رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إنَّ "الحقيقة" التي دار حولها حديثنا هي أمرٌ في غاية الجدّيّة، وهي رسالة ودعوة لنا للتخلّى والانسلاخ عن الذّات والأنانيّة وكلّ ما يمتلكنا ظانيين أنّنا نحن الذي نملكه، «لأَنَّ الإِنسانَ عَبْدٌ لِما استَولى علَيه» (2 بط 2/ 19)! إنّها "حقيقة التَّرْك" الذي يدعونا إليه يسوع المسيح، المعلّم الصّالح، الذي وعدنا بأنّه سيعوِّض هذا التَّرْك الإراديّ الحرّ أضعافًا وأضعافًا: «ما مِن أَحَدٍ تَرَكَ بَيتاً أَو إِخوَةً أَو أَخَواتٍ أَو أُمَّا أَو أَباً أَو بَنينَ أَو حُقولاً مِن أَجْلي وأَجْلِ البِشارَة إِلاَّ نالَ الآنَ في هذهِ الدُّنْيا مِائةَ ضِعْفٍ مِنَ البُيوتِ والإِخوَةِ والأَخَواتِ والأُمَّهاتِ والبَنينَ والحُقولِ مع الاضطِهادات، ونالَ في الآخِرَةِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة» (مر 10/ 29-30)! «نجد في إنجيل متى شابّا (متى 19، 20-22) اقترب من يسوع وسأله عمّا إذا كان هناك المزيد ممّا يستطيع أن يفعله (متى 19، 20)، بهذه الروح المفتوحة التي تميّز الشبّان الذين يبحثون عن آفاق جديدة وتحدّيات كبيرة. في الواقع، لم تكن روحه شابّة بالفعل، لأنه كان متعلّقًا بالغنى وبوسائل الراحة. قال إنه يريد المزيد، لكن عندما طلب منه يسوع أن يكون سخيًّا وأن يوزّع أملاكه، أدرك أنه لا يستطيع التخلّي عن كلّ شيء يملكه. وفي النهاية، "لَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هذا الكلام، اِنصَرَفَ حزينًا" (متى 19، 22). تخلّى عن شبابه» (البابا فرنسيس، الإرشاد الرّسوليّ ما بعد السّينودس "المسيح يحيا"، بند 18). وماذا عنّا يا تُرى؟ فهل سنترك "التَّرْك" الذي يطالبنا به يسوع، ونتبعه كتلاميذٍ حقيقيّين وصادقين، طائعين إياه الطّاعة اللّائقة بأعظم معلّم في تاريخ البشريّة؟ أم سنتظر اليوم الذي فيه سنترك، لا محتوى "التَّرْك" (ما نعتبره ثروتنا) فحسب، بل إمكانيّة "تَرْك التَّرْك" (إمكانيّة الاختيار) أيضًا؟ |
|