رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَتَنْصِبُ مِثْلَ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ قَرْنِي. تَدَهَّنْتُ بِزَيْتٍ طَرِيٍّ [10]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "يرتفع مثل وحيد القرن قرني، وشيخوختي في دهن دسم". "وحيد القرن Unicorn" أو أحادي القرن، وهو حيوان له جسم فرس وذيل أسد وقرن وحيد في وسط الجبة. يشير "القرن" إلى القوة، لذا يقول المرتل: "إلهي صخرتي به أحتمي، ترسي وقرن خلاصي وملجأي" (مز 18: 2). كما قيل: "قلت للمفتخرين لا تفتخروا، وللأشرار لا ترفعوا قرنًا؛ لا ترفعوا إلى العلي قرنكم، ولا تتكلموا بعنقٍ متصلبٍ" (مز 75: 4-5). كأن المرتل هنا وقد تلامس مع عمل الله الذي يبدد فعله الإثم يدرك أنه ينقذه من حالة الإحباط التي سبق فحلت به بسبب الأشرار، طالبًا منه أن يهبه القوة والفرح والحرية. يسأله أن يمسحه بالدهن، فيجعله مكرسًا للرب كما وُهب للملوك حيث مسحهم الأنبياء (1 صم 15: 1، مز 2: 2)؛ يهبهم مسحة البهجة المفرحة (2 صم 12: 20). للقديس جيروم تعليق يخص "القرن" إذ يقول بأنه لا يجوز تقديم ذبيحة في الهيكل لحيوانٍ ليس له قرن، لأن الذبيحة تشير إلى السيد المسيح المصلوب، فيبسط يديه على الصليب، ليضرب بالصليب عدو الخير، كما يقتل الحيوان عدوه بالقرن. على الصليب صلب السيد المسيح الشيطان وكل قواته، ووهبنا روح الغلبة والنصرة. أما بخصوص الدهن الإلهي أو الزيت، فقد صعد السيد المسيح إلى السماء من على جبل الزيتون، لكي إذ نُدهن بزيت مراحم الرب أو دهنه الإلهي فبالحق تنحل قلوبنا من رباطات العالم، وتصعد إلى ملكوت السماء! إنه لم يصعد من وادي الزيتون، بل من جبل الزيتون، لأنه يود أن يرفعنا إلى السماء، أما إبليس فله أيضًا زيته في الفلسفات والإلحادية والهراطقة والأشرار لكي يعدوا البشر بالاستنارة بزيتهم الذي لا يرفع قلوبهم إلى ملكوت السماء، بل يهبط بهم ويحدرهم إلى محبة العالم والأرضيات. * "وتنصب مثل البقر الوحشي قرني". يُشيَّد القرن دائمًا في مملكة... كحقيقة واقعة لا يُقدم للرب ذبيحة في الهيكل ما لم يكن لها قرون. يُقدم في الهيكل ثلاث حيوانات للرب: الثور والكبش (الخروف) والظبي. ثلاث حيوانات تقدم ذبائح وكلها بقرون. ما لم يكن له قرن يهزم به عدوه لا يُحسب أهلًا أن يُقدم للرب. وهذا هو السبب لماذا يوصف الرب أيضًا بالقرن (مز 18: 2)، بالنسبة للذين يؤمنون به، وبقرون الصليب غلب أعداءه. على الصليب أخزى الشيطان وكل جيشه. لتتأكدوا أن المسيح صُلب بجسده، ولكن على الصليب صلب هو الشياطين هناك. لم يكن صليبًا، بل علامة النصرة، علم الغلبة. غايته الكاملة لصعوده الصليب هو أن يرفعنا عن الأرض. أظن أن صليب المخلص كان السلم الذي رآه يعقوب. * كم أن أجسادنا عندما تكون مرهقة من العمل اليدوي، تنتعش بدهنها بزيتٍ، وكما أن نور السرج ينطفئ ما لم تغذيه بالزيت، هكذا نور شيخوختي يتطلب زيت رحمة الله ليبقى منيرًا ببهاءٍ. لذلك أيضًا صعد الرسل على جبل الزيتون لكي يستنيروا بزيت الرب، إذ كانوا في قلقٍ، وكانت مصابيحهم في حاجة إلى زيته. في توافق مع هذا الفكر، يقول البار: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله" (مز 52: 8). وفي موضع آخر يقول الكتاب المقدس: "بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك" (مز 128: 3)... لماذا كان من الضروري للرب أن يصعد إلى ملكوت السماوات من جبل الزيتون؟ إنما ليحقق ما يعلمكم به الكتاب المقدس. ما لم يكن لكم ولمصابيحكم الزيت، لن تستطيعوا أن تصعدوا إلى ملكوت السماء. يلزمكم أن تكونوا على جبل الزيتون، لا في وادي الزيتون، بل على الجبل. قد يسأل أحد: ما هو وادي الزيتون؟ الشيطان أيضًا له الزيتون الخاص به، له الفلاسفة، له الهراطقة، هؤلاء أيضًا لهم زيت، هو أيضًا يعدون بنور المعرفة. لكن هذه البساتين من الزيتون تقود إلى الانحدار في الوادي. "زيت الخاطي لا يدهن رأسي" (راجع مز 142: 5). لنصلي إذن للرب لكي ما تستنير شيخوختنا وعملنا وكل ظلمتنا بزيت الرب. القديس جيروم |
|