رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّهُ أَطْلَقَ الْعَنَانَ وَقَهَرَنِي، فَنَزَعُوا الزِّمَامَ قُدَّامِي [11]. يصور أيوب ما حدث بأنه بسماح من الله الذي يشبهه بمن يطلق السهم نحو الهدف، فأصاب أيوب وقهره، أو سبب له جرحًا خطيرًا. وكأن ما حلّ به ليس مصادفة، وإنما بسماح إلهي، وإن كان لا يعرف علة غضب الله عليه. هذا وإذا أضاء الله لهم باللون الأخضر كي يفعلوا بأيوب ما يشاءون، صاروا كفرسان يمتطون خيولًا قوية وعنيفة، فتركوا الزمام (اللجام) لتهجم عليه بكل قوة. مع مرارة التصويرين إلاّ أن أيوب يدرك حقيقة هامة أن ما حلّ به إنما بسماح من الله، وإن كان لا يعرف علة هذا السماح. * "وإذا أرخى الله وتره وأذَّلني" [11]. ماذا يقصد بوتر الله إلا مشورته السرية؟ الآن يطرح الرب السهم من الوتر عندما يصدر حكمًا من مشورته السرية. فإننا نعلم أن أي إنسانٍ يمكن أن يُجلد، ولكن لأي سبب تصدر الجلدات، هذا ما لا نعرفه. لكن بعد الجلد يحدث إصلاح في الحياة، فيُكشف عن قوة المشورة. هكذا الوتر المغلق هو المشورة الخفية. إننا نُؤدب بواسطة وتر مفتوح عندما نتحقق بعد الجلد بأية مشورة ضُربنا. استغل الأشرار هذا السماح الإلهي فظنوا أنهم يحطمون أيوب بلا عائق. تركوا ألسنتهم تسخر بأيوب دون أن يضعوا لجامًا أو حدودًا. أما أولاد الله فيعرفون متى يتكلمون ومتى يصمتون. يستخدمون لجام الصمت بحكمةٍ وتعقلٍ. * "ويضع لجامًا في فمي"... يرى القديسون لجام الصمت موضوعًا عليهم من جهة القلوب القاسية التي للخطاة الضائعين، عندما يقولون بالنبي: "كيف نرنم ترنيمة الرب في أرضٍ غريبة" (مز 4:137). أوصى بولس بوضع لجامٍ عندما أمر تلميذه: "الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة ومرتين أعرض عنه" (تي 10:3). فالمعلمون القديسون غالبًا بمعرفة علوية يفحصون قلوب الذين يعارضونهم، وإذ يرون أن هذه القلوب تركها الله يحزنون ويتنهدون، ويصمتون. ألم يصنع سليمان أحيانًا لجامًا على المعلمين عندما يقول: "لا توبخ مستهزئًا لئلا يبغضك" (أم 8:9)... الكنيسة المقدسة التي تقدم كلماتها دومًا بروح المحبة، توقف أحيانًا كلماتها من أجل المحبة، فتقول: "ضع يا رب حارسًا لفمي" (مز 3:141). البابا غريغوريوس (الكبير) |
|