رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ولكِنَّهم لم يُبالوا، فَمِنهُم مَن ذَهبَ إلى حَقلِه، ومِنهُم مَن ذَهبَ إلى تِجارتِه. تشير عبارة "لم يُبالوا" في الأصل اليوناني ἀμελήσαντες (معناها تهاونوا) إلى رفض المَدعُوِّينَ الذي يُعبّر عن الإهمال واللامبالاة. هل نتغيّب عن حفلة مُلوكية مجّانيّة يدعونا الله لها شخصيّا؟ أمَّا عبارة "فَمِنهُم مَن ذَهبَ إلى حَقلِه" فتشير إلى أهل الريف الذين فَضّلوا الاهتمام بحقولهم ومزارعهم على المشاركة في وليمة العيد، وقد ارتبط هؤلاء بالأرض وهم يظنُّون أنَّها باقية لهم إلى الأبد. ويُعلق القدّيس غريغوريوس الكبير "الخروج إلى الحقل يمَثَل التَّكرّس للأعمال الأرضيّة" (عظات عن الإنجيل). أمَّا عبارة "ومِنهُم مَن ذَهبَ إلى تِجارتِه" فتشير إلى أهل المدينة الذين فضّلوا الاهتمام بالبيع والشراء والتِّجارة على المُشاركة في وليمة العيد. فقد حُرم هؤلاء من الوليمة من أجل تجارتهم فتحوّلت العبادة لديهم إلى بيع وشراء. صدق من قال "لا يدخل التجّار والباعة إلى موضع (بيت) أبي" (نحميا 13: 20). ويُعلق القدّيس غريغوريوس الكبير "الانصراف إلى التِّجارة يمَثَل التفتيش بشراهة عن المصلحة الخاصّة في الأمور الأرضيّة" (عظات عن الإنجيل). إن انشغالنا بالأشياء المنظورة، تُنسينا الأشياء غير المنظورة، وتمنعنا عن الأمور الأفضل. في هذه الآية نجد قسم من العَالَم يتعاملون مع الإنجيل بهذه الصورة: إنَّهم لا يُبالون بالأمور الرُّوحية وينهمكون بالأمور الدُّنيوية، فإثمهم أنهم اكتفوا بها ولم يلتفتوا إلى الرُّوحيات، وأمثال هؤلاء ديماس الذي يترك بولس الرَّسُول كما شهد فيه بولس: "ديماسَ قد تَرَكَني لِحُبِّه هذِه الدُّنْيا" (2 طيموتاوس 4: 10). هؤلاء لم يقترفوا أيّ شر، وكل ما في الأمر أنّهم يواصلون القيام بما يقومون به دون أن يُدركوا بأن ساعة الوليمة قد حانت، ودون التعرف على الهبة الكبرى، والكرامة الخاصة التي تأتيهم من كونهم مَدعُوِّينَ. وتُصبح انشغالهم بأعمالهم اليوميَّة الدُّنيوية أولوية مطلقة لهم. لقد استخفّوا بطلب المَلِك، لأنّهم وضعوا مصالحهم الشَّخصيّة فوق مصلحته. وبهذا الأمر لم يكتفوا بإهانة المَلِك بل وريث العرش أيضاً. هل ننشغل كثيرًا بأمور هذا الزّمان حتّى ننسى أمور الأبديّة؟ هل نضع اهتماماتنا وأمورنا المادية أمام الرب الذي يدعونا؟ ويعلق الراهب الدومنيكاني جان تولير "إنّ هذا الانشغال المذهل وهذا الاهتياج الدائم اللذين يحرّكان العالم نصادفهما بكثرة في العالم بأكمله. "(العظة 74). يا تُرى من يرفض دعوة شرف ملوكيّة مجّانية كهذه؟ |
|