رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عبور يوناثان إلى الفلسطينيين: وقف الجيشان قبالة بعضهما البعض؛ الفلسطينيون عند سن الصخرة التي في الشمال "بوصيص" (أي مضيئ) مقابل مخماس؛ وشاول ورجاله في الجنوب عند سن الصخرة "سنة" (أي شجرة السنط) عند جبع بينهما ممر ضيق لكنه شديد الانحدار لا يستطيع إلا الماعز الجبلي، أو من يحبو على يديه أو رجليه. كل جيش يترقب الآخر، بينما كان الفلسطينيون يخربون أرض بنيامين. غار يوناثان بن شاول على شعبه، وكان على خلاف أبيه إنسانًا مستقيمًا محبًا للحق مهما كلفه الثمن، أمينًا في علاقته بالغير، مملوءًا إيمانًا. في إيمانه تحرك للعمل دون أن يخبر أباه حتى لا يمنعه، إذ كان شاول مرتبكًا والشعب في رعب وقد هرب الكثيرون ولم يبق مع الملك سوى الستمائة رجل لا يعرفون ماذا يفعلون. كان شاول في طرف جبعة [2] أي خارج المدينة، ربما في البرية بالقرب من جبعة إلى جهة جبع، وكان أخيا -ربما هو نفسه أخيمالك وقد حمل الاسم الأخير توقيرًا لاسم الله، لأن أخيا تعني أخا لله بينما أخيمالك تعني أخا للملك -في شيلوه يلبس الأفود، أي الملابس الكهنوتية (خر 28: 6)، وذلك في مسكنه، لأن خدمة الخيمة توقفت بعد أخذ الفلسطينيين التابوت (1 صم 4). لم يحتمل يوناثان هذا الموقف المخزي، فقد آمن بالله القادر أن يحقق وعوده لشعبه واهبًا النصرة بالقليل كما بالكثير، وكان الغلام حامل السلاح يشاركه ذات الإيمان، فكان سندًا له يشاركه تحركاته. هنا تبرز أهمية الأصدقاء المملوئين إيمانًا، يشاركوننا جهادنا الروحي، يرافقوننا الطريق في رجاء ويسندوننا لا أن يثبطوا هممنا، وعلى العكس خطورة الأصدقاء الأشرار إذ يحدرون الإنسان نحو الهلاك ويفقدونه رجاءه. * يوجد علو الفرح متى تمتعنا بالله وكنا في أمان ووحدة الأخوة. القديس أغسطينوس قال يوناثان لحامل سلاحه: "تعال نعبر إلى صف هؤلاء الغلف لعل الله يعمل معنا، لأنه ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو القليل" [6]. لقد أدرك يوناثان ضعفه لكنه سلم هذا الضعف في يدي الله ليتمم مقاصده، واثقًا في الله الذي يعمل بقوة في حياة المؤمنين. يقول الرسول بولس: "بالإيمان قهروا ممالك، صنعوا برًا، نالوا مواعيد، سدوا أفواه أسود، أطفئوا قوة النار، نجوا من حد السيف، تقوموا من ضعف، صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء" (عب 11: 33-34). * سلاح القلب هو الإيمان بالمسيح. * بإيمان الذهن يصير (الإنسان) كمن استقر فعلًا في الملكوت. مار إسحق السرياني وضع يوناثان علامة، إن قال الفلسطينيون: "اصعدوا إلينا"، يصعد مع غلامه لأن الرب قد دفعهم لأيدي الشعب. وبالفعل إذ رآهما الفلسطينيون سخروا منهم قائلين: "هوذا العبرانيون خارجون من الثقوب التي اختبئوا فيها"، وقال رجال الصف لهما: "اصعدوا لنعلمكم شيئًا". في سخرية تطلعوا إليهما حاسبين أن العبرانيين قد خرجوا كبنات آوي من الثقوب، وفي استهزاء قالوا ليوناثان وغلامه أن يصعدا ليعلموهما شيئًا، أي ليقتلاهما. تحدثوا معهما في صيغة مزاح واستخفاف، لكن يوناثان حسبها علامة من السماء. ربما تأكد من هزيمة العدو مدركًا بعد كبريائهم السقوط الحتمي.لم يكن ممكنا الصعود والإنسان منتصبًا، فتسلق يوناثان الصخور على يديه ورجليه محتملًا هذه الصورة المخزية وما تحمله أيضًا من مخاطر، وتبعه غلامه أيضًا. هنا أرعب الرب العدو وحسبوا أن وراءهما جيشًا عظيمًا فهربوا. قتلا نحو عشرين رجلًا في منطقة تبلغ مساحتها نصف فدان، بينما سقط الكثيرون من الانحدار الشديد حيث كان المكان ضيقًا، وكأن العدو ضرب نفسه بنفسه. حدث ارتعاد في المحلة في الحقل [15]؛ هذا حديث مجازي يكني عن شدة خوفهم، وربما حدث زلزال فعلًا حطمهم. هكذا صعد يوناثان يحبو على يديه ورجليه متكئًا على الله بالإيمان، فبدد أمامه الجيوش القوية المتشامخة. |
|