رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا تجعله يقف بجوارك، لئلا يقذف بك ويحتلّ مكانك. لا تُجلِسه عن يمينك، لئلا يطمع في كرسي كرامتك، عندئذٍ تفهم كلماتي أخيرًا، وتُنخس بالحزن بكلماتي [12]. أَشَق ما في هذا المرض (الحاسد) لا يوجد طبيب أو دواء يشفي هذا المريض، لأن الانشراح الوحيد الذي ينتظره هو خراب الذين يحسدهم. وليس لبغضه إلا أمر واحد، وهو أن يرى قريبه يتحوَّل من سعيد إلى شقي. حينئذ ينهض ويُظهر صداقة حالما يجده يذرف الدموع. إنّه لا يعرف أن يفرح مع الفرحين، بل أن يبكي فقط مع الباكين، وهو يأسف للكارثة التي حلَّت، لا عن شعور بالتعاطف، بل ليزيد من ثقل الألم بتذكيره ما فُقِد منه... كما أنّ النسور تحوم فوق المروج والأماكن الممتعة والمطيَّبة، ولا تنقض إلا على الجثث، كذلك الحاسد، فإنه لا يقدر أن يتوقَّف عند بهاء حياة وعظمة ما تمَّ من الأعمال، بل لا يرى في كل ذلك إلا الشوائب. وإذا اُرتُكب خطأ، وهو أمر يصعب تجنُّبه في المشاريع البشرية، فإنه يذيعه على الفور، وإليه يستند في تعريف كل إنسانٍ، وكأنه رسام هزلي لا يرى في صورة الإنسان إلا أنفًا مشوَّهًا، أو حدبة في الظهر، أو عيبًا طبيعيّا أو عرضيًا في الوجه. فضلًا عن ذلك، فإنه خبير في التشويهات الخداعة التي تمكن من الاستهزاء بالخير، والتشهير بالفضيلة عن طريق النقيض المشابه. فالشجاع يصبح المتهوِّر، والحكيم الغبي، والعادل القاسي القلب، والمقتصد البخيل. وبكلمة واحدة، تتحوَّل الفضائل، في نظره، إلى الرذائل التي تُناقِضها". |
|