رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العلامة أوريجينوس: [لننظر ماذا قيل بعد هذا عن الخطاة؟ "جلدتهم فلم يتوجعوا". حين تُضرب الأجساد الحية بالسياط المنظورة في هذا العالم يتألم المضروبون، إن أرادوا أو لم يريدوا. أما بالنسبة لسياط الله فالأمر غير ذلك، يتألم بعض المضروبين والبعض لا يتألمون. هلم نرى ماذا يعني التألم بواسطة سياط الله، وعدم التألم منها. بائسون هم الذين لا يتألمون من سياط الله، ومطوّبون هم الذين يتألمون منها. يقول سفر الحكمة في هذا الشأن: "وإنما كانوا يُجربون (يُنخسون) بهذه ليذكروا أقوالك ويخلصوا سريعًا لئلا يسقطوا في نسيانٍ عميقٍ فلا يتمكنوا بمعونتك" (حك 16: 11). وأيضًا: "من يضع سوطًا لأفكاري، وختم الحكمة على شفتي، لكي لا يشفقوا على جهالاتي، وأهلك بسبب خطاياي" (راجع ابن سيراخ 22: 27 ؛ 23: 2-3). دقق النظر في هذه الكلمات: "من يضع سوطًا لأفكاري؟!" توجد سياط لضرب الأفكار. سياط الله تضرب الأفكار؛ حينما ينفرد الكلمة بالنفس على جنب ويضغط عليها حتى يثور ضميرها على أخطائها التي ارتكبتها، يكون قد ضربها بالسياط. إنه يضرب الإنسان المطوَّب، الذي يتألم من الضرب، لأن كلمات الله تؤثر على نفسه، ولا يلقى بالكلمات باستخفاف لأنها أخجلته. أما إذا وُجد إنسان، يمكن أن يُقال عنه أنه عديم الحس، هذا يُقال عنه: "جلدتهم فلم يتوجعوا" [3]. يُمكن أيضًا تفسير "لم يتوجعوا" بطريقة أخرى. توجد في الجسد بعض أعضاء قد تضمر وتموت... الفارق كبير بين الأعضاء الحية والميتة. فإذا قمنا بعلاج عضو حيّ يتألم الشخص، بينما إذا اُستخدم نفس العلاج لنفس الشخص بالنسبة للعضو الميت فإنه لا يشعر بشيء، لأنه بالنسبة له العضو ميت. ما قلناه عن الجسد ينطبق على النفس، فهي أيضًا يمكن أن تكون ميتة في أعضائها فلا تشعر بضربات السياط مهما كانت شدتها. حتى إن اُستخدمت العذابات المخيفة لن تتأثر بها، بينما يمكن لنفس أخرى أن تتأثر وتتوجع. يكون الإنسان أكثر حزنًا عندما لا يشعر بالألم الساقط عليه مما لو كان شاعرًا به، فإنه يرجو بالأحرى أن يتوجع عندما تحل به الآلام، لأن هذا دليل على أنه لا يزال حيَّا. إنه يحزن لعدم شعوره بالضربات. فإن العبارة "يشتاقون أن يكون للحريق مأكلًا للنار" (إش 9: 4)، تشير إلى الذين لا يتوجعون حين تحل بهم الجلدات، إن أدركوا الفارق بين الذين يتوجعون والذين لا يتوجعون، يشتاقون إلى الإحساس بحروق النار عن عدم الشعور بها. وأيضًا عند الاقتراب من النار المعدة للخطاة يرجون أن يشعروا بها عن عدم الشعور بها]. |
|