لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ،
وَمِنَ الْوَبَأ الْخَطِرِ [3].
جاءت ترجمة "الوبأ الخطر" في القديس جيروم"الكلمة القارسة"، ويقول إنها في العبرية جاءت "المكتومة"، لأن الهراطقة دائمًا يعدون بأسرار عميقة مظلمة لكي يتلفوا ويمزقوا ما هو حق وواضح.
إن كان إبليس صيادًا خبيثًا، فدوره الرئيسي أن يدرب من له على نصب الشباك والفخاخ لاصطياد النفوس لحسابه. هذه الفخاخ كثيرة ومتنوعة، من خطايا وهرطقات. أما عمل السيد المسيح فهو أن ينقذ نفوس مؤمنيه من الفخاخ فتفلت منها وتطير، كالعصفور الذي يفلت من فخ الصيادين.
* مما ينجيك؟ "من فخ الصياد، ومن كلمة قاسية". الخلاص من فخ الصياد حقًا بركة عظيمة، ولكن كيف يكون الخلاص من كلمة قاسية هكذا؟ كثيرون يسقطون في فخ الصياد من كلمة قاسية. ما هذا الذي أقوله؟ الشيطان وملائكته ينصبون فخاخهم كصيادين، والذين يسلكون في المسيح يسيرون بعيدًا عن هذه الفخاخ. لأنه لا يجسر أن ينصب فخه في المسيح. إنه ينصبه على حافة الطريق، لا في الطريق. إذن ليكن طريقك هو المسيح، وبهذا لا تسقط في فخاخ الشيطان...
ولكن ما هي الكلمة القاسية، يصطاد الشيطان في فخاخه كثيرين بالكلمة القاسية. كمثال الذين يعترفون بالمسيحية وسط الوثنيين يحتملون اهانات من الوثنيين... كما أن المسيحي الذي يعيش بين الوثنيين ويخاف من اهاناتهم يسقط في فخ الصياد، هكذا من يعيش بين المسيحيين ويسعى أن يكون أكثر اجتهادًا وأفضل من البقية، عليه أن يحتمل اهانات من المسيحيين أنفسهم... إذ يقولون له: "إنك قدير، وبار، إنك إيليا، إنك بطرس، لقد نزلت من المساء!" إنهم يهينونه أينما سلك، ويسمع كلمات قاسية من كل جانب. فإن خاف وترك طريق المسيح يسقط في فخاخ الصيادين.
القديس أغسطينوس
* أقوال الهراطقة تصيد نفوس الأميين، وتزعجها بزيادة.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
* "اتكل عليه، لأنه ينجيني من فخ الصياد". في هذا الدهر يوجد صيادون كثيرون يرغبون في اصطياد نفوسنا. وكما يقول النبي: "انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين" (مز 124: 7). نلاحظ في مرات كثيرة أن في الكتاب المقدس يلعب الصيادون دورًا معاديًا. كمثال نمرود العملاق الذي كان دائمًا متمردًا على الله، كان صيادًا. وأيضًا هكذا كان عيسو... نقرأ في سفر الأمثال: "عيني الزانية شبكة الخاطي" (راجع أم 6: 25 LXX). من ينظر إلى امرأة بشهوةٍ يرتكب زنا في قلبه (مت 5: 28). توجد شباك كثيرة حيث توجد خطايا كثيرة؛ وحيث يوجد صيادون كثيرون توجد شباك. تعاليم الهراطقة هي مصائد الموت.
* يوجد صيادون كثيرون في هذا العالم يضعون المصايد لنفوسنا. نمرود العملاق كان صيادًا قديرًا أمام الرب (تك 10: 8-9). عيسو أيضًا كان صيادًا، إذ كان خاطئًا. في كل الكتاب المقدس لا نجد صيادًا كعبدٍ أمينٍ، إنما نجد صيادي سمك أمناء... مادمنا نحن في حالة النعمة فإن نفوسنا تكون في سلام، لكن ما أن نبدأ نلهو بالخطية حتى تصير نفوسنا مضطربة، مثل قارب تخبطه الأمواج.
القديس جيروم