|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حق الحوار مع الجميع إِنْ كُنْتُ رَفَضْتُ حَقَّ عَبْدِي، وَأَمَتِي فِي دَعْوَاهُمَا عَلَيَّ [13]. في تواضع عجيب أعطى أيوب البار عبيده وجواريه ليس فقط حقوقهم البشرية التي كان يتجاهلها العالم في ذلك الحين، حيث عاش قبل الناموس الموسوي، إنما أعطاهم حق الحوار معه، بل وحقهم في الدفاع عن أنفسهم حتى إن وضعوه في موقف الاتهام! * أيها السادة كونوا لطفاء مع خدمكم، كما علمنا القديس أيوب، فإنه توجد طبيعة واحدة وأسرة واحدة للبشرية. ففي المسيح ليس عبد ولا حر (غل 3: 28) . القديس أغناطيوس الأنطاكي القديس يوحنا الذهبي الفم ها أنتم ترون كيف ظهر ساميًا في سلطانه بالنسبة للرؤساء بطريقة عجيبة، ومع هذا فهو يحاور عبيده. في مجمع الرؤساء يتذكر عمله، وفي حواره مع عبيده يتذكر أنه مخلوق (مثلهم). يرى نفسه عبدًا تحت السيد الحقيقي، لهذا لم يتعالَ في تشامخ قلب على عبيده. البابا غريغوريوس (الكبير) فَمَاذَا كُنْتُ أَصْنَعُ حِينَ يَقُومُ اللهُ؟ وَإِذَا افْتَقَدَ فَبِمَاذَا أُجِيبُهُ؟ [14] لم يكن يوجد ناموس مكتوب ولا قوانين تحمي العبيد والجواري، لكن إيمان أيوب البار بالله الديان الذي لا يحابي الوجوه دفعه إلى تقدير كل إنسانٍ، حتى وإن كان عبدًا لديه. * من يفكر في الديان القادم يُعد حساباته إلى ما هو أفضل يومًا فيومًا بلا انقطاع. من يتطلع إلى الرب الأبدي بقلبٍ مرتعبٍ يلتزم أن يضع حدًا لسيادته المؤقتة على الذين تحته. فإنه يتطلع حسنًا إلى أنه لا يوجد أي طريق أن يكون فوق الآخرين زمنيًا، وذلك من أجل ما سيقدمه من حساب بكونه تحت ذاك الذي يمارس سلطانًا بلا نهاية. إنه يعرف من هم تحته، فيليق به أن يعرف ذاك (الرب) الذي هو نفسه تحته، وبمعرفته للسيد الحقيقي يموت فيه الغرور بسيادته التي تحمل غرورًا. هكذا إذ كان أيوب الطوباوي يخاف حكم ذاك الذي هو فوق الكل، يمارس القضاء المؤقت كمن هو مساوٍ لعبيده. البابا غريغوريوس (الكبير) أنبا إشعياء أَوَلَيْسَ صَانِعِي فِي الْبَطْنِ صَانِعَهُ، وَقَدْ صَوَّرَنَا وَاحِدٌ فِي الرَّحِمِ؟ [15] * بالنسبة للأشخاص الذين يحملون سلطانًا، فإن عمل التواضع العظيم هو أن يحفظ في أفكارهم مساواة الخليقة. فإننا نحن البشر جميعًا متساوون بالطبيعة، لكن قد أُضيف إلينا توزيع التدبير حتى نظهر أن لنا سلطانًا على أشخاصٍ معينين. فإن تنازلنا عن تخيلنا بما يحدث مؤقتًا (أن لنا سلطانًا على الغير)، فسنجد أنفسنا سريعًا جدًا ما نحن عليه بالطبيعة... بالطبيعة وُلدنا نحن جميعًا متساوين، ولما كان تدبير الاستحقاقات متباين، لذلك صار البعض فوق الآخرين بتدبير خفي. هذا التباين الذي أُضيف إلى طبيعتنا عن خللٍ، يُدبر بطريقة مستقيمة خلال أحكام الله، لهذا فإنه إذ لا يسير الكل في هذه الحياة في ذات الطريق يُحكم على الواحد بواسطة آخر. أما القديسون لا يتطلعون إلى سلطان مراكزهم في داخلهم، بل إلى مساواة الطبيعة، إذ يعرفون حسنًا أن آباءنا القدامى عاشوا ليس كملوكٍ قدر ما عاشوا كرعاةٍ لقطعان... حيث أن الإنسان بالطبيعة يتسلط على الحيوانات غير العاقلة، وليس على بقية البشر، لذلك قيل له يلزمه أن يكون موضع خوف الحيوانات المفترسة، وليس موضع خوف البشر. حين تطلب أن تكون مخوفًا ممن هو مساوٍ لك، تكون مُبتلعا بكبرياء ضد الطبيعة... لذلك عندما سجد كرينليوس لراعي الكنيسة، ورأى أن كرامة ما يُقدم له أكثر مما يستحق، أسرع بالإشارة إلى المساواة بين الخليقة، قائلًا الكلمات: "قم، أنا أيضًا إنسان" (أع 10: 26). فمن لا يعرف أنه يليق بالإنسان أن يسجد لخالقه وليس لإنسان...؟ هكذا أيضًا الملاك، إذ سجد له يوحنا، اعترف أنه مخلوق، قائلًا: "أنظر لا تفعل. أنا عبد معك ومع إخوتك" (رؤ 19: 10). البابا غريغوريوس (الكبير) كذلك لم يخجل بولس من أن يدعو العبد ابنه وأحشاءه وأخاه ومحبوبه، فيليق بنا ألاَّ نخجل منهم . ولماذا أقول بولس؟ فإن رب بولس لم يخجل من أن يدعونا نحن عبيده إخوته... ليرى كيف كرّمنا فدعانا عبيده وإخوته وأصدقاءه ووارثين معه، وأننا نظهر بجواره، ونُحسب عاملين معه، بل أن السيّد نفسه يعمل ليكون عبدًا! اسمع وارتعد! القديس يوحنا الذهبي الفم |
|