رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بنو عمون البنت المرتدة: 1 عَنْ بَنِي عَمُّونَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَلَيْسَ لإِسْرَائِيلَ بَنُونَ، أَوْ لاَ وَارِثٌ لَهُ؟ لِمَاذَا يَرِثُ مَلِكُهُمْ جَادَ، وَشَعْبُهُ يَسْكُنُ فِي مُدُنِهِ؟ 2 لِذلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُسْمِعُ فِي رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ جَلَبَةَ حَرْبٍ، وَتَصِيرُ تَلاًّ خَرِبًا، وَتُحْرَقُ بَنَاتُهَا بِالنَّارِ، فَيَرِثُ إِسْرَائِيلُ الَّذِينَ وَرِثُوهُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 3 وَلْوِلِي يَا حَشْبُونُ لأَنَّ عَايَ قَدْ خَرِبَتْ. اُصْرُخْنَ يَا بَنَاتِ رَبَّةَ. تَنَطَّقْنَ بِمُسُوحٍ. انْدُبْنَ وَطَوِّفْنَ بَيْنَ الْجُدْرَانِ، لأَنَّ مَلِكَهُمْ يَذْهَبُ إِلَى السَّبْيِ هُوَ وَكَهَنَتُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ مَعًا. 4 مَا بَالُكِ تَفْتَخِرِينَ بِالأَوْطِيَةِ؟ قَدْ فَاضَ وَطَاؤُكِ دَمًا أَيَّتُهَا الْبِنْتُ الْمُرْتَدَّةُ وَالْمُتَوَكِّلَةُ عَلَى خَزَائِنِهَا، قَائِلَةً: مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ؟ 5 هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكِ خَوْفًا، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ، مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ حَوَالَيْكِ، وَتُطْرَدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا أَمَامَهُ، وَلَيْسَ مَنْ يَجْمَعُ التَّائِهِينَ. 6 ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ أَرُدُّ سَبْيَ بَنِي عَمُّونَ، يَقُولُ الرَّبُّ». تقدم بنو جاد وبنو رأوبين إلى موسى والعازار الكاهن ورؤساء الجماعة وطلبوا منهم السماح لهم بأن يكون نصيبهم في شرقي الأردن، لأن الأرض هناك هي مكان مواشي (عد 32). اختاروا لأنفسهم المشاكل التي لا حصر لها. دخل رأوبين في صراع مع الموآبين، ودخل جاد في صراع مع عمون. غالبًا ما كانت العلاقة بين إسرائيل وعمون لا تحمل روح الصداقة. في أيام الخروج سمح عمون بمرور الشعب في أراضيهم كما فعل موآب وآدوم؛ وليس مثل مملكتي الأموريين سيحون وعوج اللتين لم تسمحا بذلك (تث 2: 37). بعد ذلك قامت بينهما حرب في أيام القضاة (قض 11: 1-11)، كما قاوم ناحاش العموني إسرائيل في أيام شاول (1 صم 11: 1-11). طلب داود الملك السلام لكنهم أهانوا عبيده، وقام سليمان بالسيطرة عليهم (1 مل 4: 13-19). علق عاموس النبي على نشاطهم العنيف في منطقة جلعاد في القرن الثامن ق.م. (عا 1: 13-15). وعندما تمرد يهوذا على بابل سنة 600 - 597 ق.م. استطاع نبوخذنصر أن يرسل قوات من الآراميين والموآبيين والعمونيين ليخضعوا يهوذا (2 مل 24: 2). لعب بعليس ملك عمون دورًا خطيرًا في اغتيال جدليا والي يهوذا (إر 40: 14؛ 41: 15). وفي سنة 582 أرسل نبوخذنصر قوة ضد عمون وأيضًا ضد موآب ويهوذا (إر 52: 30)، كما سقطت عمون وموآب ضحية لهجمات العرب عليهم الذين خربوا بلادهما وذلك في منتصف القرن السادس ق.م، ولم تعد عمون بعد ذلك أمة مستقلة. في القرن الأول ق.م. حارب يهوذا المكابي بني عمون (1 مك 5: 6). جاءت النبوة ليست ضد الملك بل ضد "ملكوم" إله عمون الذي ارتبطت العبادة له بتقديم الأطفال ذبائح بشرية حتى قبل أيام موسى النبي. قُدمت النبوة التي بين أيدينا قبل سقوط يهوذا وعمون، ربما حوالي عام 601 - 600 ق.م. (2 مل 24: 2). وقد تحققت جزئيًا على يدّ نبوخذنصر عام 582 ق.م، وتمت بالكامل في منتصف القرن السادس في وقت غارات العرب. ينتسب بنو عمون إلى عمون ابن ابنة لوط الصغرى، أنجبته من أبيها بعد أن سكر (تك 19: 38). كما يقول القديس جيروم: [بالحقيقة لم يكن لوط يعرف ماذا كان يفعل، ولا كانت خطيته بإرادته، ومع هذا فخطأه عظيم إذ جعله أبًا لموآب وعمون عدوَّىَ إسرائيل]. يبدأ نبواته ضد بني عمون بعتابه إياهم إذ حاولوا عبر العصور الاستيلاء على أرض جاد واحتلال مدنه فيقول: "عن بني عمون. هكذا قال الرب: أليس لإسرائيل بنون أو لا وارث له؟! لماذا يرث ملكهم (ملكوم) جاد وشعبه يسكن في مدنه؟!" [1]. يترجم البعض الكلمة العبرية "ملكوم" وليس "ملكهم"، وهو الإله القومي لبني عمون. إنه يوبخهم إذ ظنوا أن إلههم ملكوم (1 مل 19: 38) يرث ما للرب. وإن كان الإسرائيليون أنفسم قد عبدوه أو تأثروا بعبادته (إر 32: 35؛ لا 18: 21؛ 20: 2-5؛ 1 مل 11: 5، 7: 33؛ 2 مل 23: 10، 13؛ عا 5: 26). يرجع ذلك إلى أيام القضاة حيث أرسل يفتاح إلى ملك بني عمون يقول: "ما لي ولك إنك أتيت إليَّ للمحاربة في أرضي؟!" (قض 11: 12). وبعد سليمان الملك كان بنو عمون يطردون بني جاد من أراضيهم ومدنهم تدريجيًا حتى حلَّ السبي الأشوري على يديْ تجلث بلاسر الثالث سنة 733 ق.م. (2 مل 15: 29)، واُقتيد بنو جاد إلى السبي وورث عمون بعض أراضيهم ومدنهم. هنا يقدم إرميا النبي عشرة نبوات تكشف عن عمل الخطية في حياة الإنسان: أ. سماع إنذار الحرب في ربة العمونيين كجلبة، فإنها تحولالمدن الداخلية إلى معركة لا يُسمع فيها صوت بوق كلمة الله المفرح بل صوت الحرب، فتتحول أعماق النفس من مدينة الله المتهللة إلى موقع حرب كله صراخ وضجيج. "لذلك ها أيام تأتي يقول الرب وأسمع في ربة بني عمون جلبة حرب" [2]. ربة بني عمون: عاصمة عمون، تقع على نهر يبوق، وتبعد حوالي 14 ميلًا شمال شرقي حشبون، حاليًا عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية. كشفت الحفريات عن آثار لربة عمون، كما وُجدت نقوش هامة عن عمون القديمة. ب. تحول ربة إلى تلٍ خرب، فإن الخطية تحطم كل بنيان داخلي لتجعل منه كومة خراب لا يقدر كائن بشري أو سماوي أن يقطن فيها. "وتصير تلًا خربًا" [2]. ج. حرق بناتها: "وتحرق بناتها بالنار" [2]. د. تفقد ماورثته: "فيرث إسرائيل الذين ورثوه يقول الرب" [2]. ه. ولولة وصراخ: "ولولي يا حشبون لأن عاي قد خربت. اصرخن يا بنات ربة. تنطّقن بمسوح. اندبن وطوفن بين الجدران" [3]. كانت حشبون عادة تحت سيطرة موآب (إر 48: 2) وإن كانت أحيانًا تنتمي إلى عمون (قض 11: 26)، فهي على الحدود بين الأمتين. عاي: لا تُعرف مدينة عمونية بهذا الاسم، لذا يرى البعض أنه لا يُقصد بها مدينة معينة، خاصة وأن كلمة عاي معناها "كومة" أو "دمار" وكأنه يعني أن حشبون قد صارت كومة خربة؛ وإن كان البعض يفترض وجود عاي أخرى تابعة لعمون غير قرية عاي التي في إسرائيل. و. سبي الملك والكهنة والرؤساء: "لأن ملكهم يذهب إلى السبي هو وكهنته ورؤساؤه معا" [3]. ز. امتلاء أوديتها بالدماء. "ما بالك تفتخرين بالأوطية. قد فاض وطاؤك دمًا أيتها البنت المرتدة والمتوكلة على خزائنها قائلة: من يأتي إليّ؟!" [4]. ح. يحل بها الخوف من كل جانب: "هأنذا أجلب عليكِ خوفًا يقول السيد رب الجنود من جميع الذين حواليكِ" [5]. ط. طرد الجميع: "وتطردون كل واحدٍ إلى ما أمامه وليس من يجمع التائهين" [5]. ي. إصلاح وعودة روحية: الوعد هنا يشبه الوعد الإلهي لمصر (إر 46: 26) وموآب (إر 48: 47). في أيام فارس نرى طوبيا حاكمًا محليًا لعمون (نح 2: 10، 19؛ 4: 7). "ثم بعد ذلك أرد سبي بني عمون يقول الرب" [6]. هذه النبوات العشرة التي تحققت في بني عمون الابنة المرتدة المتكلة على خزائنها والتي تظن أنها فوق كل قانون، لا تستطيع يد أن تمتد إليها [4]، تتحقق مع النفس التي ترتد عن مسيحها لتتكل على ذاتها وإمكانياتها البشرية، فتظن أنه ليس من يقدر أن يؤدبها. لكن الله في حبه يكشف لها عن ثمر خطاياها، فتجني مرارة الخطية لتقبل مسيحها فيردها إليه، ويرجع إليها ويحملها معه إلى حضن أبيه. * يتحول قلبها كما فكرها إلى "ربة عمون" التي لا يسمع فيها هتافات الملائكة بل جلبة حرب، وضجيج لا ينقطع. * تصير تلًا خربًا لا فردوسًا وجنة يقتطف منها مسيحها ثمر روحه القدوس المشبع. * تحرق بناتها أي تفقد إمكانيات الجسد وقدراته ومواهبه، فتتحطم الحواس المقدسة، وتهلك مشاعر الحب الصادقة، وتتحول المواهب من العمل الإيجابي البناء إلى عملٍ محطمٍ. * تفقد ما سبق أن ورثته، إذ يؤخذ ما عندها حتى من الغرائز الطبيعية الصالحة، فتصير أعنف من الحيوانات المفترسة، وأجهل من النملة المجاهدة... * تتحول أعماقها من عرسٍ دائم إلى ولولة وصراخ. عوض ارتداء ثوب العرس المبهج تلتحف بالمسوح لتندب وهي تطوف بين الجدران كحبيسة منفردة... ليس من يعزيها ولا من يسندها. * يسبي ملكهاأي إرادتها الحرة التي تدير كل كيانها، ويسبي كهنتها أي قلبها الذي يقدم ذبائح يومية عاقلة مقبولة لدى الله، كما يسبي رؤساؤها أي الفكر والحواس والأحاسيس، فتفقد قدرتها على العمل الجاد. * تمتلئ أوديتها بالدماء، إذ تحمل روح الكراهية والشماتة، تطلب الشر للغير وتشتهي الضرر دون نفع لها. * يحل بها الخوف من كل الذين حواليها، عوض أن تسكب سلامًا كما فعلت القديسة مريم عند زيارتها لنسيبتها أليصابات، تخاف وترتجف. * تصير كما في حالة تيه، تُطرد كل إمكانيتها وتتشتت، فلا تستقر أعماقها ولا تستريح. * أخيرًا إذ تعمل نعمة الله فيها تدرك كل ما حلّ بها، فلا تُلقى باللوم على الظروف، بل ترجع تائبة إلى الله مخلصها، فيرد سبيها واهبًا إياها الحرية ويجدد أعماقها! |
|