· فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه؛ لأنكم كنتم قبلاً ظُلمة وأما الآن فنور في الرب، اسلكوا كأولاد نور؛ اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد؛ اسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة.
· فأن الذين يحفظون بقداسة ما هو مُقدَّس يُقدَّسون، والذين يتعلَّمون هذه يجدون ما يحتجون به؛ الله لم يَدْعُنَا للنجاسة بل في القداسة.
ما هي القداسة التي بدونها لن يُعاين أحد الرب، والتي أعلنها لنا الإنجيل؟
+ القداسة في أصلها هي هبة المحبة الكاملة من الله للإنسان،
أي أنها عطية خاصة مُميزة، يُميزها ملء الروح القدس. لذلك فأن القداسة هي تقديس النفس وتخصيصها لله وحده، وهي تتضمن – بالتالي وبالضرورة – تجديد النفس وتغييرها باستمرار، وهذا التجديد يأتي من النظر لوجه النور بدوام، لأن الروح القدس يفتح العينين على مسيح القيامة والحياة لننظر إليه فنستنير، فنثبت أنظارنا عليه لا على أنفسنا. وبذلك تتوجه الرغبات والميول والأفكار والأهداف نحو الله، بحيث تتحطم قوة ميل الخطية من داخل قلب الإنسان يوماً بعد يوم، وتُصبح الطهارة والبرّ والصلاح والتقوى رغبة وصرخة القلب القوية والتي وحدها صار لها السلطان على ميل القلب الخفي، لأن الروح القدس نفسه يولِّد هذه الأشواق ويزرعها في داخل النفس سراً، لتصير محور طلب الإنسان وسعيه الدائم المستمر حتى تملأ الكيان كله وتنفرش عليه، وتشع وتغطي حتى الخارج فيكون كلياً مكسياً برداء القداسة والطهارة، حتى يظهر كأن هذا هو حاله الطبيعي، ولا عجب، لأن الطبيعة الجديدة التي نلناها من الله هي طبيعة نورانية مملوءة قداسة وبرّ المسيح الرب، ولا ترتاح إلا حينما يتم فيها قصده، إذ تتشبه به في كل شيء، لأن لا يرتاح المثيل إلا على مثيله، لذلك نجد القديس بولس الرسول يُصلي للتسالونيكيين ويقول: وإله السلام نفسه يُقدسكم بالتمام، ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح ؛ حيث (يقدسكم) هنا تُفيد معنيان:
(1) الفرز والتخصيص، (2) التطهير والتنقية