18 - 05 - 2012, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
|
نفوس مضيئة في جو مظلم: 2) النعمة تعمل حقاً كانت الصورة قاتمة، يسيطر عليها سلطان الظلام. ولكن علي الرغم من كل هذا ظهرت نتائج واضحة لعمل النعمة في الناس. وكما قال الرسول: "حيث كثرت الخطية، أزدادت النعمة جداً" (رو5: 20). وهكذا وجدنا أضواء تظهر في هذا اليوم. بعضها كان مضيئاً حقاً، واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء حقاً واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء قليلاً ثم خبا واستلم لسلطان الظلام. والبعض أضاء ثم أخفاه الظلام ثم رجع لضيائه مرة أخرى، واستمر نوراً وتوهج.. أما هذا النوع الأخير، فيمثل القديس بطرس الرسول. كان هذا القديس في منتهى الحماس، عملت فيه النعمة بقوة في هذا اليوم. وقد تبع السيد المسيح حتي بعد القبض عليه. وظهر حماسه في أنه استل سيفه دفاعاً عن معلمه، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه.. حقاً أنها وسيلة خاطئة، وقد وبخه الرب عليها قائلاً له: رد سيفك إلي غمده. لأن من أخذ بالسيف، بالسيف يأخذ (مت 26: 52) ولكن علي الرغم من كل هذا، كانت الغيرة المقدسة موجودة، والشجاعة أيضاً كانت موجودة، وكذلك الإخلاص والوفاء. ولكن هذا كله لم يستمر. وسرعان ما ضعف بطرس، وجرفه الخوف، وأنكر ثلاث مرات أنه يعرف المسيح. وسب ولعن وجدف! ولو أن النعمة عادت وعملت فيه، فندم وبكي بكاء مراً. وبالتوبة أضاء ثم توهج فيما بعد، بعد حلول الروح القدس، ومن الذين عملت فيهم النعمة، ثم جرفهم التيار: بيلاطس. لا شك أن النعمة كانت تعمل أيضاً في بيلاطس البنطى. ولا شك أنه استجاب لها في بادئ الأمر. كان هناك صوت قوى في دخله يحذره، كي لا يقع في خطأ.. ولعل النعمة عملت أيضاً في إمرأة بيلاطس عن طريق أحد الأحلام. وهكذا أرسلت إلي زوجها تقول له "إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيراً في حلم من أجله" (مت 27: 19). ومن دلائل عمل النعمة في بيلاطس أنه قال عن السيد المسيح ثلاث مرات "لا أجد عله في هذا الإنسان" (لو 23). ويقول الكتاب في هذا "ودعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب، وقال لهم: قد قدمتم إلي هذا الإنسان كمن يفسد الشعب. وها أنا قد فحصت قدامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه، ولا هيرودس أيضاً، لآني أرسلتكم إليه. وها لا شئ يستحق الموت صنع منه. فأنا أؤبه وأطلقه" (لو 23: 13-16) (لو 23: 4) "وقال لهم ثالثة، فأي شر عمل هذا. إني لم أجد فيه علة للموت). وكان يريد أن يطلق يسوع بلاً من بارا باس (لو 23: 20) (يو 18: 39) وقد شهد بيلاطس عن الرب يسوع أنه بار. ولكن خوف بيلاطس علي وظيفته، غلب عليه، وكذلك رغبته في مجاملة اليهود. فلم يستمر في استجابته للنعمة. والنور الذي ظهر منه، عاد فخبا، واستسلم لسلطان الظلام. وهكذا أسلمهم الرب يسوع ليصلب. وفي محاولة يائسة لإرضاء ضميره، غسل يديه بماء وقال "إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24). وقد تذكر القديس بطرس محاولة بيلاطس لإطلاق المسيح، فقال لليهود بعد معجزة شفاء الأعرج).. يسوع الذي أسلمتموه. أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 13، 14). عمل النعمة في بيلاطس جعله يقتنع ببر الرب وبراءته، ويرغب في إطلاقه. ولكن بيلاطس لم يستجب طويلاً لعمل النعمة. أن عمل النعمة في إنسان، لا يرغب علي فعل الخير (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). إنما ينبغي أن يستجب لعمل النعمة، ويستمر في الاستجابة. ومثال بيلاطس واضحاً جداً. استطاعت النعمة أن تقود بيلاطس حينما كان مستجيباً لها. ولكنه لما فضل أن يستجب لها لرغباته الخاصة، تركته النعمة إلي حرية إرادته، ولم ترغمه علي عمل الخير. لأن نعمة الإرشاد، لا تلغي نعمة الحرية. مثال آخر لعمل النعمة، في يهوذا الاسخريوطى.. حتي يهوذا الخائن، لم يتركه النعمة، وظلت تعمل فيه، وأتت بنتائج عجيبة جداً. فشعر يهوذا بأنه قد أخطأ،، ووبخه ضميره، وأراد أن يصحح ما يستطيعه من أخطائه، فذهب إلي رؤساء الكهنة والشيوخ، وأرجع إليهم الثلاثين من الفضة، واعترف أمامهم بأنه قد أخطأ، فقال "أخطأت إذا أسلمت دماً بريئاً. وطرح الفضة في الهيكل وأنصرف (مت 27: 3-5). إلي هنا، كانت النعمة ناجحة في عملها، وكان يهوذا مستجيباً لها. ولكن نلاحظ أن يهوذا لم يتحرك ضميره إلا أخيراً.. بعد أن "أوثقوا المسيح ومضوا به ودفعوه إلي بيلاطس البنطى)، بعد هذا يقول الإنجيل "حينئذ لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين، ندم.." (مت 27: 1-3). "لما رأي أنه قد دين" وانتهي الأمر.. حينئذ ندم! لقد أحتمل ضميره الخائن أن يسلم. ولكن نتائج خيانته كان فوق الاحتمال، فاستجاب لتوبيخ النعمة، وندم.. ولكن الشيطان أنتهر فرصة الندم الشديد الذي اشتعل في ضمير يهوذا. وجعل شدة الندم تتحول إلي يأس، فمضي يهوذا وشنق نفسه. والنور الذي أضاءت به النعمة، قضي عليه سلطان الظلام.. |
||||
18 - 05 - 2012, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
† Admin Woman †
|
نفوس مضيئة في جو مظلم: 3) نفوس كانت مضيئة علي الرغم مما ظهر يوم الجمعة الكبيرة من خيانته وتأمر في جانب، وضعف وخوف وإنكار في جانب آخر. وعلي الرغم مما ظهرت به البشرية في قسوتها التي سيطر عليها سلطان الظلام، إلا أنه كانت توجد في هذا اليوم نفوس مضيئة، نذكرها بكل فخر في هذا اليوم ونحييها. تحيى أولاً أولئك الذين وقفوا إلي جوار الصليب مع السيد المسيح، وثبتوا معه إلي آخر لحظة في قصة الصلب. 1- نحيى القديسة العذراء مريم. 2- وأختها مريم زوجة كلوبا. 3- و القديس يوحنا الحبيب. 4- و القديسة مريم المجدلية. هؤلاء الذين رافقوا المسيح حتي الصليب، ولم يتخلوا عنه في أخرج أوقاته. لا خافوا من بيلاطس، ولا من هيرودس، ولا من حنان وقيافا، ولا من الجند، ولا من كل القوى الثائرة وجمهور الشعب الصاخب الذي قال أصلبه أصلبه.. يقول الإنجيل المقدس "وكانت واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه مريم زوجه كلوبا، ومريم المجدلية" (يو 19: 25" وقفت هؤلاء النسوة القديسات معه إلي جوار صليبه، وليحدث ما يحدث. وقفن معه في ألمه وضيقه وصلبه (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. ليس في وقت صنعه المعجزات، إنما في وقت ظن فيه الرومان واليهود أنه قد هزم، وأنه في ضعف، وأنه لم يستطيع أن يخلص نفسه، وأن المجتمع اليهودي قد استطاع أخيراً أن يتخلص منه.. وقف هؤلاء النسوة القديسات معه بكل القلب وكل الحب، ومعهن يوحنا الحبيب، في أثناء تعيير الناس له، واستهزائهم به واعتدائهم عليه، وفي أثناء تسميره علي الصلب. وكن معه في كل الآمة.. قلوباً مخلصة محبة إلي جواره.. لم يزعزع إخلاصها زوال مجده، أو ما يظنه اليهود من زوال مجده. أن حبه هو الذي يربطهم به، وليس المجد.. 5- وبالمثل نحيى باقي النسوة القديسات.. |
||||
18 - 05 - 2012, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
† Admin Woman †
|
نفوس مضيئة في جو مظلم: 4) الجموع التي تبعته من بعيد أولئك الذين قيل عنهم في الإنجيل "وتبعه جمهور كثير من الشعب، والنساء اللواتي كن يلطمن أيضاً وينحن عليه" (لو 23: 27) وأيضاً "وكان جميع معارفه ونساء كن قد تبعته من الجليل، واقفين من بعيد ينظرون ذلك" (لو 23: 49). وقد قال القديس متي الإنجيلي عن هؤلاء النسوة "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرون من بعيد، وهن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابني زبدي" (مت 27، 55، 56). وقد ذكرهن أيضاً مرقس الرسول (مر 15: 40، 41). نحيي كل هؤلاء النسوة فيما أظهرت النسوة فيما أظهرنه من حب ومن إخلاص، وفي كل خطوة خطونها وهن يتبعن المسيح. ونحيى أيضاً النسوة اللائى أخذن الأطياب وذهبن اللائي قبره. وهن يعرفن أنه مغضوب عليه من رؤساء الكنهة ومن الشيوخ ومن الكتبة والفريسيين، ومحكوم عليه من الدولة.. وبطرس نفسه خاف وأنكر أمام جارية. أما هؤلاء النسوة فأظهرن مشاعر الحب من نحوه في أحلك الأوقات، وليكن ما يكون. إن الحب إن كان عميقاً، لا يبالى بالخوف. وقد ظهر وفاء النسوة للسيد المسيح في الوقت الذي تخلي فيه الجميع عنه. تحية لكل واحدة منهن.. |
||||
18 - 05 - 2012, 06:29 PM | رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
† Admin Woman †
|
المسيح ملكاً يظن البعض أن أصلح صورة للسيد المسيح كملك، هي صورته وهو داخل أورشليم، والناس حوله بسعف النخل وأغصان الزيتون، يهتفون: أوصانا يا ابن داود.. ولكنني أرى أن أصلح صورة للمسيح كملك، هي صورته وهو مصلوب. ينطبق عليها قول الوحي في المزمور: "الرب ملك علي خشبة" (مز 95). ذلك لأنه علي الصليب، اشترانا بدمه (رؤ 5: 9) فصرنا ملكاً له. وهكذا ملك الرب علي العالم الذي اشتراه. وهكذا بدأت مملكة روحية للرب.. ونحن ننظر إلي هذا الملك الذي اشترانا، ونغنى له في يوم الجمعة الكبيرة لحن (بيك اثرونوس) أي "عرشك يا الله إلي دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك). نقول له: تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. واستله وانجح واملك" (مز 44) كيف ملك الرب علي خشبة؟ وما قصة هذا الملك؟.. الرب يملكنا منذ البدء، لأنه خلقنا وأوجدنا من العدم. ولكننا بالخطية انفصلنا عن ملكوت الله، وبالخطية ملك الموت علينا (رو 5: 17، 14). إذ صرنا تحت حكمة. السيد المسيح علي الصليب، بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، والسيد المسيح علي الصليب بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، ووهبنا الحياة، فصرنا له. يملك الخطية والموت، كان الشيطان أيضاً يملك. ولذلك تلقب في الإنجيل أكثر من مرة بأنه "رئيس هذا العالم" (يو 12: 31). أى العالم الذي تحت الخطية الموت.. و بالصليب، استطاع المسيح أن يقضي علي المملكة الشيطان، وكذلك بالصليب داس الموت، ودفع ثمن الخطية.. وإذا بالرب يقول عن الشيطان "رئيس هذا العالم قد دين" (يو 16: 14) ويقول أيضا "رأيت الشيطان ساقطاً مثل برق من السماء" (لو 10: 18).. أن السيد المسيح قد هزم الشيطان في كل تجاربه وكل حروبه، ولكنه بالصليب قضى علي ملكه. كل ما اقتناه الشيطان خلال آلاف السنين، أفقده المسيح إياه علي الصليب، لما افتدى الناس من خطاياهم. لذلك فإن الشيطان يخاف الصليب الذي يذكره بهزيمته (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ولهذا كان لعلامة الصليب سلطان علي الشيطان.. علي الصليب تم الفداء الذي ضيع مملكته، وأن كان هذا الفادي هو أبن الله الذي يقدم كفارة غير محدودة، تكفي لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور. لذلك صرخ الشيطان - علي أفواه تابعيه - بعبارته المشهورة: "إن كنت أبن الله، إنزل من علي الصليب" (مت 27: 40؛ مر 15: 30) إنزل من علي الصليب، لكي لا يتم الفداء، ولكي لا تتأسس المملكة الروحية وتضيع مملكة الشيطان.. وسكت المسيح. لأنها عبارة لا تستحق الرد. فهو، لأنه أبن الله، صعد علي الصليب، وملك. اللص علي الصليب، اعترف بملكوت المسيح.. فقال "اذكرني يا رب متي جئت في ملكوتك". ولعله كان يقصد الملكوت الآتي، الذي يأتي فيه المسيح علي الصليب، لكي يجمع مختار يه ويأخذهم إلي مملكته السمائية. ولكن السيد المسيح في ملكوته السمائي الأبدي، فهناك مملكة قد تأسست اليوم علي الصليب. وبدلاً من عبارة (متي جئت) قال له (اليوم) تكون معي، أبشر، فاليوم قد بدأت مملكة المسيح، أيها اللص الطوباوي. وقد تقلد سيفه علي فخذه، وقيد الشيطان ألف سنة. وسقط الشيطان مثل برق من السماء المسيح علي الصليب أكثر جمالاً وجلالاً من كل أصحاب التيجان، نغني له ونقول (في آخر مزامير الساعة السادسة الخاصة بصلبه": الرب قد ملك ولبس الجلال (مز192) أما المملكة التي أرادها له اليهود يوم أحد الشعانين، فقد رفضها الرب وقال "مملكتي التي أرادها له اليهود يوم أحد الشعانين، فقد رفضها الرب وقال "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو 18: 36). إنه علي الصليب أسس مملكته الروحية. وحينما نقول له استقامة هو قضيب ملكك" نقصد أنه ملك بكل استقامة، بكل عدل، بدفع ثمن الخطية ووفاء العدل الإلهي تماماً مبارك الرب في ملكه. |
||||
18 - 05 - 2012, 06:30 PM | رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
† Admin Woman †
|
حول آلام المسيح
الرب الذي لا تتفق طبيعته الإلهية مع الألم، أخذ له طبيعة بشرية مثلنا، قابلة للألم. وتألم عنا، لكي يعرف عنا الآلام. هذا المتواضع الوديع، أسلم ذاته للمتكبرين، فتعجرف عليه هؤلاء القساة.. بذل ظهره للجالدين، وخده للناتفين (أش 50: 6). خداه لم يمنعهما عن الطم، ولم يرد وجهه عن خزى البصاق! وتحمل كل هذا من التراب والرماد، من الإنسان الضعيف الذي لو تخلت عنه رحمة الله لحظة لفنى وضاع.. وجهت إليه إتهامات باطلة، ولكنه لم يدافع عن نفسه. ولو دافع، لأمكنه أن يدحض كل تهمة ويتبرأ. ولكن بذلك ندان نحن. ففضل أن يحمل الدينونة عنا، ويصير هو مذنباً لكي يتبرر نحن. ويحكم عليه بالموت، لكي يحكم لنا بالحياة.. ولم يدافع عن نفسه، لأنه تجسد لكي يبذل نفسه، ولكي يوفي للعدل الإلهي حقه عن خطايانا. وخطايانا ما كانت تحتاج إلي دفاع، بل تحتاج إلي فداء. تحتاج إلي ذبيحة تموت عنها، إلي كفارة، إلي نفس بارة تموت عن نفس آثمة. نفس تؤخذ عوضاً عن نفس الدفاع الوحيد الذي يدافع به، هو أن يقدم ثمن الخطية. أي أنه يقدم دمه الطاهر ليسفك عن كثيرين لمغفرة الخطايا. فيتنسم الآب من ذبيحته رائحة الرضا، ويقول للبشر: لما أرى الدم أعبر عنكم" (خر 12: 13). دفاع المسيح ليس هو دفاعاً عن نفسه، إنما دفاع عنا. وهو دفاع ليس بالكلام ولا باللسان، إنما هو بالعمل والحق بإرضاء العدل الإلهي.. بالموت عنا.. وفي بستان جثسيمانى، أستعد المسيح ليحمل خطايا العالم كله. ووقفت أمامه كل خطايا البشر في كل الدهور، بكل ما فيها من بشاعة ونجاسة.. كانت كأساً مملوءاً بالمرارة. وقال الرب: نفسي حزينة جداً حتي الموت (مت 26: 38). كان حزينا علي البشرية التي وصلت إلي هذا المستوى الحقير، وفقدت الصورة الإلهية التي خلقت علي شبهها ومثالها. عجيب أن الرب الذي هو مصدر كل تعزية وفرح، ويقول "نفسي حزينة حتي الموت).. ذلك لأنه كان أمامه كل الصور البشعة لخطايا الناس، الظاهرة والخفية، مع كل صور أفكارهم الداخلية ومشاعر قلوبهم، وما يتصورون ارتكابه من خطايا.. كيف ينحنى القدوس، ليحمل كل هذه النجاسة؟! يا أبتاه، إن شئت أن تعبر هذه الكأس، وإلا فلتكن مشيئتك.. (مت 26: 42). قد يستنكف بار من النظر إلي صورة خطية نجسة، فكم بالأولي القدوس الكلي القداسة وهو ينظر إلي كل النجاسات مجتمعة، ثم يحملها كأثيم، نيابة عن جميع فاعليها، ليموت عنا.. ويقف ليحتمل كل غضب الآب وكل قصاصه.. يا أخوتي، لا تظنوا أن آلام المسيح، كانت هي آلام الجسد فقط، إنما هناك أيضاً آلام النفس والروح.. آلام الجسد كانت تتمثل في الجلد والشوك والمسامير والصلب، وأيضاً في الضرب واللطم وحمل الصليب والوقوع تحته، ومشقته الطريق، والعطش الشديد وما إلي ذلك. ولكن كانت هناك آلام أخري، من نوع آخر، عبر عنها بقوله "نفسي حزينة جداً حتي الموت) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. آلام الحزن علي البشرية الساقطة،ولآلام التي صادفها من خيانة الناس وغدرهم وقسوتهم، وآلامه من جهة هذا الشعب المخدوع، الذي يهتف في جهل أصلبه أصلبه.. حقاً أنها لا يدرون ماذا يفعلون. وهناك أيضاً آلام المسيح من جهة تلاميذه الذين ملكهم الخوف والشك فهربوا واختبأوا، وترصد بها رؤساء اليهود ليفتكوا بهم.. كل هذا والسيد الرب في بستان، وهو "عالم بأن ساعته قد جاءت" (يو 13: 1)، "وهو عالم بكل ما يأتي عليه" (يو 18: 4)، وهو يصارع حتي صارت قطرات عرقه كقطرات دم. ومع ذلك فقد داس المعصرة وحده (أش 63: 3). حتي تلاميذه، تركوه في هذه الساعة الحرجة، ولم يستطيعوا أن يسهروا معه ساعة واحدة، علي الرغم من طلبه ذلك منهم ثلاث مرات، وقوله لهم "اسهروا وصلوا لئلا تقعوا في تجربة" (مت 26: 41). إني أريدكم أن تسهروا من أجل أنفسكم، وليس من أجلي. اسهروا، لا لكي تسندوني في وقت ضيقتي، وإنما اسهروا لأجل أنفسكم لكي لا تقعوا في تجربه، لأن عدوى قد أقترب، والظلمة زاحفة بكل سلطانها، والشيطان مزمع أن يغربلكم. والمقصود ليس فقط أن يضرب الراعي، إنما لمقصود أيضاً أن تتبدد الرعية. أسهر يا بطرس قبل أن يصيح الديك. أسهر مع الرب، وصارع في الصلاة أيضاً، لكي تدخل إلي التجربة وأنت محصن. ربما يا بطرس لو كنت سهرت، ما كنت أنكرت..! ولكن "العين الثقيلة" لا تبصر التجربة المقبلة ولا تستعد لها. هل الشخص الذي يقول لمعلمه "أضع نفسي عنك" (ولو أدي الأمر أن أموت معك). هل مع هذا الكلام، لا يستطيع أن يسهروا معه، ولا ساعة واحدة! إن كنت لا تستطيع أن تسهر معه، فكيف يمكنك أن تموت معه؟! إنتبه إذن إلي نفسك واستعد.. ما أقسى التجربة حينما تأتي لأناس، فتجهم نياماً، وأعينهم ثقيلة! لهذا كان الرب متألماً لأجل تلاميذه.. ومع ذلك أن كنتم لا تستطيعون، ناموا الآن واستريحوا. أنا الذي سوف أسهر عنكم. فأنا لا أنعس ولا أنام مثلكم، لأني ساهر علي خلاصكم. كان السيد المسيح يحمل آلام جسده، وآلام نفسه، وآلام الناس، وألم خطايا البشر كلها. ولعل الخطية كانت أثقل ما حمله المسيح لأجلنا. فالذي بلا خطية وحده"ملنا كل واحد إلي طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53). ولعله بسبب هذه الخطايا، عبر عن أعظم آلم مر به بقوله للآب "لماذا تركتني).. أي تركه للعدل يحتمل كل قصاصه الواقع علي البشر منذ آدم. أن كانت التوبة سبب فرح السماء، فماذا عن الخطية؟ يقول الكتاب إنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب. إذن علي القياس يكون حزن علي من يسقط. فكم وكم كان حزن المسيح إذن لا بسبب سقطة إنسان، إنما بسبب كل سقطة لكل إنسان.. بما يحمل ذلك من ملايين الملايين للصورة الكئيبة التي وقفت أمام الرب، ليحملها وينوب فيها عن الكل ومن النجاسات التي يحملها الرب، خطايانا نحن الخاصة.. إن كل خطية، لكل واحد منا، كانت قطرة مرارة في الكأس المر الذي كان لابد للرب أن يشربه.. ولو لا أن الرب قد حمل خطايانا هذه ليمحوها بدمه، ما كان يمكن أن يغفر لنا.. إذن فنحن قد آلمنا الرب وكنا جزءاً من آلامه يوم الجمعة الكبيرة. لهذا ففي كل خطية نرتكبها ليس غريباً أن نقول له: لك وحدك والشر قدامك صنعت إن كنا قد آلمناك يا رب، فلا تسمح أن نتسبب في ألمك مرة أخري. ولا تسمح أن نضيف إلي كأسك قطرات مرة أخري. أنضح علينا بز وفاك فنظهر. واغسلنا فنبيض أكثر من الثلج. وليكن فرحك بخلاصنا، أكثر من ألمك بسبب خطايانا . </b></i> |
||||
18 - 05 - 2012, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
† Admin Woman †
|
القيم الروحية في عيد القيامة يعود علينا عيد القيامة في كل عام، فيُذكّرنا بأحداث تُبهج القلوب وتُعزّي النفوس، وها نحن نتساءل: كيف سقط الموت مستصغراً عند قبر مخلصنا ؟ كيف عُتقنا من عبودية الخطية ؟ كيف ضعُفتْ مملكة إبليس وأُنقذنا من أسره ؟ أسئلة كثيرة ما كان ممكناً أن نجد لها إجابات مقنعة لولا أن قام المسيح ! كسر شوكة الموت بقيامة المسيح انكسرتْ شوكة الموت وأُبطل سلطانه، فلم يعد بالشيء المُخيف كما كان بل صار شهوة المؤمنين " لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً " (فى23:1)، كما صار ربحاً كقول مُعلّمنا القديس بولس الرسول: " لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ " (فى21:1). لقد سقط الموت تحت قدمَي مخلصنا، ففقد هيبته، وضعُف سلطانه، فلم نعد نخشاه لأنَّ يسوع نزع شوكته السامة المُميتة، فمات به ولكنَّه قام منتصراً عليه! ألم يقل معلمنا يوحنا الحبيب " وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّار؟ ِ" (رؤ14:20)، وهكذا سيمسح الله كل دمعة من عيون المؤمنين " وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ " (رؤ4:21). لا نُنكر أننا جميعاً سنموت، وسوف تأكل أجسادنا الديدان، ولكن كما وُجد قبرُ يسوع فارغ، هكذا أيضاً ستفرغ كل قبور المؤمنين، بقيامتهم من بين الأموات، وهل يمكن أن تُسلّم القبور ما استولتْ عليه من جثث لو لم يقم المسيح؟! أعتقد لو أنَّ القبر استطاع أن يضم جسد ابن الله، لباقي الأجساد الميتة لفقدت المسيحية قوتها في مهدها، ولم يبقَ لها أثر في الوجود، ولكنَّ المسيح قد نزل إلى القبر لا ليُدفن مثل الموتى فقط، بل ليدفن الموت أيضاً! قال أحد الآباء: إننا كطيور قد حبسنا الموت في فخه المخيف، ولكن هذا الفخ حطّمه مُخلّصنا أولاً وطار منه بعد قيامته، وأصبح الفخ مكسوراً، وإن كنا نجتاز فيه إلاَّ أنَّه ليس له باب يحبسنا، ولهذا نهتف مع داود النبيّ قائلين: " نَجَتْ أَنْفُسُنَا مِثْلَ الْعُصْفُورِ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِينَ، الْفَخُّ انْكَسَرَ وَنَحْنُ نَجونا، عَوْنُنَا بِاسْمِ الرَّبِّ الصَّانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ " (مز7:124). نعم لقد نجونا ولم نعد بعد أسرى أذلاّء! وإن كنَّا نقع كأموات إلاَّ أننا ننهض أحياء، وإن كان يُغلق علينا في قبر مظلم، إلاَّ أنَّ المسيح بسلطانه يُقيمُنا، وبنور قيامته يُضيء علينا، والآن بعد أن قام المسيح منتصراً على الموت، كاسراً شوكته، هازماً سلطانه، أصبح الموت أشبه بمركبة سخّرها ابن الله لتحمل أولاده، من أرض الشقاء إلى أرض الراحة. التحرر من عبودية الخطية إنَّ كل مُن يرجع إلى التاريخ القديم، يعرف أنَّ الخطية كانت هى السبب في كل المصائب التى قد حلّتْ على العالم.. فهى التى أفسدتْ آدم وطردتْه من الجنَّة، وجعلتْه يشعر بعُريه وملأتْ قلبه بالخوف.. وجعلتْ قايين يخرج هائماً على وجهه، هارباً من مكان إلى آخَر وقلبه مضطرباً، خوفاً من أن يحصد ما زرعته يداه لقتله أخاه البار هابيل.. لولا الخطية ما أغرق الله العالم القديم بماء الطوفان، ولا أنزل ناراً وكبريتاً من السماء لكي تحرق سدوم وعمورة، ولولاها ما سقط شمشون الجبار النذير لله من بطن أُمه.. ولا سقط داود رجل الصلاة والمزاميرفي الزنى، ولا بخَّر سليمان الحكيم للأوثان.. الخطية هى التى جعلتْ هيروديا تطلب رأس يوحنا المعمدان، وعندما أحبَّها يهوذا أسلم سيده إلى الأثمة، لأنًّه لمَّا اشتهى المال أضاع الحياة، وماذا أعطاه حُب المال؟ لم يُعطهِ سوى ثلاثين من الفضة ثمن حبل المشنقة الذي شنق به نفسه! لقد صيّرتْنا الخطية عبيداً بعد أن كنَّا أحراراً، قيَّدتْنا بعد أن كنَّا معتوقين، أفنتْ شجاعتنا، أضعفتْ قوتنا، فصرنا نخشى الحيوانات التي كنَّا أسياداً عليها، ملأتْنا من كل شهوة ردية، فصرنا محبين للخلاعة، نلهث وراء اللذة الممنوعة، صارتْ كسيف حاد فصلتْ الإنسان عن خالقه، وكحجاب أسود حجبتْ عنَّا نور شمس البر فصرنا " نَتَلَمَّسُ الْحَائِطَ كَعُمْيٍ وَكَالَّذِي بِلاَ أَعْيُنٍ نَتَجَسَّسُ، قَدْ عَثَرْنَا فِي الظُّهْرِ كَما فِي الْعَتَمةِ " (إش10:59). إلى أن جاء ابن الإنسان وحمل خطايا البشرية في جسده المقدس، وحرقها على مذبح الصليب بنار الغضب الإلهيّ، وعندما نزل إلى القبر دفنها معه، ولكنَّه عندما قام خرج من القبر تاركاً إياها في أعماق الهاوية. لقد قام المسيح وأصبحنا أحراراً، الأمر الذي جعل مُعلّمنا بولس الرسول أن يُقدّم الشكر لله قائلاً: " فَشُكْراً لِلَّهِ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيداً لِلْخَطِيَّةِ وَلَكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا، وَإِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيداً لِلْبِرِّ" (رو18،17:6)، ويوضّح كيفية هـذا التحرر فيقول: " لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ " (1كو22:7). أمَّا العِتق فيتم عن طريق شراء المؤمنين بثمن، تُرى ما هو هذا الثمن؟ إنَّه دم ابن الله المسفوك على الصليب! الذى أشار إليه معلمنا بطرس الرسول بقوله: " عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ دَمِ الْمَسِيحِ " (1بط1: 19,18). وبما أنَّ " نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ " (رو2:8)، فنحن إذن مطالبون بأن نمجد اللهَ فِي أَجْسَادِنا وَفِي أَرْوَاحِنا الَّتِي هِيَ لِلَّهِ (1كو20:6)، ويجب أن " نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ " (رو6:7). ويُحذرنا معلمنا بطرس الرسول، من أن نستخدم ما نلناه من حرية ستراً للشر، فيقول: " لأَنَّ هَكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ " (1بط2: 15, 16). أمَّا ثمار التحرر فيوضَّحه مُعلّمنا بولس الرسول بقوله " وَأَمَّا الآنَ إِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ وَصِرْتُمْ عَبِيداً لِلَّهِ، فَلَكُمْ ثَمَرُكُمْ لِلْقَدَاسَةِ وَالنِّهَايَةُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ " (رو22:6). إثبات لاهوت السيد المسيح ليس للبشر عدو أقوى من إبليس، فهو الذى استطاع بمكره أن يُسقط آدم وحواء، ولم يفلت من قبضته أحد قط، فالجميع قد صاروا تحت أسره! ولهذا دُعِيَ " إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ " (2كو4:4)، وهو الذى حرَّك أنصاره الأشرار، فصلبوا المسيح، وقد ظن أنَّه بذلك قضى عليه، لكنَّه لم يكن يعرف حكمة الله من تجسد ابنه ثم موته وقيامته! فالسيد المسيح قد ظهر في الجسد " لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ " (1يو8:3)، ومات على الصليب " لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَـوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ " (عب14:3)، وبقيامته قد " طُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ.. إِلَى الأَرْضِ وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ " (رؤ12: 9). وهكذا انتصر رب المجد يسوع بقيامته على الشيطان انتصاراً ساحقاً، فبدَّد سلطانه، وأضعف مملكته، وأنقذنا من أسره.. أمَّا انتصاره فهو انتصار لكل المؤمنين، الآن يستطيع كل إنسان أن يُحاربه ولكن بسلاح الله الكامل، ويُطفيء سهامه بتُرس الإيمان.. فإن كان الشيطان هُزم، فلا عجب أن نرى القديس بولس الرسول يقول لأهل رومية " وَإِلَهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعاً " (رو20:16). إنَّ قيامة المسيح هى أعظم دليل، يؤكد لنا أنَّ السيد المسيح هو " اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ " (1تي16:3)، لأنَّه قام من ذاته بقوة اللاهوت المتَّحد بناسوته! كل الذين قاموا قبل المسيح أقامهم غيرهم: فابن أرملة صرفة صيدا أقامه إيليا النبيّ (1مل22:17)، وابن المرأة الشونمية أقامه أليشع النبيّ (2مل36)، أمَّا لعازر وابنة يايرس وابن أرملة نايين فأقامهم السيد المسيح. يقول القديس ساويرس الأنطاكيّ: " إنَّ القيامة قوة كانت في السيد المسيح قبل قيامته، وجسده المقدس كان يحمل هذه القوة لأنَّه لم يرَ فساداً، وأنَّ نفسه كانت فيها قوة القيامة، إذ نزلتْ إلى الهاوية وصعدتْ منها ". تأكيد عقيدة الخلود إننا عندما نتساءل عن معنى الموت، فإننا في الحقيقة إنَّما نتساءل عن معنى الحياة ومصير الإنسان.. وهكذا نتساءل: هذه الحياة ما معناها؟ هذا الوجود ما هدفه؟ هذه الرحلة أين تمضي؟ لماذا خُلقنا؟ هل حياتنا مجـرد نور لا يكاد يُضيء حتى ينطفيّ ؟ أو لحن ما يكاد يشجينا حتى ينقطع ؟ أعتقد أنَّ الخلود هو أمل الإنسان في الحياة، فأنا أحيا على أمل ما سأكون، وبقيامة السيد المسيح قد صار واضحاً أنَّ الروح لا تفنى ولا تموت. لو لم تكن هناك حياة بعد الموت، فما الداعي لأنْ يتجسّد المسيح؟ ولماذا يموت؟ بل لماذا نجاهد ضد الخطية ونقاوم شهوات الجسد؟ ولماذا نحتمل ونصبر على كل ما يُصادفنا من تجارب؟ لولا القيامة لقلنا مع الأبيقوريين: لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت! عن هذا الخلود تساءل أيوب الصديق قائلاً: " إِنْ مَاتَ رَجُلٌ أَفَيَحْيَا ؟ " (أى14: 14)، فجاء المسيح وقال: " مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا " (يو11: 25). إنَّ قضية الموت شغلتْ، ولازالتْ حتى الآن تشغل عقول كثيرين، من فلاسفة وعلماء ومفكرين، وأكثرهم يتساءلون: لماذا الموت؟ موت كل واحد منَّا، وموت الذين نُحبَّهم؟ ما مصير الجسد الذي سنلبسه، والكون الذي نحيا فيه؟ ما مصير كل واحد منَّا؟ ما علاقة هذه الحياة بالموت وما بعد الموت؟ ومن ثَمَّ ما قيمة العمل في هذه الحياة؟ لماذا البناء والسعي وراء مجتمع أفضل.. إن كان الموت سيقضي على كل ما في الحياة ؟! على هذه الأسئلة وغيرها أجاب المسيح بقيامته وبقوله " أنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ " (يو11: 25)، لأنَّه إن كان المسيح قد قام منتصراً، فواضح أنَّ مصير كل من يؤمن به الحياة لا الموت، والجسد الفاسد سيتغير لنلبس جسداً ممجداً غير قابل للفساد! وأعمال الإنسان ليست للعدم، بل كما قال يوحنَّا الحبيب " وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ " (رؤ14: 13). عن كتاب عيد القيامة - للراهب كاراس المحرقى |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موضوع متكامل عن يسوع المسيح |
موضوع متكامل عن ميلاد يسوع المسيح |
قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013 |
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر |
موضوع متكامل عن ميلاد يسوع المسيح |