"قوموا فنصعد في الظهيرة.
ويل لنا لأن النهار مال،
لأن ظلال المساء امتدت،
قوموا فنصعد في الليل ونهدم قصورها" [5].
كان الهجوم ليلًا أمرًا شاذًا، لا يُستخدم إلا في حالات نادرة جدًا، أما العدو فقد هجم في الظهيرة وتحقق النصر. دخلوا المدينة فلم يحتملوا أن يهدأوا بالليل بل قاموا بهدم القصور والحصون ليصيروا في مأمن من العودة إلى حرب جديدة في النهار القادم.
ماذا يعني الصعود في الظهيرة، إلا أن الله يسمح بالتأديب علانية حيث يشرق على النفس بتأديباته كما بمراحمه وترفقه. وكأن التأديب هو علامة اهتمام الله بنا وليس تجاهله لنا أو قسوته علينا. مع كل ضيقة يمكن للنفس أن تتوب فتتمتع بإشراقات شمس البر عليها. على أي الأحوال إن لم يستطيعوا أن يهاجموا المدينة في النهار فالليل يجلب لهم النصرة الأكيدة.
في نفس الوقت يقول: "ويل لنا لأن النهار مال" [5]. ماذا يعني هذا إلا أن ما حلّ بنا من تأديبات إنما هو لرفضنا شمس البر فمال بنا النهار لنعيش تحت ظلال الخطية وظلمتها.
أعطى للعدو الشرير أن يقتحم أعماقنا التي صارت ليلًا دائمًا، ويهدم قصورنا التي كان يليق بها أن تكون مملكة لله ومسكنًا لروحه القدوس.
ليتنا نقبل خلال حب الله وتأديباته سكناه فينا وإشراقاته علينا، فنسمع صوت الرسول القائل: "وأما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة... جميعكم أبناء نور وأبناء نهار؛ ليس من ليلٍ ولا ظلمةٍ" (1 تس 5: 4-5).