الرب بعيدٌ:
يقول الحكيم: «الربُّ بعيدٌ عن الأشرار، ويسمع صلاة الصدِّيقين» ( أم 15: 29 )، ويقول الرسول بولس: «إنهُ عن كل واحدٍ منَّا ليس بعيدًا» ( أع 17: 27 ). وكِلا القولين صحيح. فالرب قريبٌ جدًا من النفس المسكينة والمُحطَّمة، التي أعيَاها الشر وكسرها الإثم، ويريد أن يُخلِّصها ويُحررها، إلا أن الإنسان - في إصراره على السير في طريق البُعد والتيه - يبتعد عن الله ولسان حاله «ابعُد عنَّا، وبمعرفة طُرقك لا نُسرُّ» ( أي 21: 14 ). كما أننا نرى الذين يرتَدون ثوب التدُّين في الظاهر كما لو كانوا قريبين من الله نظير الفريسي (لو18)، ولكن هؤلاء هم الذين وبَّخهم الرب قائلاً: «هذا الشعب قد اقترب إليَّ بفمهِ، وأكرَمني بشفتيهِ، وأما قلبهُ فأبعَدَهُ عني، وصارتْ مخافتهم مني وصية الناس مُعلَّمَةً» ( إش 29: 13 ). وقد قال عنهم إرميا النبي: «أنتَ قريبٌ في فمهم، وبعيدٌ من كلاهم» ( إر 12: 2 ).