رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وصف الحكيم سليمان هذا الشعور الصعب بقوله «لأَنَّهُ مَاذَا لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ، وَمِنِ اجْتِهَادِ قَلْبِهِ الَّذِي تَعِبَ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ؟ لأَنَّ كُلَّ أَيَّامِهِ أَحْزَانٌ» (جامعة٢: ٢٢، ٢٣)، كما يقول في موضع آخر من ذات السفر «كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ عُرْيَانًا يَرْجعُ ذَاهِبًا كَمَا جَاءَ، وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ تَعَبِهِ فَيَذْهَبُ بِهِ فِي يَدِهِ... فَأَيَّةُ مَنْفَعَةٍ لَهُ، لِلَّذِي تَعِبَ لِلرِّيحِ؟» (جامعة٥: ١٥-١٦). ها الحكيم يخبرنا أن التعب والاجتهاد ليس دائمًا نتيجته السعادة والفرح. يذكر صاحبنا أيضًا أمرًا غاية في الأهمية والخطورة، هو ضياع الهدف. لقد شعر أنه أهدر وقتًا كبيرًا من حياته في اللهث وراء جمع المال، واكتساب الشهرة. إلا أنه يشعر الآن وهو على فراش الموت أنه كان ينبغي أن يقضي حياته في الجري وراء أهداف أخرى أعظم وأكثر أهمية. وهذا ما وصفه لنا الحكيم سليمان عندما قال: «فَكَرِهْتُ كُلَّ تَعَبِي الَّذِي تَعِبْتُ فِيهِ تَحْتَ الشَّمْسِ حَيْثُ أَتْرُكُهُ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدِي» (جامعة٢: ١٨). درس هام جدًا لنا، يجعلنا نراجع الأهداف التي نضعها أمامنا في الحياة، ونسأل أنفسنا عن قيمتها، ومدى تأثيرها على حياتنا. وهل ستجلب لنا السعادة الحقيقية أم أننا سنكتشف بعد مرور السنين أنها كانت أهدافًا وهمية لا قيمة لها؟ فيا له من شعور رهيب بخيبة الأمل عندما يصل الإنسان للنهاية ليكتشف أنه لم يتمتع بما قضى حياته كلها في جمعه، واللهث وراءه «إِذَا كَثُرَتِ الْخَيْرَاتُ كَثُرَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَهَا، وَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِصَاحِبِهَا إِلاَّ رُؤْيَتَهَا بِعَيْنَيْهِ؟» (جامعة٥: ١١). |
|