رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
هذه نظرة القديسين إلي الاستشهاد، وهنا واحد يسأل ويقول: ولماذا يتركهم الله؟ كلما نري ضيقا في المجتمع كلما نري ضيقا في الكنيسة نقول لماذا الله يسمح بذلك؟ لماذا الله يترك الاضطهاد يقع علي الكنيسة؟ لماذا؟ هذا سؤال كثيرا ما نسأله، وكثيرا ما نسمع الشعب يردده، الله لم يترك، إنما هذا الترك إلي حين، ليري الله ماذا يصنع الثابتون علي الإيمان، إنه يعطي فرصة ليظهر إيمان المؤمنين، يعطي فرصة ليظهر الصبر والاحتمال والحب الذي يبرز في صبر القديسين وفي استشهادهم، لولا أن الله يتركهم إلي حين ويعطي فرصة للمضطهدين أن يضهطدوا، كيف يبرز إيمان الشهداء!! لو لم يعطي الله فرصة لأيوب حتى تقع عليه الآلام، هل كنا نحن نعلم الآن بصبر أيوب!! ومدي الصبر الذي أظهره أيوب في حياته!! لو كان الله تدخل في بدء الأمر لما كان أعطي أيوب فرصة ليظهر صبره واحتماله. إذا كان الله يسمح في بعض الأوقات للكنيسة أن تضطهد، ولشعبه أن يعامل المعاملة المؤلمة كذلك يعطي فرصة لهذا الشعب أن يظهر حبه وأن يظهر إيمانه وأن يظهر مدي تمسكه به. الله حينما امتحن إبراهيم وقال له قدم ابنك اسحق ذبيحة علي أحد الجبال الذي أعلمك به، وقام إبراهيم مبكرا وأسرج دابته، ومشي الطريق الطويل وصعد إلي الجبل العالي، وصنع مذبحا ورتب علي المذبح الحطب وربط ابنه اسحق علي المذبح كل هذا الطريق الطويل الذي عاناه إبراهيم، وعاناه معه اسحق، هل كان الله غافلا؟ كان الله يري، ولكن الله تركه ليظهر إبراهيم إيمانه، وليظهر إسحق طاعته وفي اللحظة المناسبة قال له ارفع يدك إني علمت أنك لم تمنع ابنك وحيدك إسحق عني لذلك بالبركة أباركك وبالكثرة أكثر نسلك فلا تظنوا أبدا أن الله إذ يترك الشدائد أن تحل علي كنيسته، أن الله غافل عنها أو أن الله تخلي عنها أبد، إنما هي فرصة من قبله تعالي يتيحها ليظهر فيها إيمان المؤمنين ويظهر صبرهم وتظهر محبتهم ويظهر مدي استمساكهم وبهذا يستحقون المكافأة ويستحقون الجزاء الأخروي وبهذا أيضا يضربون للناس من بعدهم المثل والقدوة والعبرة، ليتعلم الناس من ورائهم ويعرفوا مدي محبة هؤلاء لله، ثم يتمثلون بهم ويقتدون بهم ويحتذون بهم، وهكذا صار لنا تاريخ وصار تاريخ الشهداء مجيدا عظيم، نعتز به ونفخر علي الأيام أن هؤلاء احتملوا من أجل المسيح وصبروا من أجله، وأبرزوا إيمانهم به فيكون لنا نحن الأبناء فخر بهؤلاء الآباء فخر البنين آباؤهم، ونحن فخرنا في جيلنا بالآباء الذين سبقونا والذين أظهروا صبرا واحتمالا. إن مارمينا العجايبي وقد كان شابا صغيرا حينما استشهد لم يكن يتعدي الثالثة والعشرين من عمره أو ربما أقل، في هذه السن المبكرة وبعد أن صار مار مينا واليا وحاكما حل محل أبيه، لكنه لما رأي أن اسم المسيحي مضطهد، وأن دقلديانوس قد كفر بالمسيح، وأنه أراد أن يضطهد كل من يؤمن باسم المسيح، لم يقبل مارمينا علي نفسه وهو وإل أن يبقي هكذا مخفيا نفسه، ولا يعلم الإمبراطور بأمره، فأراد أن يعلن إيمانه بالمسيح وينادي نفسه مسيحي، ولا ينكر اسم سيده ولا يختبيء تحت إغراء بأنه حاكم أو وال، ولا حتى بقبول الإغراءات التي عرضها الإمبراطور عليه حتى ينكر اسم المسيح فرفضها جميع، طرحها أرض، احتقرها بأباطيل العالم، لم يكن لهذه المراكز ولا المناصب إغراء ولا جمال ولا لذة بالنسبة له، لأنه في باطنة عابد لربه عابد لسيده ويعلم كرامته، لذلك أبي مارمين، أبي كل الإغراءات وكل المناصب وكل الوعود التي وعد بها في سبيل أن ينكر المسيح، أبي كل هذا وذهب متعبدا وطرح ملابس الجندية ليعلن تمرده علي الإمبراطور، وليعلن تبعيته لملك آخر يسوع المسيح، ولابد له أن يدفع الثمن، ودفع الثمن غاليا من دمه، ولكن نفسه لم تكن ثمينة عنده حتى يتمم بفرح سعيه والخدمة التي قبلها من الرب يسوع. هذا الشاب يقف أمامنا مثلا للشباب، يقف صامتا معلما بصمته وبعمله، يقف ليدين أصحاب المراكز والمناصب الذين يبيعون المسيح من أجل منصب أو من أجل كرامة أو ليتفادوا اضطهادات تقع عليهم من أجل المسيح، هذا الشاب الصغير يقف ليدين كل من تحدثه نفسه بأن ينكر سيده أو يتنكر له، أو يجبن لسبب أو لآخر عن أن يعلن تبعيته للمسيح أنه نصراني، نحن في أيامنا هذه وفي الأيام المقبلة نحتاج إلي طراز مارمينا وإلي طراز الشهداء، أيام ستأتي يمتحن فيها إيماننا بالمسيح.نحن مقبلون علي زمن، نحن في الأيام الأخيرة، وهناك وسائط ووسائل متنوعة يتحدون بها المسيح، المسيح الآن في مركز التحدي بصور مختلفة سواء كنتم تشعرون أو لا تشعرون، الشيطان يسخر كل قواته وسوف تتفاقم هذه الشدائد لتحدي المسيح قبل أن يأتي في مجيئه الثاني. فأنتم الآن أيها الأقباط أمامكم فرصة لتتنبهوا، ولتعلموا أنه سيمتحن إيمانكم ويمتحن صبركم وستمتحن محبتكم لربكم وتبعيتكم للمسيح الإله.اتخذوا من مارمينا، ولنتخذ من سائر الشهداء الذين قبلوا التحدي، ولو علي حساب سعادتهم المادية، ولو علي حساب المناصب والمراكز والمال والكرامة البشرية لكن من أجل اسم المسيح احتملوا، والمسيح لا ينسي تعبكم، ليس بظالم، كل من أنكره سينكره المسيح في مجيئه الثاني، وكل من يعترف به سيعترف به في مجيئه الثاني حينما يأتي ليدين الأحياء والأموات. نعمة ربنا يسوع المسيح تشملنا جميعا وله الإكرام والمجد إلي الأبد آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
النيروز | كيف يبرز الرب إيمان الشهداء |
لكي يشدد الرب إيمان تلاميذه |
الرب يريدنا أن نلمسه لمسة إيمان |
قلة إيمان بطرس بالنظر الى الرب |
اعطنا إيمان الشهداء القديسين |