رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكن ما قد يفوت على الكثيرين، أنه قبل أن يضع إبراهيم حدود مع لوط من خارجه فقد وضع حدود داخلية مع نفسه، وهو أمر مهم جدًا، ونستشفه أيضًا من قصة السائق السابق ذكرها؛ فلو كان هذا السائق احترم نفسه في البداية، وركن سيارته بعيدًا عن تعطيل الطريق، كان من السهل عليه أن يضع حدودًا خارجه. ولنرجع مرة أخرى لإبراهيم، ونلاحظ جملة ذُكرت أثناء وضع إبراهيم لحدوده مع لوط، فنقرأ «فَحَدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفَرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ» (تكوين١٣: ٧)، ولأن الوحي المقدس لا يذكر أي حرف اعتباطًا، فالمفهوم من هذه الإضافة عن سكان الأرض، أن إبراهيم عمل اعتبارًا لنظرة الشعوب من حوله له ولابن أخيه لوط، ولذا لم يدخل في نقاشات وخلافات تشوه صورته كالغريب الحقيقي بينهم، وهذا ساعده أن يقول لاحقًا لابن أخيه لوط: اعتزل عني. وهو درس رائع ونادر التطبيق أيضًا، فقبل أن تطالب الآخرين بأن يحترموا حدودك الخارجية، عليك أنت بنفسك أن تحترم حدودك الداخلية. فلا تشوه الاسم الذي دُعي عليك، ولا تتورط في أي قضايا خلافية لا تفيد دعوتك، أو تعلن آراء صدامية قد تشوه صورتك، فجميع من حولك يلاحظونك. وكانت النتيجة الرائعة لهذه التضحية النبيلة من إبراهيم، ليس فقط أن الله عوَّضه بعشرات المرات ماديًا بالمقارنة بلوط الخاسر لكل شيء، لكن المكاسب الروحية والمعنوية أفضل بكثير. فلما قال لجيرانه بني حث الذين يراقبون سلوكه: «أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ»، فإنهم ردوا عليه: «اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي. أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا» (تكوين٢٣: ٤، ٦). وهذا هو الجزاء البديع لكل شخص يعرف كيف يضع الحدود داخليًا مع نفسه، قبل أن يطلبها خارجيًا من غيره، وتكون لغته: ”أنا هاتحرك لك علشان تجيبك“، بدلاً من: ”تعال.. هاتجيبك“. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنك تسير خارجه وبعيدا عنه وعلى غير خطى القديسين |
لبعض أنواع الحديث مخالب جارحه |
اشرب مياها من جبك ومياها جاريه من بئرك |
صور خارجه عن المألوف.. |
اشواك جارحه |