رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حتميات ٩ وصلنا عزيزي القارئ للحتمية الأخيرة في سلسلة مقالات الحتميات. فقد توقفنا سابقًا أمام حتميات خاصة بالرب يسوع، والتي رأينا فيها حتميات مرتبطة بحياته وموته وقيامته، وقد تمت في شخصه المبارك. ثم توقفنا أمام حتميات خاصة بالإنسان، وأهمها حتمية الولادة من فوق. والتي يعقبها حتميات لا بد أن تظهر في حياة المؤمن من جهة علاقته بالله، وعبادته، والشهادة عنه، وعلاقته بكلمة الله، ثم علاقته بالآخرين. ولأن مخلصنا يسوع المسح أنار لنا الحياة والخلود بواسطة الإنجيل (٢تيموثاوس١: ١٠). لذا نأتي الآن لحتمية لا بد من حدوثها في المستقبل ألا وهي: الوقوف أمام كرسي المسيح «لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا.« (٢كورنثوس٥: ١٠). لماذا؟ في يوم اتضاعه وحياته على الأرض تعرض ربنا يسوع المسيح للإحتقار والرفض الكثير. وفي محاكمته الظالمة وقف كثيرًا أمام كراسي الحكام الظالمين أمثال مجمع السنهدريم، وبيلاطس، وهيرودس. لذا لا بد، وقريبًا جدًا، سيقف الجميع أمام كرسيه، وسيّرد له اعتباره على ذات الأرض التي أُهين عليها وأمام جميع الخلائق. يوم أن يكون الرب وحده واسمه وحده، يوم أن تراه كل عين، ويعترف به كل لسان، وتجثو باسم يسوع كل ركبة. يوم آت وهو قريب. واحد أم ثلاثة؟ إن ما سيحدث في المستقبل القريب والبعيد قد أناره الرب لنا بواسطة الإنجيل، الذي يخبرنا أن جميع الجنس البشري، مؤمنين وغير مؤمنين، سيقفون أما المسيح، ليس دفعة واحدة، بل على ثلاث دفعات في ثلاثة أماكن، في أزمنة مختلفة كالآتي: ١– كرسي المسيح، في السماء، للمؤمنين، بعد الاختطاف وقبل الظهور (٢كورنثوس٥: ١٠). ٢– كرسي مجد ابن الإنسان، على الأرض، للأحياء أشرارًا وأبرارًا، عند ظهوره وقبل المُلك الألفي (متى٢٥: ٣١-٤٦). ٣– العرش العظيم الأبيض، المُعلق في الهواء حيث لا أرض ولا سماء، لجميع الأموات الأشرار، وذلك بعد نهاية الملك الألفي (رؤيا٢٠: ١١-١٥). فلنلقي نظرة سريعة على هذه الوقفات: ١-الوقوف أمام كرسي المسيح للمؤمنين: سيُرى المؤمنون في ثلاثة مشاهد في السماء بعد الاختطاف: * الجلوس على العروش، متسربلين بثياب بيض، متوجين بأكاليل من ذهب، ولهم كل واحد قيثارات، وهم يترنمون ترنيمة جديدة، ساجدين قدام العرش للحي إلى أبد الآبدين (اقرأ رؤيا٤، ٥). * الوقوف أمام كرسي المسيح لنوال الأكاليل والمكافآت وسماع المدح والنعم من فم الرب على كل ما فعلناه في حياتنا على الأرض من الخير. * عرس الخروف ولحظة زفاف الكنيسة للمسيح، إنه يوم «لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا... وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ» (رؤيا١٩: ٧، ٨). ٢- يأتي بعد ذلك الظهور وإجراء دينونة الأحياء قبل الملك الألفي: «وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ. فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ... ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ... فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (متى٢٥: ٣١-٤٦). ٣- الوقفة الثالثة ستكون لجميع الأموات الأشرار منذ بدء الخليقة حتى نهاية الملك الألفي: «ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! ووَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا (في المقام وليس السن) وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ» (اقرأ رؤيا٢٠: ١١-١٢). والخلاصة: لا بد: هذا أمر حتمي قرره الله. «الأَمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ، وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ» (تكوين٤١: ٣٢). وعندما يقرر الله أمرًا ويعلمنا به ألا نهتم ونعمل له حسابًا، خاصة وأن الأمر يختص بأبديتنا؟! عندما يقرر الأطباء مثلاً إجراء عملية جراحية خطيرة لأحدنا ألا يترك أو يؤجل أشياء كثيرة ويهتم بالعملية وتكلفتها والاستعداد ليومها حتى تمر بسلام؟ فلماذا نحن غافلون؟ لقد أعلمنا الرب فليتنا ومن الآن نعمل ألف حساب لهذا اليوم وهذه الوقفة «فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلهِكَ« (عاموس٤: ١٢). جميعًا: حقيقة عامة تُطلق على المخلَّصين والهالكين، من صدذَقوا ومن لم يصدقوا، من اهتموا ومن أهملوا. الكل سيقف أمام المسيح. ليتك تأتي الآن بإرادتك وتطلب الخلاص فتأخذ، قبل أن يؤتى بك غصبًا ليوم الدينونة. نُظهر: قال الرب يسوع «لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ» (مرقس٤: ٢٢). والظهور سيشمل: *الأشخاص: فالآن وعندما نتأمل في مرتادي الكنائس نقول: «يعلم الرب الذين هم له»؛ فكثيرون منهم لهم صورة التقوى. ولكن في ذلك اليوم ستسقط كل الأقنعة وسيظهر كل على حقيقته. *الأعمال: «فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ» (١كورنثوس٣: ١٣). *آراء القلوب: «إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ» (١كورنثوس٤: ٥). لينال كل واحد: الكل سيأخذ. الكل سيحصد ثمر ما عمله في حياته وسيسمع القول «أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا» (أمثال٣١: ٣١). ومن اهتم بمجد نفسه فقط سيسمع القول «بِقَدْرِ مَا مَجَّدَتْ نَفْسَهَا وَتَنَعَّمَتْ، بِقَدْرِ ذلِكَ أَعْطُوهَا عَذَابًا وَحُزْنً» (رؤيا١٨: ٧). ونلاحظ هنا أن الحساب والعقاب ليس لشعوب أو ديانات أو طوائف أو كنائس، بل لأفراد، فليس أحد يعطي حسابًا عنك؛ فكل واحد مسؤول عن نفسه. عزيزي القارئ: قد أخبرك الرب بواسطة الكتاب المقدس ما سيحدث لجميع الناس والمصير الأبدي الذي ينتظر الكل. وهذا أمر حتمي لا بد أن يتم، فأين أنت من هذا؟ هل أنت مستعد لهذه الوقفة؟ إن كنت لم تقبل المسيح للآن مخلصًا لك فليتك تأتي الآن لأن اليوم يوم خلاص. وأنت أخي المؤمن لا تنسى وسط مشاغل الحياة أنك ستعطي، وقريبًا، حساب وكالتك. |
|