رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طلب ملك: ربما يتساءل البعض: لو لم يطلب الشعب ملكًا، هل كان الله قد أعد لهم إقامة مملكة؟ أ. لا نجد للنظام الملكي موضعًا حقيقيًا في الشريعة الموسوية إلا ما جاء في (تث 17: 14-20). ربما كان هذا نبوة عن إقامة نظام ملكي في أرض الموعد، وربما كانت نصائح تقدم للشعب إن اختار له ملكًا وقواعد يلتزم بها الملك ليعيش كما يليق كعضو في الجماعة المقدسة. ب. كان الخطأ لا في طلب إقامة ملك إنما في تعجل الأحداث وفي إساءة فهم النظام الملكي. فمن جهة الزمن كان الله يدبر لهم إقامة ملك قلبه مثل قلب الله، فقد سمح بمجيء راعوث من بين الأمم، تلك التي من نسلها يخرج داود النبي والملك. لو انتظروا قليلًا لنالوا أفضل مما طلبوا، ولَمَا أُقيم شاول الجميل الصورة الذي سبب لهم شقاءً عظيمًا. أما من جهة فهم النظام الملكي، فقد أرادوا ملكًا يقود الجيش عوض صموئيل النبي رجل الصلاة، وقد حطمهم الملك الذي نالوه حسب قلبهم عوض بنيانهم ونصرتهم. لقد أرادوا أيضًا ملكًا يحكمهم هو ونسله من بعده بينما في ظل نظام القضاة كان يمكنهم اختيار قائد للحرب دون الارتباط بالنظام الملكي وتسليم القيادة في أيدي نسله بالوراثة. لقد شاخ صموئيل النبي والقاضي، وأقام ابنيه يوئيل وأبيا قاضيين في بئر سبع، اللذين لم يسلكا في طريق أبيهما إذ مالا وراء المكسب المادي والرشوة وعوَّجا القضاء [1]. كان يليق بصموئيل النبي أن يقيم قضاة مستقيمين عوض ابنيه. لماذا لم يوبخ الله صموئيل على انحراف ابنيه كما فعل مع عالي؟ ربما لأن عالي كان رئيس كهنة وقد ارتكب ابناه الكاهنان خطايا بشعة ورجاسات تستوجب لا العزل بل القتل حسب الشريعة. وكان الابنان يعملان مع أبيهما وتحت مسئوليته كرئيس كهنة. أما بالنسبة لابني صموئيل، فيحتمل أن يكون انحرافهما - قبول الرشوة - جاء مؤخرًا بعدما تسلما العمل بفترة، فابتدأ الاثنان بالاستقامة لكن محبة المال أغوتهما، هذا وكان الاثنان يعملان في بئر سبع وليس مع أبيهما في الرامة، وربما جاء اختيارهما بناء على رغبة الشعب لأنهما لا يرثان المركز (القاضي) بالخلافة. يتساءل البعض لماذا دُعيَ البكر هنا "يوئيل" بينما في (1 أي 6: 28) قيل (البكر "وشني")؟ كلمة وشني في العبرية تعني "والثاني"، ولذا يرى الدارسون أن كلمة "يوئيل" حذفت سهوًا في النساخة وأن كلمة وشني قُصد بها (والابن الثاني) وليست اسمًا للبكر. اعتراض شيوخ إسرائيل على انحراف ابني صموئيل يكشف عن وجود ضمير حيّ فيهم، على خلاف فترة حكم عالي الكاهن إذ لا نجد أحدًا يعترض على تصرفات ابنيه البشعة. هذا وتنصيب الابنين للقضاء في بئر سبع في الجنوب بينما كان صموئيل يقضي في الشمال يكشف أن حكم صموئيل شمل البلاد كلها من الرامة إلى بئر سبع، وأن استقرارًا داخليًا قد حل بالبلاد، وأنهم كانوا مستريحين من حكم الفلسطينيين. يليق بكل قائد أن يحذر من محبة المال والرشوة فقد أفسد المال قلبي القاضيين وسبب متاعب لهما ولأبيهما كما للشعب. |
|