَن للبشرية! من أجل حُبِّنا لقريبنا، لم يُعطِ أية أهمية للكرامة اللائقة به. فأي قول أكثر رقة من هذه الكلمات؟ إنه يقول: "أوقفوا الخدمة التي تقدِّمونها لي حتى يستمر حبكم. عندما تصطلح مع أخيك تقدِّم ذبيحة لي". نعم من أجل هذا لم يقل يسوع "بعد القربان" بل "قبل القربان". بالأحرى وتحديدًا، والقربان نفسه موجود هناك أمامك، يرسلك كي تصطلح مع أخيك... ما حافزه من هذا الأمر الفوري؟ يبدو لي في ذهنه غايتين يشير ويُهَيِّئ إليهما. أولًا يريد أن يعلن كم يرفع من قيمة المحبة ويحسبها أعظم ذبيحة، فلا يَقْبَل ذبيحة العبادة بدون ذبيحة الحُبّ. ثانيًا، يُعظِّم من ضرورة التصالح بدون أن يُفسِح المجال لعُذرٍ ما[15].