![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وللعلامة أوريجينوس تعليق جميل على هذه العبارات، إذ يقول: ["فيقولون لك: هل نحن جاهلون حتى لا نعرف أن كل زقٍ يمتلئ خمرًا؟" إذا كان هؤلاء الناس قد أجابوا هكذا متمسكين بالحرف، ومتظاهرين أنهم يعرفون أن كل زقٍ يمتلئ خمرًا، فهم في ذلك مخطئون، لأنه ليس صحيحًا أن "كل زقٍ يمتلئ خمرًا". توجد زقاق تكون مملوءة زيتًا أو أي سائلٍ آخر، ويوجد منها أيضًا ما تزال فارغة. إذًا هم مخطئون، ومع ذلك يجيبون: "هل نحن جاهلون حتى لا نعرف أن كل زقٍ يمتلئ خمرًا". سنشرح هذه الإجابة كالآتي: إن كان يوجد بين الزقاق واحد يمكن أن ُيقال عنه إنه زق جيد سُيملأ بخمر تناسب جودته، وهكذا الزق الفاسد ُيملأ بخمر تناسب فساده. نجد في الكتاب المقدس أمثلة عن أنواع الخمر المختلفة، فعن الخمور الرديئة الفاسدة يقول: "لأن من جفنة سدوم جفنتهم، ومن كروم عمورة عنبهم، عنب سم، ولهم عناقيد مرارة، خمرهم حمة الثعابين وسم الأصلال القاتل" (تث 32: 32-33). وعن الخمور الجيدة يقول: "يا لكأسك رّيًا" (مز 23: 5). كما تدعونا الحكمة للشرب من كأسها، قائلة: "هلموا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها" (أم 9: 5). يوجد إذًا خمر سدوم ويوجد أيضًا خمر الحكمة. ُيقال كذلك: "كان لحبيبي كرم على أكَمة خصبة" (إش 5: 1). الكرم الذي يزرعه الله يسمى كرمة سورق (إر 2: 21) لأنها كرمة مختارة وجميلة المنظر. ويوجد أيضًا كرمة عند المصريين ضربها الله، إذ قيل: "أهلك بالبرد كرومهم، وجميزهم بالصقيع" (مز 77: 47). تأمل إذن، أن كل الناس في استطاعتهم الآن أن يمتلئوا بالخمر، من أجل ذلك أسميهم زقًا، وأقول أن الشرير منهم يمتلئ بخمر كرمة سدوم، وخمر المصريين، وخمر أعداء إسرائيل، بينما البار منهم بخمرٍ من كرمة سورق، وبالخمر التي ُكتب عنها "يا لكأسك رّيًا". يمكننا أيضًا أن نطبق هذه الكلمات على الرذيلة والفضيلة حتى نفهم أن كل زقٍ يمتلئ خمرًا، لكن ينبغي أيضًا أن نعرف ما هي عواقب الرذيلة وعواقب الفضيلة: عقوبات للرذيلة، وبركات ووعود للفضيلة! لنوضح الآن من خلال كلمات الكتاب المقدس كيف أن العقوبات وأيضًا الوعود يشار إليها بالخمر: يقول الرب لإرميا: "خذ كأس خمر هذا السخط من يدي واسقِ جميع الشعوب الذين أرسلك أنا إليهم إياها، فيشربوا ويترنحوا ويسقطوا" (إر 25: 15-16). أشار هنا إلى العقاب بخمر السخط. وإذا أردت أن ترى أيضًا كأس البركة التي يشربها الأبرار، يمكننا أن نكتفي بكلام سفر الحكمة: "اشربوا الخمر إلى أعددتها لكم". تأمل أيضًا السيد المسيح حينما صعد في عيد الفصح إلى العلية الكبيرة المعدة ليحتفل بالعيد مع تلاميذه، وأعطاهم كأس الخمر قائلًا لهم: "اشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا، اصنعوا هذا لذكري"، ثم قال أيضًا: "وأقول لكم إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي" (مت 26: 37). لاحظ إذًا أن الوعد هو "كأس العهد الجديد"، والعقاب هو "كأس خمر السخط"، حيث يشرب كل واحدٍ بما يتناسب مع أعماله سواء الصالحة أو الشريرة. "كل زقٍ" سواء كان جيدًا أو فاسدًا سوف يمتلئ بالخمر التي تناسب طبيعته]. |
![]() |
|