![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الشهيد العظيم مرقوريوس أبى سيفين عذابات القديس السجن وتقوية الرب له ثارت ثائرة الملك حينذاك وأمر بحبسه في السجن في الحال . فتهلل القديس لهذا الخبر إذ حُسب أهلاً أن يسجن على أسم المسيح .. وكان يبلغ من العمر وقتذاك خمس وعشرين عاما.. وأخذ يصلي ويرنم ويسبح كما فعل معلمنا بولس... وبينما هو كذلك إذا بملاك الرب قد ظهر له يشجعه قائلاً:- يا مرقوريوس حبيب المسيح تقو ولا تخف من عذاب هذا الكافر داكيوس ، فسيقويك السيد المسيح على احتمال العذابات فلا تخف أن تفضح نجاسات عبادة الأوثان وأن تُعلن الإيمان المسيحي القويم ... فلا تخف ممن يقتل الجسد وليس له بعد أن يفعل أكثر ، لكن أبين لك ممن تخاف ... خف ممن إذا قتل له قدرة أن يلقي في جهنم .. تشدد يا مرقوريوس فإنك إناء مختار للرب يسوع. ثم مضى عنه الملاك بعد أن ترك بردا وسلاما في قلبه فواصل في حماس شديد صلاته طوال الليل ثم نام بعض الوقت وهو قرير العين مستريح البال. وفي الصباح انعقد مجلس الإمبراطور داكيوس في القصر لينظر في أمر القديس وأرسل في طلبه . القديس يجاهر بإيمانه وصل القديس إلى مجلس الإمبراطور الذي أخذ يلاطفه لعله ينثني عن عزمه ويبخر للآلهة ، وكان يوضح له خطورة عصيان أوامره وكان يحايله بالوعد تارة ويرهبه بالوعيد تارة أخرى فكان القديس يجيبه بشجاعة قائلاً:- إنني لا أخشى العذاب .. ولا أهاب الموت .. لأن المسيح ربنا أوصانا أن لا نخاف من الذين يقتلون الجسد وليس لهم بعد ذلك ما يفعلون بل نخاف بالأحرى من الذي له السلطان أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم .. فأنت أيها الملك ليس لك سلطان إلا على جسدي فقط فإفعل به ما شئت . وبالرغم من صراحة الجواب فإن الملك لم يقطع الرجاء فيه بل أخذ ينصحه ويلاطفه بالأكثر قائلاً:- اذهب يا مرقوريوس وأرفع البخور للآلهة الكرام لتحيا نفسك ، وسأجعلك ثاني المملكة . فأجابه القديس :- يا سيدي الملك إن آلهتك هي التي قال عنها معلمنا داود النبي في المزمور " أصنامهم فضة وذهب عمل أيدي الناس لها أفواه ولا تتكلم ولها أعين ولا تبصر ، ولها آذان ولا تسمع .. مثلها يكون صانعوها بل كل من يتكل عليها " ( مز ١١٥: ٥ ) . فأجابه الملك: يا مرقوريوس أعلم أنني أحبك لذلك أكرر عليك الكلام بأن تذهب وترفع البخور للآلهة فتحيا نفسك . أخيرا أجاب القديس :- يا سيدي الملك لقد قلت أني لن أسمع لقولك هذا .. فلا تتعب نفسك وتكرر عليّ الطلب فإني أشفق عليك لأني أرى أن الشيطان قد أطغاك وأظلم قلبك حتى أنك لم تعد تفهم كلامي .. وها أنا مستعد الآن ليس أن أتألم فقط بل لأن أموت أيضا على أسم المسيح فكل ما تريد أن تفعله بي فأفعله بأكثر سرعة . ضربه بالدبابيس لما عدم داكيوس الحيلة في إخضاعه وتحقق من فشله في استمالته إليه وإلى عبادة الأوثان صرخ في وجهه غاضبا : كيف تجاسرت يا مرقوريوس أن تتكلم بهذا الكلام وترفض أوامري ؟ ثم أمر أن يُعرى من ثيابه ويُعمل له أربعة أوتاد في الأرض ، ويُربط بينهما على ارتفاع ذراع عن الأرض ، ويُضرب بدبابيس طويلة حادة في كل جسده ... ففعلوا به بحسب أمر الملك الذي وقف يتأمل صبره واحتماله ، ثم يناديه من وسط هذا العذاب المرير ويهزأ به قائلاً : - أين هي شجاعتك الآن يا مرقوريوس وأين قوتك العظيمة في الحروب وأين هو إلهك لينجيك من يدي داكيوس ؟ لم يعبأ القديس بكلام الشيطان كما فعل معلمه رب المجد يسوع المسيح حين عيره اليهود وهو على خشبة الصليب وكان القديس مرقوريوس صابرا شاكرا في وسط العذاب . تمزيق لحمه بأمواس حادة وحرقه بالنار حينئذ أمر الملك أن يُمزق لحمه بأمواس حادة ويُوضع جمر نار على جنبيه ليُحرق وهو حي . ففعلوا به كذلك . لكن النار سرعان ما أنطفأت من كثرة الدم الذي كان يسيل من جروح القديس . وبقوة السيد المسيح كان محتملاً الألم في صمت . بعد ذلك أمر داكيوس أن يُلقى في السجن متخيلاً أنه لابد أن يموت تلك الليلة فأخذوه وألقوه في سجن مُظلم ، ولكن الرب الذي لا يتخلى عن أولاده المتمسكين أرسل له ملاكه الجليل ميخائيل وهو في السجن ليعزيه قائلاً: - أيها الغالب مرقوريوس تشدد فإن الرب يعضدك لكي تغلب... فلا تخف من العذاب لأن هذا الزمان قليل والملكوت الأبدي ينتظرك حيث تنعم فيه إلى مدى الدهور . ثم مد الملاك يده ولمس جسده فصار كأنه لم يصبه شيء وأعطاه السلام ثم أنصرف عنه . قام القديس ورفع يديه بالصلاة قائلاً:- أشكرك يا ربي يسوع المسيح الصالح محب البشر لأنك سمعت صراخي وأرسلت لي ملاكك الطاهر فشفاني من أوجاعي حتى لا يشمت بي العدو القائل أين هو الرب إلهه المُتكل عليه .. أنت يا رب تمجدك الملائكة وتسجد لك رؤساء الملائكة لك المجد والعز والسلطان والسجود الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين . المجابهة مع داكيوس في الغد أمر داكيوس بأن يؤتى بالقديس أمامه . فلما رآه أندهش غاية الدهشة لسلامة القديس واندفع في القول مستفسرا:- ألم يمضوا بك في الأمس محمولاً شبه ميت ؟! فكيف أراك سليما معافى ؟ . ولكي يتأكد من حالته أمر الجند بفحص جسده ، ولما فعلوا . لم يجدوا به أي أثر للجروح أو الحرق. فتعجب جدا وقال في نفسه هذا عمل سحر لا شك في ذلك . . وأن مرقوريوس بذلك يمكنه الادعاء بأن إلهه قويَ على شفائه .. ماذا أفعل يا ترى .. من الذي دخل السجن وشفاه ؟ ثم التفت إلى القديس وقال له أعلمني يا مرقوريوس كيف شُفيت فإني متأكد أنك شُفيت بعمل سحر . أجابه القديس:- إن طبيب النفوس والأجساد هو سيدي ومخلصي ربي يسوع المسيح الذي شفاني أما السحرة فهم غرباء عني وسيهلكهم الرب بسحرهم . فأزداد غضب الملك على القديس وصاح به قائلاً:- هوذا أنا سأهلكك بكثرة العذاب وحريق النار ، وسأرى من الذي يمكنه أن يُخلصك من يدي . فرد عليه القديس في وداعة قائلاً:- قلت لك قبلاً ليس لك سلطان إلا على جسدي فقط فأفعل به ما شئت. طرحه على حديد محمى بالنار حينئذ أمر داكيوس بأن يُطرح على حديد محمى . ثم يؤتى بمشاعل وتوضع على جنبيه . ففعلوا كما أمرهم الطاغية . ولكن كم كانت دهشتهم حين تعطر الجو برائحة بخور ذكية كانت تخرج من جسد القديس عوضا عن رائحة دخان الحريق . تعليقه مُنكس الرأس تقسى قلب داكيوس أكثر فأكثر كما تقسى قلب فرعون مصر أمام ضربات موسى النبي . فأمر بأن يُعلق مُنكس الرأس . ثم يُربط في عنقه حجر كبير كي يُعجل بموته بأن يخنقه من ثقل جذبه.. لأنه مَل من تعذيبه .. بينما القديس لم يمل من إحتمال الآلام بل كان شاكرا فرحا أنه حُسب أهلا أن يُهان ويُعذب على أسم حبيبه يسوع الذي ذاق الموت عنه .. وحين ضجر أمر بطرح القديس في السجن إلى الغد . أما القديس فبرغم الآلام القاتلة أمضى ليلته كلها في الصلاة وبينما هو يصلي إذ بنور عظيم أضاء كل أرجاء السجن . فسقطت القيود التي كان مكبل بها جميعها . وفي وسط هذا النور المجيد ظهر له ملاك الرب وخاطبه قائلاً : - تقو وأغلب يا حبيب المسيح.. لا تبال بالعذاب المؤقت ... فهو لا شيء بالنسبة للإكليل المُعد لك . ثم مد يده ومسح كل جراحاته فشُفي في الحال وزال عنه كل أثر للجروح . فللوقت قام يصلي قائلاً:- آه يا رب ماذا أرد لك عن كل ما أعطيتني كأس الخلاص آخذ وباسم الرب أدعو .. أشكرك يا إلهي الذي لا تجعلني معتاذا شيئا من غنى كرامتك .. أشكرك يا ربي على محبتك للبشر وأعتناءك بي أنا الضعيف . . أسبحك يا ربي وأمجد اسمك الأن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين. جلده بالسياط لم يهدأ داكيوس الليل كله ولم يغمض له جفن حتى طلوع الصباح فأرسل يستدعي القديس وهو عازم على أن يُنهي أمر عناد القديس حتى لو تكلف الأمر قتله كيما ينتقم للآلهة من المُجدف مرقوريوس فلما مثل أمامه قال له : - أشفق على جسدك يا مرقوريوس وأعدل عن عنادك وضحي للآلهة الكرام فتستريح من هذا العذاب الأليم . ولكن القديس الذي أختبر طعم الألم الذي أصبح الوسيلة التي يتمتع عن طريقها بتذوق حلاوة الصليب واختبار كلمات الكتاب المقدس عمليا لم تعد تخيفه التهديدات . وهكذا بعد أن تعب داكيوس في تفننه في عذاب القديس وكان قد تملكه الحقد لثباته على محبة مسيحه أمر بقطع رأسه بحد السيف بعد أن يُجلد بالسياط أولا وكتب قضيته هكذا . " حيث أن الأمير مرقوريوس عميد الجيوش أنكر الآلهة الكرام ورفض اطاعة الأوامر الملكية وعظمتها ، نأمر بأن يُمضى به إلى قيسارية الكبادوك لتؤخذ رأسه هناك بحد السيف " ثم سلم مرقوريوس إلى بعض الجنود ليضربوه أولا قبل السفر فأخذوا يجلدونه بسياطهم الرومانية حتى صار دمه ينزف من كل جسمه ثم أركبوه دابة وأخذوه إلى قيسارية الكبادوك ( في تركيا الآن ) خوفاً من أن يحدث شغب بسببه لمحبة الجند له ، وبعد سفر طويل وشاق وصل الركب إلى المكان الموعود في المدينة ( قيسارية) وكان الوقت ليلاً فأستراحوا حتى الصباح من عناء الطريق . |
![]() |
|