رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَانفَرَدَ بِه بُطرس وجَعلَ يُعاتِبُه فيَقول: ((حاشَ لَكَ يا رَبّ! لن يُصيبَكَ هذا!)). تشير عبارة "فَانفَرَدَ بِه" إلى التَّكلم مع يسوع على حِدة، وذلك ظنًا منه أنَّ المسيح قال ذلك لشِّدة انفعالاته من مقاومة الرُّؤساء له حيث أنبأ بتلك المصائب، أولانَّ كلام المسيح يُلاشي كل رجاء بُطرس ورجاء غيره في النَّجاة والانتصار على يده. أمَّا عبارة "يُعاتِبُه" فتشير إلى انتهاره وردعه ومنعه، وهذا العِتاب يُظهر تناقض بُطرس مع اعترافه الصِّريح ليسوع في قيصرية فيلبس وتحوّله عن وجهة نظر الله متخذًا نظرة بشرية، فهو في خط التجربة المسيحانية لدى اليهود الذين يرفضون فكرة المسيح المُتألِّم. يريد بُطرس أن يمنع سِّيَده من الذهاب إلى أُورَشَليم لتسليم نفسه فيها للرّومان والفِرِّيسيِّين ويقتلونه. لا شكَّ أنَّ موقف بُطرس يُظهر صعوبة التوفيق بين لقب المسيح وفكرة الآلام والموت، حيث ظنّ بُطرس أنه يُعلن محبته ليسوع إذا جعله يرفض آلامه. وعمل بُطرس هذا دلالة على محبته للمسيح وغَيْرته في خدمته، لكنَّه كان سريع الكلام والعمل بلا رويَّة. ويعلق البابا بِندِكتُس السادس عشر "حين حاول بُطرس أن يعترض على كلام الرَّبّ يسوع وعلى ما سوف ينتظره في أُورَشَليم، وتلقى حينها تنبيهاً حاداً: "أَفكارَكَ لَيسَت أَفكارَ الله، بل أَفكارُ البَشَر"، وبعد وقوعه، ندم بُطرس ووجد الغفران والنعمة. والجدير بذكر أمرين: الأول: إن الرَّبّ يسوع يحترم حرّيتنا، والثاني: إنّ الرَّبّ يسوع ينتظر جهوزيتنا للتوبة والعودة إليه، فهو مملوء رحمةً وغفرانًا" (المقابلة العامّة بتاريخ 18/10/2006). أمَّا عبارة "حاشَ لَكَ" في الأصل اليوناني Ιλεώς σοι, κύριε: (معناها ارحم نفسك) فتشير إلى منع يسوع وإمساكه من التألم والذِّهاب إلى الموت، وبالتالي ردَّه عن رسالته ؛ مما يُظهر تفاعل بُطرس السريع لتعليم الجديد ليسوع عن تألمه. بُطرس لا يحب للمسيح عذابا، بل يحب له المَجْد والعظمة والجبروت والخلود، وأراد أن يحميه من الآلام التي أنبأ بها؛ يُمثل بطرس كلَّ واحدٍ منَّا عندما نقاوم مخطط الله وإرادته القدُّوسة بأفكار ليست أفكار الله. أمَّا عبارة "لن يُصيبَكَ هذا!" فتشير إلى محاولة بُطرس أن يمنع يسوع من الذهاب إلى الموت، وهي نفس التجربة التي سمعها من الشَّيطان في البَرِّية: "إِن كُنتَ ابنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إلى الأَسفَل، لأَنَّه مَكتوب: يُوصي مَلائكتَه بِكَ فعلى أَيديهم يَحمِلونَكَ لِئَلاَّ تَصدِمَ بِحَجرٍ رِجلَكَ" (متى 4: 6). يسير بُطرس في خط التجربة المسيحانية لدى اليهود الذين يرفضون فكرة "مسيحٍ" متألمٍ، ويريدون مسيحًا ملكًا ارضيًا منتصرًا يردّ المَجْد إلى إسرائيل بالقوة، ويفرض الخلاص ومُلك الله على الجميع من خلال الخوارق والأعاجيب. فكأنَّ شيطان أريحا قد عاد به إلى المسيح يُجرّبه بالعظمة ويردّه عن رسالته. هل نقبل كل ما يوحي به الله إلينا من أفكار، أم نقبل فقط تلك التي تعجبنا وتحظى برضانا؟ |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس تادرس عذباته واستشهاده |
يسوع في قولسي هو من يكمل نقائصنا |
صورة تلوين يسوع يكلم بطرس |
صورة يشوع بن نون يكلم الله |
صورة يشوع بن نون يكلم الشعب |