رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التحرك بالتوبة العملية: قُومُوا وَاذْهَبُوا لأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الرَّاحَةَ. مِنْ أَجْلِ نَجَاسَةٍ تُهْلِكُ وَالْهَلاَكُ شَدِيدٌ. [10] في مرارة يدعوهم أن يقوموا ويذهبوا إلى السبي، فقد حلّ بهم ثمرة نجاستهم والهلاك الشديد! لقد صدر عليهم الحكم التأديبي الإلهي، فإنهم إذ سلبوا حقوق الشعب بسلطانهم الزمني تُنزع عنهم ممتلكاتهم بالقوة، ولا تعود أرض الموعد مكان راحة لهم. يحل بهم ما حلّ بآبائهم الذين تذمروا على الله في البرية مرارًا وتكرارًا. وكما جاء في المزمور: "أربعين سنة مقت ذلك الجيل، وقلت هم شعب ضال قلبهم، وهم لم يعرفوا سبلي، فأقسمت في غضبي لا يدخلون راحتي" (مز 95: 10-11). لا يقف الأمر عند طردهم من أرض الموعد، وإنما "من أجل نجاسة تهلك، والهلاك شديد" سرّ هلاكهم ليس قوة العدو العسكرية الذي يسبيهم، إنما نجاساتهم المدمرة لهم. لذلك يوصينا الكتاب: "هاربين من الفساد إليَّ في العالم بالشهوة" (2 بط 1: 4)، "الديانة النقية الطاهرة عند الله الآب هي هذه افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم" (يع 1: 27). يدعوهم النبي للقيام من حالة الخطية، حتى يتمتعوا بالراحة الحقيقية ولا يحل بهم الهلاك. * ليت ذاك العاجز عن الطيران كالنسر يطير كعصفور. ذاك غير القادر أن يطير إلى السماء، فليطر إلى تلك الجبال. ليته يطير أمام الوديان هذه التي سرعان ما تتدمر بالمياه. ليعبر على الجبال. عبر ابن عم إبراهيم على جبال صوغر Segor وخلص (تك 19: 12-29). أما امرأة لوط فلم تستطع أن تتسلقها، إذ تطلعت خلف بطريقة نسائية وفقدت خلاصها (تك 19: 26). يقول الرب بالنبي ميخا: "اقتربوا إلى الجبال الأبدية، اصعدوا من هنا، فإنها ليست فيها راحة لكم بسبب الدنس. إنكم بالفساد تفسدون، تعانون من الطرد". يقول: "ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال" (مت 24: 16). هناك جبل صهيون، وهكذا مدينة السلام أورشليم، مبنية لا بحجارة أرضية، بل بحجارة حية، بواسطة ربوة من الملائكة وبكنيسة الأبكار وبأرواح الذين كملوا، وبإله الأبرار الذي تكلم بدمه أفضل من هابيل (عب 12: 24). فإن واحدًا صرخ لأجل النقمة (تك 14: 10) والآخر لأجل الغفران. واحد يوبخ خطية أخيه، والآخر يغفر خطية العالم. واحد يعلن عن جريمة والآخر يستر على جريمة كما هو مكتوب: "طوبى لمن سترت خطاياهم" (مز 32: 1 LXX). القديس أمبروسيوس * "في الرب التجأت؛ كيف تقولون ليّ: اهرب إلى الجبال كعصفورٍ؟ (مز 11: 1 LXX). عدو عنيف! جرب الرب المخلص في البرية، والآن يطلب المؤمنين، يطلب كل واحدٍ منهم أن يفارق أرض اليهودية ويسكن في برية قاحلة من الفضائل، حتى يمكنه أن يسحقهم هناك بسهولة جدًا. حتى المشورة ذاتها (التي يقدمها) ماكرة. إنها ليست نصيحة لكي يأخذ (المؤمن) جناحي حمامة، الطائر الرقيق البسيط المستأنس -طائر يقولون عنه إنه بلا ضغينة مطلقًا- هذا الذي قدم في الهيكل من أجل الرب (لو 2: 24)، وإنما (ينصحهم أن يأخذوا) جناحي عصفور، طائر يثرثر (يزقزق) طواف، يصير غريبًا عن زوجته بعد بروز الصغار من البيض . القديس چيروم لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِالرِّيحِ وَالْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلًا: أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هَذَا الشَّعْبِ! [11] هاجم النبي قبولهم للأنبياء الكذبة الذين من أجل نفعهم المادي أو الاجتماعي يتغاضون عن الحق ويداهنون الظالمين ويتستَّرون على الخطأ. لهذا يقول الرسول: "إن كنت بعد أرضي الناس لم أكن عبدًا للمسيح" (غل 1: 10). لو أن شخصُا ما جاء يحدثهم عن الخمر والسكر، يجد الظالمون في حديثه ما يؤهله أن يكون لهم نبيًا، يحدثهم بما يشتهونه. إنهم لا يريدون نبيًا صادقًا ينطق بكلمة الله، لأنها بالنسبة لهم عار وخزي. إنهم يريدون أنبياء أشرارًا يوافقونهم على شرورهم، قيل عنهم: "إذ رأيت سارقًا وافقته، ومع الزناة نصيبك، أطلقت فمك بالشر، ولسانك يخترع غشًا" (مز 50: 18-19). لعله يُشير هنا إلى الأنبياء الكذبة الذين عوض أن يسكروا بحب الله وينشغلوا بالوصية الإلهية ينشغلون بالحفلات الماجنة التي يقيمها الأغنياء، ويسقطون في السكر مما يفقدهم اتزانهم وينحرف بهم عن رسالتهم. * ما أن بدأوا في أن يغطسوا في هاوية الإفراط وانحرفوا عن الحواس الطبيعية حتى سلموا نفوسهم للسبي لدى طاغية السُكر الفاسد. إنهم يشبهون سفينة بدون قلاعٍ يحفظ توازنها، لهذا قيل: "ويل للذين يقومون باكرًا ليجروا نحو المُسكر" (راجع إش 5: 11). إنهم لا يُشبعون احتياجًا، ولا ينتظرون أن تهدأ الشهوة، إنما هذا هو عملهم أن يسكروا على الدوام. لذا قيل: "يجرون نحو المسكر". القديس يوحنا ذهبي الفم |
|