رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا تبكوا ميتًا: 10 « لاَ تَبْكُوا مَيْتًا وَلاَ تَنْدُبُوهُ. ابْكُوا، ابْكُوا مَنْ يَمْضِي، لأَنَّهُ لاَ يَرْجعُ بَعْدُ فَيَرَى أَرْضَ مِيلاَدِهِ. 11 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ شَلُّومَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، الْمَالِكِ عِوَضًا عَنْ يُوشِيَّا أَبِيهِ: الَّذِي خَرَجَ مِنْ هذَا الْمَوْضِعِ لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ بَعْدُ. 12 بَلْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَبُوهُ إِلَيْهِ، يَمُوتُ. وَهذِهِ الأَرْضُ لاَ يَرَاهَا بَعْدُ. [10-12]. الميت المذكور هنا هو يوشيا الذي قُتل في معركة مجدو عام 609 ق.م. (2 مل 23: 29-30) بعد حكمٍ طويلٍ وحياةٍ صالحةٍ، مما يستوجب اشتداد الحزن والحداد. ولكن إرميا يقول هنا إنه يجب أن يشتد البكاء على الملك الجديد الشاب يهوآحاز بن يوشيا، الذي سبي بعد ثلاثة شهور وعشرة أيام بواسطة فرعون مصر نخو ولم يرجع منها فيما بعد. لقد تولّى يهوآحاز الحكم مع أنه كان الابن الرابع وليس البكر (2 مل 23: 34؛ أي 36: 1). ولعلّه أُختير لأنهم ظنوا أنه أقوى من أخيه البكر. لقد تولّى الحكم ظلمًا لذا لم يبقَ فيه، بل سُبي إلى مصر كما جاء في سفر التثنية: "ويردك الرب إلى مصر في سُفن في الطريق التي قُلت لك لا تعد تراها، فتُباعون هناك لأعدائك عبيدًا وإماءً وليس مَن يشتري" (تث 28: 68). يبدو أنه لم يُسبي معه أحد (2 أي 26: 4). الله يطلب من الشعب أن يبكوا يهوآحاز أكثر مما بكوا والده، بل أن إرميا نفسه قد بكاه (2 أي 35: 25). يوشيا ذهب إلى القبر في سلام وبكرامة، لا يحتاج من يبكيه، أما ابنه الشقي فتُحسب حياته كموته بلا كرامة، يعيش في السبي في مهانة. حقًا لقد جُرح يوشيا جرحًا مميتًا في موقعة مجدو، لكن مركبته حملته إلى بلده ليُسلِّم أنفاسه في مدينته المحبوبة لديه والمحبة جدًا له، يلتف حوله الشعب الذي خدمه لمدة ثلاثين سنة من حياته التي بلغت الثمانية والثلاثين. ليتنا نحن أيضًا نُسلِّم أنفاسنا الأخيرة في مدينتنا المحبوبة لدينا، أي ونحن قاطنون في ملكوت السموات، نُسلِّم نفوسنا في يد إلهنا الذي نكرس كل طاقتنا وحياتنا لحساب ملكوته. نقول مع الرسول بولس: "إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، إن عشنا وإن متنا فللرب نحن" (رو 14: 8). يلزمنا أن نكرم موت الصديقين ونشتهيه، بينما نشعر ببؤس حياة الأشرار. استطاع القديس بولس أن يقول عن موته: "أخيرًا قد وُضع لي إكليل البر الذي يهبهلي في ذلك اليوم الرب الديان العادل، وليس ليفقط بل ولجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا" (2 تي 4: 8). لم يكن موته مثيرًا للحزن بل للبهجة والفرح، لأنه يترقب المكافأة التي أُعدت له عن جهاده الحسن. إنه لا يعود الملك من السبي كما كان هو وشعبه يتوقعون. وقد أكَّد لهم الله أنه لن يعود ولن يرى أرضه بعد، لأنه لم يتمثّل بأبيه الصالح كما اعتدى على حق أخيه الأكبر. يدعوه إرميا النبي باسمه قبل تولِّيه الحكم "شلوم" وليس بالاسم الملكي "يهوآحاز"، ربما لأنه يُحسب كمغتصبٍ للحكم أو كمن لا يستحق الملوكية بسبب شره وفساد حياته. يُقدم لنا التاريخ البابلي قصة سبي يهوآحاز. ففي عام 609 ق.م. سقط آخر ملوك أشور Ashur-uballit تحت ضيقٍ شديدٍ في حاران بواسطة الجيوش الكلدانية(463)، فأسرعت مصر لمساندته خشية الخطر الكلداني الذي بدأ يظهر على مسرح التاريخ. جاء فرعون نخو إلى فلسطين وصارت منطقة فلسطين وسوريا في قبضته، وأقام قائده في ربله على بعد 47 ميلًا جنوب حامة. استدعى يهوآحاز لمقابلته، فأسره وأرسله إلى مصر. |
|