الرب هادي النفس
"اهدني إلي سبيل وصاياك
فإني إياها هويت" [35].
لا تكتفي النفس بالتمتع بالفهم الإلهي لفحص ناموس الرب ولا بالقوة لحفظه بكل القلب [34] إنما تحتاج أن يمسك الله بيدها ويقودها بنفسه إلي سبيله الذي تُسر به هي. إنه لا يقودها بغير أرادتها، لكنه يقودها كطلبها ومسرتها. لعله كان يصلي إلي الله لكي يريد وأن يعمل الصلاح. وكما يقول الرسول بولس: "الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل مسرته" في 13:2.
* هذا يعني أنه يريد الشريعة والطريق، إذ يوجد "سبيل الوصايا"... سبيل السلوك، هذا الذي سلكه كثير من الأبرار قبلنا، لكن ما لم نأخذ الرب مرشدًا لنا لا نستطيع أن نسلك حسب وصاياه. يلزمنا أن نقتدي بالمسيح (أف1:5؛ 1تس6:1) وأن نحمل صليبنا ونتبعه (مت 38:10؛24:16).
العلامة أوريجينوس
* رغبتي لا حول لها ولا قوة ما لم أنت بنفسك تسير بي حيثما أرغب. هذا بالتأكيد هو السبيل، أي سبيل وصايا الله الذي سبق فقال عنه أنه جرى فيه عندما وسَّع الرب قلبه. هذا دعاه "سبيلًا"، لأن الطريق ضيق الذي يؤدي إلي الحياة؛ ومادام ضيقًا لا يستطيع أن يجري فيه إلا بقلب متسع...
القديس أغسطينوس
لقد صرخ الرسول بولس: "لأن الأرادة حاضرة عندي، وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد" رو18:7. كأنه يقول: لقد جعلتني مشتاق إلي طريقك، أريد أن أدخله وأتحرك فيه، احملني بنفسك فيه وامسك بيدي لأن إمكانياتي عاجزة عن تحقيق حتى ما أريده من صلاح.
يعلن المرتل رغبته الصادقة في الحياة المقدسة، واستعداده للعمل، لكنه لا يقدر أن يبدأ الطريق ولا أن يسلك فيه بدون نعمة الله، ليقول مع الرسول: "الله هو العامل فينا"، "لكي نريد ونعمل من أجل مسرته".