رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مَلْفُوحٌ كَالْعُشْبِ، وَيَابِسٌ قَلْبِي، حَتَّى سَهَوْتُ عَنْ أَكْلِ خُبْزِي [4]. يرى المرتل قلبه أشبه بعشب قد جُزَّ، تلفحه الشمس فسرعان ما يجف.إن كان الإنسان قد نسى أن يأكل خبزه، فقد جاء السيد المسيح، خبز الحياة، لكي نتناوله. * هكذا هي حياة الإنسان، اليوم قوي ونشيط، غدًا يذبل "نسيت أن آكل خبزي" لم يقل المرتل: "ليست لي رغبة في الأكل، أو ازدريت بالطعام. لا، بل كانت ذكرى الخطية عظيمة اندفعت عليّ، فانكسرت في ندامة، حتى نسيت أن آكل. صار شوقي الوحيد هو في الله. لقد حُملت بالتمام في التأمل فيه. القديس جيروم * لقد نسيتم أن تأكلوا خبزكم، لكن بعد صلبه، فإن كل أقاصي الأرض تتذكر وتتحول إلى الرب (مز 22: 27). بعد النسيان يأتي التذكر. ليت الخبز يؤكل من السماء، حتى نحيا؛ لا نأكل المن مثل أولئك الذين أكلوا وماتوا (يو 6: 49)، إنما الخبز الذي قيل عنه: "طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ" (مت 5: 6). القديس أغسطينوس * كما أن الجسد يقوته الخبز الأرضي، كذلك النفس يقوتها الخبز الذي نزل من السماء، وهو ربنا يسوع المسيح الذي علَّمنا أن نطلب في صلواتنا الخبز المشدد لجوهرنا. لقد أمرنا، قائلًا: "أعطوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي، فهو يضمر ويسقط زهره ونوره، ويجف كالعشب. وكما تيبس الأرض من عدم المطر ولا تثمر كذلك يبس قلبه (قلب كل إسرائيلي) ولا يثمر ثمر الفضيلة لانقطاع مطر الكلام الإلهي عنه. الأب أنسيمُس الأورشليمي * إذا كان الجسد يأخذ كل يوم غذاءه ثم يسترخي، فهذا يأتي من الشياطين، إلاّ في حالة المرض، فيلزم الاعتدال، وهذا يكون بالقيام من على المائدة قبل الشبع بقليلٍ، وذلك حسبما عيّن الشيوخ للمبتدئين. وعندما يبلغ الإنسان إلى قياس قول الرسول: "إننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 11)، لا يمكنه أن يسهو عن الكمية التي يجب أن يأكلها، لأنه يكون قد تدرّب (أو اعتاد) على ذلك... ولعل إله آبائنا يقودك إلى هذه المسرة، لأن هذا نور يفوق الوصف ومتألِّقٌ وحلو. إنه لا يذكر الغذاء الجسدي، لأنه يسهو عن أكل خبزه (مز 102: 4). روحه تكون في مكانٍ آخر، فهو يبحث عن السماويات ويفكر فيها، ويتأمل فيها. القديس برصنوفيوس * سؤال من الأب نفسه إلى الشيخ نفسه: كيف يحدث أنه عندما أريد أن أسيطر على بطني، وأُنقص من الطعام إلى الحد الضروري، لا أستطيع ذلك؟ فإذا تناولتُ في أحد الأيام قليلًا من الطعام الأقل قيمة، فإنني أعود بعد ذلك بطريقة غير محسوسة إلى مقداري السابق، وهكذا أيضًا في الشرب. جواب الأب يوحنا: إن محبتك لَتذكِّرني، يا أخي، أن كل ما تقوله لي قد جرّبته بنفسي، وعانيتُ منه أنا أيضًا. ولا يوجد مَنْ هو مستثنى إلاّ الذي بلغ إلى درجة المرتل الذي قال: "سهوتُ عن أكل خبزي، من صوت تنهُّدي، لصق عظمي بلحمي" (مز 102: 4-5). إنه وصل إلى نظام أقل في الطعام والشراب، لأن دموعه صارت خبزه، وبدأ منذ ذلك الوقت يتغذّى بالروح (القدس). صدقني يا أخي، إنني أعرف إنسانًا يعرفه الرب كانت له هذه الدرجة: أنه مرةً أو مرتين في الأسبوع وأكثر، كان يأسره الطعام الروحاني حتى أن حلاوته تُنسيه الطعام المحسوس، وعندما يحين ميعاد الأكل يشعر مثل هذا الإنسان بالشبع والاشمئزاز من الطعام ولا يريد أن يأكل. فردوس الآباء |
|