رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مِنَ الْوَجَعِ أُنَاسٌ يَئِنُّون، وَنَفْسُ الْجَرْحَى تَسْتَغِيثُ، وَاللهُ لاَ يَنْتَبِهُ إِلَى الظُّلْمِ [12]. حتمًا يسمع الله أنات المتألمين واستغاثة الجرحى، لكنه إذ يحول شر الأشرار لخير المتألمين يبدو كمن لا ينتبه إلى الظلم. هذه هي مشاعرنا حين يتسلط الظلم ويجرح المؤمنين، فنحسب كأن الله مشغول عن كنيسته، ولا يهتم بجراحاتها وبالظلم الساقط عليها! ولعل أيوب يعني هنا أنه بينما يئن المتألمون ويستغيث الجرحى إذا بالأشرار يسخرون بهم، ويتمادون في شرورهم، متطلعين إلى الله أنه في سماواته لا يبالي بالظلم الذي يسقط على البشر، أيا كان هؤلاء! جاء في ترجمة اليسوعيين: "وفي المدن أناس ينتحبون"، فلا يقف الظلم عند القرى بل يمتد أيضًا إلى المدن. "الله لا ينتبه إلى الظلم"، أي لا يدينهم سريعًا، يل يتمهل عليهم لعلهم يتوبون راجعين إليه. يطيل أناته عليهم، وقد يتركهم طوال حياتهم على الأرض، ولا يفضح حماقتهم هنا، إلى أن تُطلب نفوسهم فيحسبون أغبياء وحمقى. وكما قيل للغنى قبيل طلب نفسه: "يا غبي، هذه الليلة تطلب نفسك منك" (لو 12: 20). وكما قيل عن الغني الذي يجمع مالًا من الظلم:" محصل الغنى بغير حق، في نصف أيامه يتركه، وفي أخرته يكون أحمق" (ار17: 11). * "إنهم يسببون للناس أن يتأوهوا من المدن" [12]. تُدعى المدن هكذا من الناس الذين يعيشون معًا، وهكذا فإن كنائس الإيمان الحقيقي ليست بطريقة غير لائقة يُعبر عنها بالمدن... فإن هذا الانسجام بين الشعب الذي يحيا معًا، أقامه الرب في الأناجيل حتى حين ميٌز بين الأماكن، عندما أراد أن يشبع الشعب بخمسة أرغفة. لقد أمرهم أن يجلسوا خمسين خمسين أو مئة مئة في ترتيب متناسق. حتى يمكن لجموع المؤمنين أن يأخذوا طعامهم في أماكن منفصلة ولكن بإتحاد معًا... أما الهراطقة فغالبًا ما يحطمون الحياة المتحدة وانسجام الصالحين بالتصاقهم بأصحاب السلطة من أشرار هذا العالم، لهذا بحق قيل في هذا الموضع "يسببون للناس أن يتأوهوا من المدن". "نفس الجريح تصرخ"... لأن نفس البار تُجرح عندما يهتز إيمان الضعيف... لكن الله لا يسمح له أن يعبر (الشرير) دون معاقبة. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|