رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أيوب الشفيع وَالآنَ فَخُذُوا لأَنْفُسِكُمْ سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ، اذْهَبُوا إِلَى عَبْدِي أَيُّوبَ، وَأَصْعِدُوا مُحْرَقَةً لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَعَبْدِي أَيُّوبُ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ، لأَنِّي أَرْفَعُ وَجْهَهُ لِئَلاَّ أَصْنَعَ مَعَكُمْ حَسَبَ حَمَاقَتِكُمْ، لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ الصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ [8]. تصرف الرب العجيب يذهل الإنسان! فإنه وإن عاتب أيوب في حديثه الشخصي معه، وكشف له عن عجزه عن إدراك قوة الله وحكمته وخطته، إلا أنه أمام الأصدقاء الذين قاوموا أيوب يمجده. يحسبه شفيعًا عنهم أمامه. هذه هي مسرة الرب أن يمجد مؤمنيه ويرفعهم أمام إخوتهم كما أمام السمائيين، ويدخل بهم إلى الأحضان الإلهية. كان رقم 7 يُنظر إليه كرمزٍ للكمال، فكان رقمًا عامًا عند تقديم ذبائح حيوانية (لا 23: 18، عد 29: 32). حتى عند غير اليهود نجد بلعام يطلب من بالاق، ملك موآب، أن يعد هذا العدد من الذبائح (عد 23: 1، 29). عجز الأصدقاء عن تقديم تعزية لصديقهم وسط شدة تجاربه، أما أيوب فقد زكَّاه احتمال التجارب لا ليتبرر في أعين أصدقائه فحسب، وإنما وهو بعد وسط الضيق، وقبل شفاء جسده واسترداد الممتلكات الزمنية وتمتعه بأبناء قادر أن يشفع أمام الله في أصدقائه الذين كادوا أن يحطموه! ظن أصدقاء أيوب أنهم قادرون على إصلاح أيوب بحكمتهم وفلسفتهم البشرية, والآن يؤكد لهم الرب أنهم محتاجون أن يصلح أيوب من حياتهم بالصلاة. * استخدم الله أصدقاء أيوب ليقدم شهادة عن فضيلة شخصية. وبنفس الطريقة أوضح خطورة خطأهم باستخدام هذه الوسيلة الاستثنائية لتقديم الذبيحة. فإنه ما كان يدعو إلى هذه الذبائح الضخمة لو لم تكن الخطية التي استوجبت هذا خطيرة. أبرز أيضًا أن الذبيحة وحدها غير كافية، إذ يقول من أجله لم أرد أن أعفيكم من خطيتكم. بهذا أيضًا أظهر أنه يغفر لهم من أجله... بهذا نتعلم أن اتهام البار ليس بالخطية الهينة لكي يُكفر عنها. * الصلوات (التي للآخرين عنا) لها نفع عظيم عندما نساهم نحن أيضًا من جانبنا. أتريدون أن تعرفوا مدى نفع الصلوات؟ أقول، تأملوا كرنيليوس وطابيثا (أع 3:10، 36:9). اسمعوا أيضًا يعقوب قائلًا للابان: "لولا مهابة أبي كانت معي لكنت الآن قد صرفتني فارغًا" (تك 42:31). اسمعوا أيضًا الله قائلًا: "أحامي عن هذه المدينة من أجل نفسي ومن أجل داود عبدي" (2 مل 6:20). ولكن متى؟ في أيام حزقيا الذي كان بارًا. إذن إن كانت الصلوات تفيد حتى بالنسبة للأشرار جدًا، فلماذا لم يقل الله هذا عندما جاء نبوخذنصر، ولماذا سلٌم المدينة؟ لأن الشر غلب بالأكثر. أيضًا صموئيل نفسه صلى عن الإسرائيليين وانتصر. ولكن، متى؟ عندما هم أيضًا سروا الله، عندئذ حاربوا الأعداء. تقولون: وما هي الحاجة إلى صلاة الغير إن كنت أنا نفسي أسر الله؟ لا تقول هذا يا إنسان. نعم توجد حاجة وحاجة إلى صلاة أكثر. اسمعوا الله يقول عن أصدقاء أيوب: "عبدي أيوب يصلي من أجلكم فتغفر خطاياكم" (راجع أي 8:42). حقًا لقد أخطأوا، لكن ليست خطية عظيمة. لكن هذا البار الذي أنقذ أصدقاءه بالصلاة، في الوقت الذي فيه لم يكن اليهود قادرين على إنقاذ الهالكين. لقد تعلموا هذا؛ اسمعوا الله يقول بالنبي: "إن وقف نوح ودانيال وأيوب، إنهم لا يخلصون بنيهم وبناتهم" (راجع حز 14:14، 16). فقد انتصر الشر. مرة أخرى: "وإن وقف موسى وصموئيل..." (إر 1:15). انظروا قيل هذا عن النبيين، لأن كليهما صليا عنهم، ولم ينتصرا. القديس يوحنا الذهبي الفم * انظروا إلى الله العادل الرحيم، فإنه لم يترك أخطاءهم دون أن يوبخهم، ولا ترك جريمتهم دون هداية. فإنه إذهو طبيبنا الداخلي، يظهر أولًا ً فسادجرحنا، وبعد ذلك أشار إلى العلاج لنوال الصحة. وقد سبق فقلنا أنأصدقاء الطوباوي أيوب يمثلون الهراطقة، الذين يقاومون الله، بينما يسعون للدفاع عنه. فإنهم بكلماتهميثورون ضد الحق وهم يظنون أنهم يخدمونه بمزاعمهم الباطلة.يجب ملاحظة أنهم قد أُمروا أن يقدموا للرب ذبيحة عن اهتدائهم، لا يقدمونها بأنفسهم، بل خلال أيوب. بلا شك عندما يرجع الهراطقة عن خطأهم، لا يستطيعون أن يهدئوا سخط الله من نحوهم بتقديم ذبيحة بأنفسهم... ما لم يرجعوا إلى الكنيسة التي يشير إليها أيوب... كأن الله يقول للهراطقة بصراحة: لا أقبل ذبائحكم. لا أستمع إلى كلمات توسلاتكم إلا من خلال شفاعة الكنيسة التي كلمات اعترافها بخصوصي حقيقية... خلالها وحدها يقبل الله الذبيحة وهي وحدها تشفع بثقة في الذين يخطئون. البابا غريغوريوس (الكبير) فَذَهَبَ أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ، وَفَعَلُوا كَمَا قَالَ الرَّبُّ لَهُمْ. وَرَفَعَ الرَّبُّ وَجْهَ أَيُّوب َ[9]. "قبل الرب أيوب"، أي قبل صلواته وتقدماته لصالح أصدقائه. يقول الحكيم: "نهاية أمر خير من بدايته" (جا 7: 8). لم يمنع الرب الشيطان من أن يجرب أيوب، ولا منع زوجة أيوب وأصدقاءه من مقاومته والسخرية به واتهامه ظلمًا، لكنه في الوقت المناسب رفع وجهه أمام العالم كله، بل وبقي وجهه مرفوعًا عبر الأجيال، ويرفعه بالأكثر في يوم الرب العظيم. لم يرسل له ملاكًا ولا رئيس ملائكة ولا شاروبًا أو ساروف ليعزيه ويطمئنه، بل نزل الرب بنفسه ليرفع وجهه. * عندما فقد أيوب كل ثروته، وعندما فقد بنيه، بدت كل الأشياء تعمل ضده (أي 1: 13-21) ، ولكنه إذ أحب الرب عملت كل الشرور التي حلت به معًا لصالحه (أي 42: 9-17). قروح جسمه أعدته لإكليل السماء. قبل زمن التجربة لم يتحدث الله معه قط؛ أما بعد التجربة فقد جاءه الله وتحدث معه في ودٍ، كصديق مع صديقه. لتحل الكارثة، ولتأتِ كل فاجعة، مادام المسيح قادم بعد الكارثة. القديس جيروم يليق بنا التدقيق في عبارة: "رفع الرب وجه أيوب"، فإذ غفر الله لأصدقائه من أجل صلواته عنهم، حسب الله هذه العطية مقدمة لأيوب نفسه. كان قلب أيوب بسيطًا ومتسعًا بالحب حتى لمقاوميه، فخرجت الصلاة عنهم كما لو كانت تخصه هو، فهم موضوع حبه!* يليق ملاحظة أن العفو الذي نالوه قد تم بحرصٍ هكذا كما أعلن الرب، فإن الرب لم يرفع وجوههم بل وجه أيوب الطوباوي. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|