المحرقة – ثم نقرأ عن نوح عقب خروجه من الفُلك: [وبنى نوح مذبحاً للرب (وهذه أول مرة يُذكر فيها [المذبح mizbeach] على صفحات الكتاب المقدس، ولو أنه لا يعني أنه أول مذبح يُبنى) وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأَصَعَّدَ (صعيده) محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا (وهذه أول مرة يُسمع فيها عن رضا الله بعد السقوط)][5]
وعلينا أن نُلاحظ بتدقيق
أن ذبيحة هابيل سماها الكتاب [قرباناً أو تقدمة = هدية شكر] أما هنا – في وضع نوح – سُميت [صعيده ( عوله = رَفَعَ) محرقة للرضا]، وهذه أول مرة نقرأ عن وجود هذه الذبيحة [محرقة للرضا، رائحة سرور للرب] وهذا كما جاء أيضاً في ذبيحة المحرقة في سفر اللاويين كالتالي: [ويوقد الكاهن الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب][6]
وكما يدعوها أيضاً [محرقة للرضا][7]، وكان ذلك تعبيراً عن منتهى خضوع (نوح) الكلي لله وشكره العميق بعبادة حسنة، مُلتمساً رضاه بعد أن أغضبه البشر بشرورهم التي ظلوا يخترعونها جيلاً بعد جيل متقدمين في كل أنواع الشرّ وألوانه حتى صاروا محترفين، كما أنه أراد أن يُعبَّر عن اعترافه بفضل الله الذي خلصه من الموت، فكان نوح هنا نائباً عن البشرية في هذا الموقف العظيم حينما أصعد محرقاته المُعبَّرة عن شكره وامتنانه وخضوعه التام والتماسه لرضا الله وهكذا [صار وارثاً للبرّ الذي حسب الإيمان]