رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العريس يطلب مطلقته الزانية: 1 « قَائِلًا: إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَانْطَلَقَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَصَارَتْ لِرَجُل آخَرَ، فَهَلْ يَرْجعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ أَلاَ تَتَنَجَّسُ تِلْكَ الأَرْضُ نَجَاسَةً؟ أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ! لكِنِ ارْجِعِي إِلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ. 2 اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ إِلَى الْهِضَابِ وَانْظُرِي، أَيْنَ لَمْ تُضَاجَعِي؟ فِي الطُّرُقَاتِ جَلَسْتِ لَهُمْ كَأَعْرَابِيٍّ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَنَجَّسْتِ الأَرْضَ بِزِنَاكِ وَبِشَرِّكِ. 3 فَامْتَنَعَ الْغَيْثُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ مُتَأَخِّرٌ. وَجَبْهَةُ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ كَانَتْ لَكِ. أَبَيْتِ أَنْ تَخْجَلِي. 4 أَلَسْتِ مِنَ الآنَ تَدْعِينَنِي: يَا أَبِي، أَلِيفُ صِبَايَ أَنْتَ؟ 5 هَلْ يَحْقِدُ إِلَى الدَّهْرِ، أَوْ يَحْفَظُ غَضَبَهُ إِلَى الأَبَدِ؟ هَا قَدْ تَكَلَّمْتِ وَعَمِلْتِ شُرُورًا، وَاسْتَطَعْتِ!» كشف الله عن حبه اللانهائي نحو شعبه، ونحو كل مؤمن؛ قائلًا: "إذا طلق رجل امرأته فانطلقت من عنده وصارت لرجل آخر، فهل يرجع إليها بعد؟! ألا تتنجس تلك الأرض نجاسة؟!". أما أنتِ فقد زنيتِ بأصحاب كثيرين، لكن ارجعيإليّيقول الرب" [1]. يقول العلامة أوريجينوس: [هذا نوع جديد من الصلاح، فإن الله يقبل النفس حتى بعد الزنا إن رجعت وتابت من القلب... هنا يظهر الله كغيورٍ، يطلب نفسك ويشتهي أن تلتصق به، إنه غير راضٍ. إنه يغضب مظهرًا نوعًا من الغيرة عليك، لتعرف أنه يترجى خلاصك!]. يصعب أن يتخيل إنسان أنه يرد إليه مطلقته التي تركها بسبب زناها، هذه التي لم تخطئ عن ضعف مع شخصٍ ما أغواها، بل تهوى الخطأ مع أصحاب كثيرين... تخطئ بغير حياءٍ، لها "جبهة امرأة زانية"... تخطئ بقدرة وجبروت. ومع هذا كله يشتاق رجلها أن تتوب وترجع إليه! بدأ الله حديثه مع شعبه مشيرًا إلى أحد قوانين الطلاق (تث 24: 1-4)، التي قدمها لشعبه لأجل ضعفهم. فإنه لم يسمح للرجل أن يقبل زوجته مرة أخرى إن كانت قد طُلقت وصارت لآخر. يكشف هنا عن قانون الحياة الزوجية، موضحًا أن الزواج هو اتحاد سري لا ينحل، أما إذا دخل طرف ثالث بينهما (إنسان زانٍ) فينحل الرباط ولا يعود مرة أخرى. لا يطيق رجل ما أن يتزوج مطلقته الزانية، إذ تتنجس الأرض، أي يصير جسده (الأرض) نجسًا! أما الله فليس كزوج بشري يطرد زوجته الخائنة، وإنما في حبه اللآنهائي يرى النفس قد أبطلت اتحادها معه باتحادها مع أعدائه: إبليس وجنوده وأعماله الشريرة، فتحسبهم أصحابها... ومع هذا يدعوها: "ارجعي إليّ!" يقول الأب ميثوديوس: [يتحدث عن هذه التي تعرض نفسها للفحشاء مع قوات جاءت لكي تفسدها، لأن أصحابها هم إبليس وملائكته، الذين يخططون لتدنيس وإفساد جمال عقلنا المتزن والبصيرة السليمة، وذلك من خلال الحوار معهم، والرغبة في معاشرة كل نفس مخطوبة للرب]. عجيب هو حب الله للإنسان، فمع معرفته بكل شر الإنسان وفساده، يفتح له باب الرجاء للعودة، قائلًا له: "هل يحقد إلى الدهر؟! أو يحفظ غضبه إلى الأبد؟!" [5]. إنه يبقى يطلب رجوع النفس إليه... لا لأنه يود أن يراها حزينة متألمة نادمة على ما ارتكبته من آثام، وإنما لأنه يطلبها عروسه المقدسة التي تجد لها موضعًا في أحضانه، أو ابنة تجد أبوها يركض إليها ويرتمي على عنقها ويقَّبلها (لو 15). ما أعجب حب الله! إنه يعرفنا تمامًا في شرنا فيصفنا هكذا: أولًا: كمطلقة تزوجت رجلًا آخر [1]: بحسب الشريعة الموسوية لا يجوز للرجل أن يرد مطلقته التي تزوجت بعد طلاقها، حتى إن طلقها الرجل الثاني أو مات (تث 24: 1-4). ثانيًا: لها أصحاب زناة كثيرون [1]. شتان بين فتاة تتعرض لإغراء شاب فتسقط، وبين عروس متزوجة ترتمي في أحضان هذا وذاك بلا شبع... شرهة في الخطية وطلب الملذات! ثالثًا: لم يبحث عنها الأشرار ليطلبوها، بل تجري في كل الطرقات تطلب الشر، ليس من طريق تعبر فيه إلا وترتكب فيه الخطية. "ارفعي عينيك إلى الهضاب وانظري، أين لم تضطجعي؟! في الطرقات جلستِ لهم كأعرابي فيالبرية ونجستِ الأرض بزناكِ وشركِ" [2]. رابعًا: تشهد الطبيعة لشرها، فبسببها "امتنع الغيث ولم يكن مطر متأخر" [3]. المطر المبكر في شهري أكتوبر ونوفمبر حيث يساعد على الفلاحة عند وضع البذار، أما المتأخر ففي شهري مارس وإبريل حيث يساعد النباتات على نضوج المحصول. عندما يصر الإنسان على الخطأ، معاندًا وصية إلهه، تعانده الطبيعة التي خُلقت لأجله، لتشهد أنه قد فسد وانحرف عن تحقيق رسالته، فلماذا تسنده وتخدمه؟! خامسًا: لها جبهة زانية [3]،أي وجه نحاس لا يعرف الخجل أو الحياء. قديمًا كانت النساء الفاسدات يضعن علامة على جباههن لكي يتعرف عليهن من يطلب الشر. يرى القديس يوحنا الذهبي الفمأن ارتكاب أية خطية بدون حياء يجعل من الإنسان زانية لها جبهة زانية. وفي موضع آخر يقول: [يبدو أن استخدام هذا التعبير لا يناسب تلك المدينة فحسب، بل كل الذين يتطلعون ضد الحق بلا خجل ]. سادسًا: يرى البعض في العبارة: "ألستِ من الآن تدعينني يا أبي؟! أليف صباي أنت! هل يحقد إلى الدهر؟ أو يحفظ غضبه إلى الأبد؟ ها قد تكلمتِ وعملتِ واستطعتِ" [4-5]. قد اتكلت إسرائيل على أنها ابنة لله تمتد علاقتها معه منذ صباها حين كانت في مصر تحت العبودية... وكأنها استغلت أبوة الله وحنانه فتكلمت كابنة لكنها عملت كعاصية وتممت العصيان بقدرةٍ وعنفٍ. ظنت أن الله كالأب الأرضي يتغاضى عن الأخطاء، حتمًا يتجاهل معاصيها. لم تدرك أنه أب حقيقي أكثر حنانًا وترفقًا من الأب الأرضي، لكنه لا يغير أحكامه حتى يغيروا سلوكهم، ويقدموا توبة ويطلبوا الرجوع إليه، إذ يعاتبهم: "وقلت تدعينني يا أبي ومن ورائي لا ترجعين" [19]. يرى البعض في هذه العبارة كلمات عتاب تصدر من الله كأبٍ يبعث فيهم الرجاء بالتوبة بالرغم مما بلغوه من انحطاط وفساد. سابعًا: لم تقف عند حد الزنا والخيانة الزوجية لكنها مخادعة، لها شفتا الغش، تنطق بغير ما تعمل (3-5)، وهي مكروهة لدى الناس فكم لدى الله؟! الله لا يقبل صلوات الشفاه الغاشة، بل يطلب سكب النفس (1 صم 1: 15) وسكب القلب (مز 62: 8). إذ قدم لنا الله هذه الصورة أكد لنا أمرين: أ. بشاعة الخطية بكونها خيانة زوجية! ب. لا تقوم المصالحة على كلمات اعتذار من جانبنا إنما على نعمة الله الغنية التي تتعدى الناموس، بعد خيانتنا له. هذا ويُلاحظ أنه كثيرًا ما تكررت كلمة "رجع shuv" في هذا السفر. فإن التوبة في حقيقتها ليست اعترافًا بالخطأ فحسب ولاهيامتناع عنه فحسب، إنماهي رجوع إلى الله واتحاد معه! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | يطلب الله من إرميا |
آرميا النبي | فلماذا كان يطلب النقمة لنفسه |
آرميا النبي | صوت العريس وصوت العروس |
آرميا النبي | يطلب النبي من يهوذا أن تجز شعرها |
آرميا النبي | الله يطلب عروسه |