يذكِّر صاحب الرِّسالة إلى العبرانيين المسيحيِّين أهمية التَّأديب "فمِن أَجْلِ التَّأديبِ تتَألَّمون، وإِنَّ اللهَ يُعامِلُكم مُعامَلَةَ البَنين، وأَيُّ ابنٍ لا يُؤَدِّبُه أَبوه؟"(عبرانِيين 12: 7-8)، وعلى ذلك ينبغي أن نتوقع التَّأديب، إذا كنَّا فاترين (رؤيا 3: 9). والتَّأديب يُعفينا من الإدانة بالهلاك، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "إِنَّ الرَّبَّ يَدينُنا لِيُؤدِّبَنا فلا يُحكَمَ علَينا مع العالَم"(1 قورنتس 11: 32)، وبعد أن نتألم، ننال في النِّهاية الفرح "إنَّ كُلَّ تَأديبٍ لا يَبْدو في وَقتِه باعِثًا على الفَرَح، بل على الغَمّ. غَيرَ أَنَّه يَعودُ بَعدَ ذلِكَ على الَّذينَ رَوَّضَهم بِثَمَرِ البِرِّ وما فيه مِن سَلام"(عبرانيين 12: 11).
يتوجب، أخيراً، على المؤمنين أن يمارسوا عمل التَّأديب الأخوي، طِبقًا لوصية الرَّبِّ يسوع "إذا خَطِئَ أَخوكَ، فَاذهَبْ إِليهِ وَانفَرِدْ بِه ووَبِّخْهُ. فإِذا سَمِعَ لَكَ، فقَد رَبِحتَ أَخاك"(متى 18: 15)، ذلك ما كان يفعله بولس الرَّسول بقوَّة، موبخًا ومُحذراً أولاده بلا انقطاع "أُريدُ أَن أَنصَحَكم نَصيحَتي لأَبنائِيَ الأَحِبَّاء" (1 قورنتس 4: 14). وما الوالدون بصدد تربية أبنائهم، إلاّ وكلاء عن الله المُربِّي الواحد، ولا ينبغي أن يغيظوا أولادهم، بل يؤنبوهم ويؤدِّبوهم على غرار أسلوب الله نفسه "وأَنتُم أَيُّها الآباء، لا تُغيظوا أَبناءَكم، بل رَبُّوهم بِتَأديبِ الرَّبِّ ونُصْحِه" (أفسس 6: 4). وهكذا إن التَّربية لن تكمل: إلاّ يوم تحفظ الشَّريعة في أعماق القلب: ولا يُعَلِّمُ بَعدُ كُلُّ واحِدٍ قَريبَه وكُلُّ واحِدٍ أَخاه قائِلاً: ((اِعرِفِ الرَّبّ))، لِأَنَّ جَميعَهم سيَعرِفوَنني مِن صَغيرِهم إلى كبيرِهم" (إرميا 31: 34).