«مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ»، ونفّذت أياديهم الآثمة ما أرادت قلوبهم الأشد إثمًا. ولكن ها هو الرب يسوع يُصلي لأجلهم! تُرى ماذا يقول؟ إنه يقول: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقاظ¢ظ£: ظ£ظ¤). لقد كانت لحظات عذاب جسدي ونفسي أليم يفوق الوصف، ومع هذا لم ينطق الرب يسوع بكلمة صراخ من الألم، ولا بكلمة لعن على هؤلاء المتسببين في هذا الألم المُبرِح، بل بهدوء صلّى لأجل قاتليه عديمي الرحمة «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ». فيا للكمال! ويا للجمال! ويا للسمو!
أَما كان بوسع ابن الله أن يجعل الأرض تفتح فاها، وتبتلع أولئك الأشقياء أحياء؟! لقد كان - تبارك اسمه - موضع احتقارهم، وعلى أيديهم كان يتجرع من غُصص الألم ما نعجز عن وصفه، ومع ذلك ها هو يصلي قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ»! فيا للنُبل الإنساني! ويا للنعمة الغافرة! ويا للمحبة الغامرة!