منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 03 - 2023, 11:09 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,536

أيوب | النهم

النهم [20-21]

لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ فِي بَطْنِهِ قَنَاعَة،ً
لاَ يَنْجُو بِمُشْتَهَاهُ [20].
في كل جهاده الذي لا ينقطع لا تعرف أعماقه (بطنه) هدوء البال (قناعة)، إنما يحاصره القلق ويسيطر عليه. قد ينال الكثير، لكنه هو نفسه لا ينجو.
* يلزمنا أن نضبط البطن، ونحفظها تحت توجيه السماء. فإن الله في النهاية سيحطم كل ما هو للبطن كما يقول الرسول.
القديس إكليمنضس السكندري


لَيْسَتْ مِنْ أَكْلِهِ بَقِيَّةٌ،
لأَجْلِ ذَلِكَ لاَ يَدُومُ خَيْرُهُ [21].
ما ناله يهرب منه، كمن يأكل لكن لا يشبعه الطعام لأنه يتقيأه...
* لأن الشرير يأكل دون أن يشكر (رو 14: 6)، يتذوق دون أن يبارك، وليس للفقير موضع على مائدته (لو 16: 21). "ليست لديه مئونة" [21]. إذ ليس للشرير بقية يضيف داود نفسه: "بقية الأشرار تهلك تمامًا".
"خيره لا يدوم"، لماذا؟ لأن خيراته بلا أصل، وهي تنتج ثمارًا شريرة.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* "لا تدوم خيراته"... لأنه وهو يجري وراء كل شيء ولا يخشى الديان، وإذ يخرج من هذه الحياة يذهب عاريًا إلى الديان.
البابا غريغوريوس (الكبير)


مَعَ مِلْءِ رَغْدِهِ يَتَضَايَقُ.
تَأْتِي عَلَيْهِ يَدُ كُلِّ شَقِيٍّ [22].
بعد أن وصف صوفر الارتباكات التي تحل بالظالم القاسي، يبين هلاكه التام. فمع نوال ما كان يشتهيه بطريقٍ أو آخر، تتحول أيدي الأشقياء إلى سبله. ما فعل يُفعل به. كما كانت يده على الغير ظالمة، تمتد أيادي الأشرار عليه.
* "عند ملء كفايته يتضايق " [22]. أولًا يركض لاهثًا ليكدس الأشياء التي يجمعها بالطمع، وإذ يجمع الكثير جدًا، كما في بطن الطمع "عند ملء كفايته يتضايق"، إذ يمتلئ بالقلق كيف يحفظ ما قد ناله، فيصير ملؤه موضوع ضيقه. فإذ أنتج حقل أحد الأغنياء محصولًا ضخمًا، وليس لديه موضع للتخزين قال: "ماذا أعمل، لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري. وقال: أعمل هذا. "أهدم مخازني وأبني أعظم" (لو 12: 17-18). إذن هذا الذي تضايق بفيض الخيرات قال: "ماذا أعمل؟". كان في همٍ، كما لو أن كثرة الطعام قد ضغطت عليه.
* "يحترق بالحرارة، ويسقط عليه كل ويلٍ" [22]. بعد اقتنائه عطايا من الثروة، يحقق مشتهاه، ويحضره إزعاج آخر. يحل به الخوف والقلق ليحفظ في أمان ما قد كلفه من متاعبٍ لا حد لها لكي يقتنيه. من كل جانب يرتعب من المتآمرين، ويخشى لئلا يحل به ما فعله هو بالغير. يخشى لئلا يتعرض لعنفٍ من شخصٍ أقوى منه. عندما ينظر فقيرًا يتطلع إليه كلصٍ. يخشى الأشياء ذاتها التي ذخرها، لئلا بسبب ضعف طبيعته الموروثة تضيع بالإهمال. في كل هذه الأمور فإنه بسبب الخوف ذاته من العقوبة يعاني البائس بشدةٍ من الخوف مما قد يعانيه.
لكن إنه لأمان عجيب للقلب الذي لا يطلب ما هو ليس لنا، بل يقنع بما يناله يومًا فيومًا.
الأب غريغوريوس (الكبير)
* "عندما يحسب نفسه شبعانًا، يسقط في القلق" [22 LXX]. هذا يعني أن الثمرة تتعفن عند نضوجها. لكن كما قلنا مرارًا كثيرة إن ما قاله أصدقاء أيوب ليس ليحطوا من الأشرار والأثمة، بل بالحري ليزعزعوا صبر أيوب.
ولما كان المصارع يحتمل الأحزان التي حلت عليه بنفسٍ عظيمة، واثقًا في المنافع التي يجلبها الصبر، هدده (صوفر) بأن المستقبل سيكون أشر من الماضي.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
*حقًا أن حياة الإنسان لا تقوم على ممتلكاته خلال ما لديه من فيض، إنما يُحسب مطّوبًا وذا رجاء مجيد من كان غنيًا بالله.
القديس كيرلس السكندري
* حينما نربح فلسًا نمتلئ فرحًا، وحينما نخسر نصف فلس نغرق في الحزن .
القديس جيروم


يَكُونُ عِنْدَمَا يَمْلأ بَطْنَهُ،
أَنَّ اللهَ يُرْسِلُ عَلَيْهِ حُمُوَّ غَضَبِهِ،
وَيُمْطِرُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَعَامِهِ [23].
ليس من أمرٍ يبعث حمو غضب الله على الإنسان مثل ظلمه لأخيه. بينما يظن أنه يملأ بطنه بظلمه لأخيه، إذا بحمو الغضب الإلهي يمطر عليه نارًا وكبريتًا. "يمطر على الأشرار نارًا وكبريتًا" (مز 11: 6).
يباغته وهو في لحظات تمتعه بالولائم، عند تناوله طعامه. ولعل صوفر يشير هنا إلى موت أبناء وبنات أيوب أثناء إقامة وليمة.
يشير هنا أيضًا إلى ما حدث في أيام الطوفان، وإلى الخراب الذي حلّ بسدوم وعمورة، إذ يقول السيد المسيح: "كانوا يأكلون ويشربون، ويُزَوِجون ويتزوجون إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك وجاء الطوفان وأهلك الجميع.
كذلك أيضًا كما كان في أيام لوط، كانوا يأكلون ويشربون، ويشترون ويبيعون، ويغرسون ويبنون. ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم أمطر نارًا وكبريتًا من السماء، فأهلك الجميع" (لو 17: 27-29).
* "لتملئ بطنه، فيلقي الله غضبه عليه، ويمطر حربه عليه" [23]... "مطر حرب الله" هو ضرب القلوب المتشامخة عليه، وجرح النفس البغيضة بسهام حكمه... بينما كان يليق (بالطماع) أن يذّكر نفسه كيف قد طمع فيما ليس له، وبأكثر شرٍ وضع في نفسه أن يجمع الأمور التي اشتهاها. وفي وقتٍ آخر سيحزن أنه سيفارق الأشياء التي جمعها.
البابا غريغوريوس (الكبير)


يَفِرُّ مِنْ سِلاَحِ حَدِيدٍ.
تَخْرِقُهُ قَوْسُ نُحَاسٍ [24].
سوف يكون هلاكهم محتمًا دون أية إمكانية للنجاة منه. "يفر من سلاح حديدٍ". الهروب يشير إلى الإثم، حيث لا يفكر الشرير في الاعتراف بخطاياه في تواضعٍ أمام الله ليصطلح معه، بل كل ما يفكر فيه هو النجاة من الانتقام الذي يتعقبه، ولكن بدون جدوى. فإنه إن نجا من السيف "تخرقه قوس نحاس"، أو قوس من الصلب. كأن الله يستخدم السيف للذين يظنون أنهم يحاربونه بقوتهم، والقوس للذين يظنون أنهم قادرون على الهروب منه بمكرهم. فمن يظن أنه قادر أن ينجو من قصاصٍ يجد قصاصًا آخر يلاحقه.
*"هذا يعني أنه سيغمره (الله) بالآلام... ولكن ما هي هذه الآلام؟ لننتبه. "ليفر بأية وسيلة من قوة السيف، وليجرحه القوس النحاسي. ويطعنه السهم في جسمه، لتكن الكواكب ضد مسكنه، ولتحل المخاوف عليه" [24-25 LXX]. لم يسقط أيوب تحت هذه الضربات، فقد منع الله الواشي (الشيطان) من قتله، لذلك لم يقدر الحديد ولا النحاس ولا أي رمح أن يقترب إليه من جنود الشيطان المرتزقة. قدرما جلبوا عليه... لم تلتهب نار عليه، أي النار التي مصدرها ليس الأرض. لأنه ليس للشيطان سلطان أن يحرك رعب السماوات عليه.
هدد صوفر أيوب بهذه الأمور، إذ أراد أن يرعب المصارع بالخوف من كل جانب. أما من جهة أيوب، فلم يقل كيف أو من أين تأتي هذه الأمور عليه، إذ كان واثقًا في برّه.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
* "سيهرب من الأسلحة الحديدية، ويندفع نحو القوس النحاسي " [24]. يلزمنا أن نعرف أن الطمع أحيانا يتسلل إلى الناس عن طريق الكبرياء، وأحيانًا عن طريق الخوف. لذلك فإن البعض يهدفون نحو الظهور بسلطانٍ أعظم، ويلتهبون نحو نوال ما هو للغير. أيضًا يوجد أناس يخشون لئلا يصيروا في عوزٍ إلى ضروريات الحياة، فيسلمون أذهانهم للطمع ليطلبوا ما هو للغير، متخيلين أن ما لديهم لا يكفيهم. الآن، تعبير "الحديد" يتناسب مع كل "الضروريات". فهو يزعج حياة المعوزين بجراحات الحزن. هو تعبير عن الحاجة إلى الضروريات التي تقود إلى حياة مؤلمة... "يدخل الحديد إلى نفسه" (مز 105: 18). إذن ما هي الأسلحة الحديدية سوى ضروريات الحياة الحاضرة التي تضغط على حياة المحتاجين بقسوة؟ الحديد يتلف بالصدأ، أما النحاس فيتلف به بأكثر صعوبة. لهذا فالحديد يشير إلى الضروريات الحاضرة المؤقتة، وأما النحاس فإلى المصير الأبدي.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* أتريد أن تبني مدينتك حسنًا؟ "القليل مع مخافة الرب خير من كنز عظيم بدون مخافة" (راجع أم 15: 16). غنى الإنسان يلزم أن يعمل على خلاص نفسه لا هلاكها. الغنى يكون للخلاص إن استخدمه أحد حسنًا، وهكذا يكون فخًا إن لم يعرف أحد كيف يستخدمه (أم 13: 8). لأنه ما نفع مال إنسان لا يسنده في رحلته؟

القديس أمبروسيوس


جَذَبَهُ فَخَرَجَ مِنْ بَطْنِهِ،
وَالْبَارِقُ مِنْ مَرَارَتِهِ مَرَقَ.
عَلَيْهِ رُعُوبٌ [25].
يكون الهلاك كاملًا عندما يخترقه القوس يخرج من مرارته، فتحل به أهوال ورعب عنيف جدًا، وتكون آلام موته مؤلمة للغاية. هكذا يحل الموت بالشرير منقضًا عليه فيذيقه المرارة.
* "المرعبون يأتون ويحلون عليه" [25]. من هم الذين يدعون هنا بالمرعبين سوى الأرواح الشريرة الذين يجب أن تخشاهم الأذهان التقية وتتجنبهم؟ يُعتقد أن هذه الأرواح الشريرة عينها تلتصق كل بمفردها برذائلٍ معينة. عندما يترك هذا الإنسان الشرير مجموعة من الأخطاء إلى لحظة ويبدأ يرتكب مجموعة أخرى، فبالتأكيد "المرعبون يأتون ويحلون عليه، حتى إذ تترك نفس الشرير مجموعة من العادات الشريرة تأسرها مجموعة أخرى. فكثيرًا ما ترون إنسانًا شريرًا له سلطان أرضي تثيره أهواء صاخبة، ويتمم كل ما يقترحه عليه غضبه. وإذ يهدأ غضبه تثير الشهوة نفسه. وإذ تتوقف الشهوة إلى حين حالًا يحتل قلبه الاعتداد بالذات على أساس أنه عنيف، ولكي يظهر للغير أنه مُخيف يهدف نحو إبراز نفسه كموضوع رعبٍ... هكذا بحق يُقال لذاك الذي تتلقف رذيلة ذهنه محل رذيلة أخرى: "المرعبون يأتون ويحلون عليه".
البابا غريغوريوس (الكبير)


كُلُّ ظُلْمَةٍ مُخْتَبَأَةٌ لِذَخَائِرِهِ.
تَأْكُلُهُ نَارٌ لَمْ تُنْفَخْ.
تَرْعَى الْبَقِيَّةَ فِي خَيْمَتِهِ [26].
الظلمة التي يلتحف بها الشرير مختبئة، وهي ظلمة دامسة لا يخترقها شعاع نور واحد. ظلمة داخلية تجتاز إليه إلى حيث يظن أنه في أمان، مختبئ في مكان لا يقدر أحد أن يبلغ إليه. ولعله يقصد بالمخبأ ضميره، إذ يعاني الشرير من الظلمة التي تحل في أعماقه، ليجد نفسه في ظلام وحيرةٍ، ليس من يقدر أن يخلصه منهما سوى رجوعه بالتوبة إلى النور الحقيقي واهب السلام.
تشتعل في داخله نار مُهلكة لم تنفخ، أي لا يُسمع لها صوت. يرى الكل دمار الشرير واحتراقه دون أن يقدر أن يعرف السبب. وذلك كما رأى يونان اليقطينة قد يبست، ولكنه لم يرَ الدودة التي سببت لها الذبول (يونان 4: 7).
وبقوله "نار لا تُنفخ" يشير إلى أن نار الخطية المهلكة وقودها سريع الاحتراق جدًا لا تحتاج إلى نفخ. "كل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشًا، ويحرقهم اليوم الآتي" (مل 4: 1).
"ترعى البقية في خيمته": شره يتسلل إلى خيمته، أو إلى أسرته، فيكون سببًا لهلاك الكثيرين من أهل بيته.
* "كل ظلمة مختبئة في أماكنه السرية" [26]... يقال: إن كل "ظلمة مختبئة في أماكنه السرية"، وذلك لأنه لا يستعرض كل شروره التي فيه، لكنه ينبغي أن يحل بها جميعًا على زملائه في الخليقة.
"تأكله نار لم تُشعل"، هذه الكلمات القليلة تعلن عن نار جهنم بطريقة غاية في الدهشة. فالنار المادية لكي تصير نارًا تحتاج إلى وقود مادي. ولكي تستمر، يلزم أن تُمَّون بالخشب الذي يكوَّم فوقها كما نعلم. لا وجود لها ما لم تُشعل، ولا تستمر ما لم تُخدم بالوقود. على عكس هذا، فإن نار جهنم بينما هي نار تُهلك أبناء الهلاك الذين يلقون فيها جسديًا، لا تُشعل بجهود بشرية، ولا تستمر بإلقاء خشب فيها. ولكنها إذ توجد مرة، تبقى غير قابلة للانطفاء، ولا تحتاج إلى إشعالها، ولا تنقص حرارتها... عدالة القدير إذ سبق فعرفت الأحداث المقبلة، فمن بداية العالم خلقت نار جهنم التي كان يجب أن تبدأ لمعاقبة الأشرار ولن تتوقف حرارتها ولا تحتاج إلى وقود...
قيل بالمرتل: "تجعلهم مثل تنور نار في زمان غضبك. الرب بسخطه يبتلعهم، وتأكلهم النار" (مز 21: 9). هكذا يُظهر الكتاب المقدس أن المفقودين يحترقون داخليًا وخارجيًا. إنه يشهد أنهم يؤكلون بالنار، وفي نفس الوقت يصيرون فرنًا ناريًا، فبالنار يتعذبون في الجسد، وبالحزن يحترقون في الروح.
"إذ يُترك في خيمته، تصير معه في المحنة"، فإذ وضع كل بهجة في الحياة الجسدية "يسكن في خيمة الجسد".
البابا غريغوريوس (الكبير)
* لماذا لم يدخل (الشيطان) في الطوباويين بطرس ويعقوب ويوحنا أو أحد بقية الرسل؟
لماذا دخل في يهوذا الإسخريوطي؟
ماذا وجد فيه الشيطان؟
لم يستطع الشيطان أن يقترب من أحد الذين أشرنا إليهم لأن قلوبهم كانت مستقيمة، ومحبتهم للمسيح ثابتة. كان في الخائن مكان للشيطان. المرض الخبيث، الطمع، الذي قال عنه الطوباوي بولس إنه أصل كل الشرور (1 تي 6: 10)، قد سيطر عليه. الشيطان ماكر في عمل الشر. عندما ينال ملكية في نفس إنسان، لا يحاربه برذيلة عامة. بل بالحري يبحث للشخص الذي سيطر عليه عن وسيلة بها يجعله فريسة له.
القديس كيرلس الكبير
* جاء لإبراهيم ثلاثة رجال (تك 18: 1-2) في حرَّ النهار؛ وأما في حالة سدوم فجاء ملاكان في المساء (تك 19: 1). الأمور الصالحة تشَّبه بالنور، والشريرة بالمساء، حتى يشرق شمس البرَّ عليهم (مل 4: 2). فإن عقاب الأشرار هو ليل وظلمة، أما الأبرار فسيضيئون كالنور (أم 4: 18؛ مت 13: 34).
الأب ثيؤدور أسقف المصيصة
* قال للآخرين: "اذهبوا عني يا ملاعين" (مت 25: 41). لم يقل إنهم يُلعنون بواسطة الآب، لأن الآب لم يلقِ باللعنة عليهم، إنما أعمالهم التي تفعل ذلك. لم يقل أن النار الأبدية معدة لأجلهم وحدهم، بل "لإبليس وملائكته". فإنه بخصوص الملكوت حقيقة عندما قال: "تعالوا رثوا الملكوت"، أضاف لقد أعددته لكم منذ تأسيس العالم (مت 25: 34). أما عن النار لم يقل هذا، بل "المُعدة لإبليس". أنا أعددت لكم الملكوت، أما النار فلم أعدها لكم بل لإبليس وملائكته، لكن أنتم تلقون أنفسكم فيها. أنتم نسبتم إياها لكم.
القديس يوحنا الذهبي الفم


السَّمَاوَاتُ تُعْلِنُ إِثْمَهُ،
وَالأَرْضُ تَنْهَضُ عَلَيْهِ [27].
إله السماء الذي يرى الخفيات يعلن عن شرور الأشرار المُصرين على شرهم، وتكتشف الأرض آثامهم وتنتقم منهم. "الأرض تكشف دماءها" (إش 26: 21). فالسماء لا تطيق الإثم، والأرض تنهض ضده، ولا يجد الأشرار لهم موضعًا هنا أو هناك، إنما يستقرون في جهنم.
* "السماوات تعلن إثمه، والأرض تنهض عليه" [27]. ماذا نفهم بالسماوات سوى الأبرار، والأرض سوى الخطاة؟ هكذا في الصلاة الربانية يُصلَّى: "لتكن إرادتك على الأرض كما في السماء"، لتعني أن إرادة خالقنا كما تتحقق في الأبرار، ليتها تتحقق في كل الخطاة أيضًا. علاوة على هذا قيل عن الأبرار: "السماوات تعلن مجد الله" (مز 19: 1). وللإنسان عندما أخطأ، أُعلن الحكم: "أنت تراب وإلى تراب تعود". وهكذا عندما يُسحب الإنسان الشرير إلى الدينونة الرهيبة، يُقال: "السماوات تعلن إثمه، والأرض تنهض عليه"، فإن الإنسان الذي لم يشفق هنا على الصالحين أو الأشرار، عند استجوابه الرهيب تشهد عليه حياة الأبرار والخطاة...
لكن يمكن أيضًا أن تشير "الأرض" ليس إلى الحياة الخاطئة المُستنكرة، وإنما إلى أولئك الذين ينهمكون في الأمور الأرضية، وخلال الصدقة وبالدموع ينالون الحياة الأبدية. عن هؤلاء يقول المرتل عندما أُعلن عن الرب أنه قادم للدينونة: "يدعو السماوات من فوق، والأرض على مداينة شعبه" (مز 50: 4). فإنه يدعو السماوات من فوق، حين يترك أولئك كل ما لديهم ويتمسكون بالنزعة نحو الحياة السماوية، يُدعون ليجلسوا معه في الحكم، ويأتوا معه كقضاة...
ليس من أمر ارتكبه الشرير يكون مخفيًا عن بصيرة زمن الدينونة، وإن كان بالحق كثير من الأعمال مخفية الآن عن الخلائق رفقائه خلال الخداع يظهر في يوم الدينونة في النور.
البابا غريغوريوس (الكبير)
إن كانت السماوات تعلن عن إثم الشرير، والأرض تفضحه وتقاومه، لذا يليق بالكنيسة أن تطلب من المؤمنين الهروب من الأشرار المصممين على الشر، وليس عن الخطاة الذين في حاجة إلى من يشهد لإنجيل المغفرة أمامهم.
يبرز القديس كبريانوس ليس فقط ما يحل بالأشرار المقاومين للحق من عقوبات إلهية مشددة، وإنما يطالب أولاد الله باعتزالهم حتى لا يحل غضب الله عليهم. [نجد هذا واضحًا في سفر العدد، عندما ادعى قورح وداثان وأبيرام الحق في تقديم ذبائح مقاومة لهرون الكاهن. فإن الرب يعلم خلال موسى أن الشعب ملتزم باعتزالهم لئلا يرتبطوا بذات إثم المذنبين، ويلوثوا أنفسهم بذات جريمتهم. "فكلم الجماعة قائلًا: اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البُغاة، ولا تمسوا شيئًا مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم" (عد 16: 26).]
* افعلوا ما استطعتم لاستبعاد الشخص الشرير، فإنه ما أن يخرج حتى يسكن المسيح فيكم.
العلامة أوريجينوس
* أنت تحتقر الذهب، آخر يحبه.
أنت تزدري بالثروة، هو يجري وراءها بشغفٍ.
أنت تحب السكون والضعف والحياة السرية الخاصة، أما هو فيجد لذة في الحديث في الساحات العامة بوقاحةٍ كما في الشوارع والمحلات العامة...
لا تكن معه تحت سقفٍ واحدٍ. لا تعتمد على عفتك القديمة. فأنت لست أكثر قداسة من داود ولا أكثر حكمة من سليمان... إن كنت في عملك الكهنوتي تلتزم بزيارة أرملة أو عذراء لا تدخل البيت وحدك. لا تجعل رفقاءك يستخفون بك... لا تجلس بمفردك مع امرأة بطريقة سرية دون شاهد معك. إن كانت تريد أن تكشف عن أمر خاص وسري، لديها مربية أو مدبرة بيت أو عذراء أو بتول أو زوجة. لا يمكن أن تكون بلا أصدقاء سواك حتى تفيض عليك بأسرارها الخاصة.
القديس جيروم


تَزُولُ غَلَّةُ بَيْتِهِ تُهْرَاقُ فِي يَوْمِ غَضَبِهِ [28].
ذريته التي هي غلة بيته تُستأصل، حيث يحل بهم الموت في غير أوانه، أو يضطرون إلى الهروب من بلادهم فيتشتتون ويُستأصلون.
كما تتدفق الثروة على الشرير بسرعة خلال الظلم والخداع، تتبدد أيضًا بذات السرعة عندما يحل الغضب الإلهي عليه.
* عندما يُعلن غضب الديان، يُسلم (الشرير) إلى نيران الغضب، يُنزع من رؤية (الديان). لأن ذاك الذي في الحياة لم يرد أن يرتفع بفكره إلى العلويات، إذ تحدره خطاياه إلى أسفل، سيسقط من أمام وجه الديان في أعماق العقوبة. أما الآن فإن الديان يرى ويحتمل الخاطي في خطاياه، لأنه يوم اللين، وليس يوم الغضب، لأنه ينتظر مترقبًا هداية كل أحدٍ. الآن يوم اللين، وإذ يبقى المرائي جامدًا دون تحرك، ممارسًا شرورًا كثيرة غير مؤدب بجلدات، فسيُطرد في يوم الغضب ، حيث يُحمل إلى عقوبة النقمة؛ يُقطع من وجه الديان الأبدي.
البابا غريغوريوس (الكبير)


هَذَا نَصِيبُ الإِنْسَانِ الشِّرِّيرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ،
وَمِيرَاثُ أَمْرِهِ مِنَ الْقَدِيرِ [29].
ما يجمعه الشرير لنفسه ليس الثروة التي اقتناها إلى حين، بل الغضب الذي يحل عليه. هذا هو نصيبه الدائم، وميراثه الأبدي في نار جهنم.
هذا هو خطاب صوفر، وقد حمل شيئًا من الحق، لكنه كان مخطئًا إذ ظن أن هذا كله يلزم أن يحل على كل شريرٍ وهو في هذا العالم. وأن كل من تحل به ضيقة في هذه الحياة يكون ذلك إشارة إلى شر الساقط تحتها.
قدم صوفر تفسيرًا سليمًا لعمل الشر في حياة الشرير، لكنه أخطأ في تطبيق هذه العقيدة، كما لم يقدم الفكر خالصًا، إنما يشوبه الميل الشرير نحو أيوب ومحاولة تأكيد أنه مراءٍ.
حقًا الشر مرهب والخطية خاطئة جدًا، لكن ليس لنا أن نحكم وندين الغير حسب نظرتنا البشرية.
* لو أنه حين كان في هذه الحياة اهتم أن يعمل باستقامة، لكان نصيبه الشركة مع الرب في ملكوت السماوات. لكنه إذ اختار أن يخضع للشهوات الشريرة فإن نصيبه من الرب أن يوجد في عذابٍ، إذ لم يطلب أن ينال شركة في نعمة هذا الرب...
الآن لا يشتهي القديسون أن ينالوا نصيبًا من الرب، بل ينالوا الرب نفسه نصيبًا لهم. لهذا يصلي النبي قائلًا: "نصيبي الله إلى الدهر" (مز 73: 26).
أما الشرير فإذ لم يسعَ ليكون الرب نفسه نصيبه، يجد النار نصيبه لا الرب. وإذ يُنزع من وجه الله، لأنه لم يطلب أن يجد فرحًا فيه، يُعذب وهو غير جدير بالله.
البابا غريغوريوس (الكبير)
* أولئك الذين يرضون بالإثم لا يكون لهم نصيب بين الخالدين .
القديس أنطونيوس الكبير
* لنرَ بعد ذلك ماذا يوصينا الله أن نفعل، فهو يقول: "أعطوا الرب إلهكم مجدًا قبل أن يجعل ظلامًا، وقبلما تعثر أرجلكم على الجبال العتمة، فتنظرون نورًا" (إر 13: 15). فهو يريد أن من يعطي الرب مجدًا، يعطيه مجدًا في وجود النور، لأن مجد الرب لا يمكن أن يُعلن حينما يأتي الظلام. فمتي إذًا يأتي الظلام، ومتى لا يأتي؟ "اعملوا مادام النور فيكم". فإن النور في الواقع هو موجود فيك، طالما تحمل في داخلك السيد المسيح الذي قال عن نفسه: "أنا هو نور العالم". وطالما هذا النور موجود فيك أعطِ إذًا مجدًا للرب؛ ولكن اعلم إن الظلام يمكن أن يأتي، فلا يجب أن تنتظر وقوع هذا الظلام، بل أعطِ مجدًا للرب قبل مجيئه.
* ربما يمكننا أن نفهم بوضوح هذا الموضوع إذا استعنا بكلام السيد المسيح: "اعملوا مادام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل"؛ فهو يقصد بالنهار وقتنا الحاضر، وبالظلام والليل، انتهاء العالم وفنائه بسبب عقاب الأشرار. ويقول عاموس النبي: "ويل للذين يشتهون يوم الرب. لماذا لكم يوم الرب. هو ظلام لا نور" (عا 5: 18). فإذا عرفت كم سيكون الحزن والشقاء عند هلاك العالم، سيصيب الحزن تقريبًا معظم الجنس البشري الذين يُعَاقَبون على خطاياهم، وعندئذ ستعرف أن الجو سيصبح معتمًا ومظلمًا بحيث لا يستطيع أحد أن يمجد الله، لأنه حتى الأبرار أوصاهم الله قائلًا: "اذهب يا شعبي. ادخل إلى بيتك، واغلق عليك بابك، اختبئ قليلًا أو كثيرًا حتى ينتهي حمو غضبي".
* كما أن ما أعده الله للذين يحبونه، يفوق العقل، كذلك أيضًا ما أعده من عذابات للأشرار، يفوق العقل .
* كل واحدٍ منا يجلب على نفسه عقوبة عن خطية، حجم العقوبة حسب نوع المعصية وطبيعتها... محصل الديون قادم ليتمم عمله، وأنا أقاومه. إنني أعرف أنه إذا كنت غير مدينًا بالمرة، ليس له سلطان عليَّ. إن كان عليَّ دين فسيرسلني محصل الديون إلى السجن.
العلامة أوريجينوس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الوهم
هل يعتبر النهم والإسراف في تناول الأطعمة خطيئة؟ ماذا يعلمنا الكتاب المقدس عن النهم؟
الوهم
الوهم
الوهم


الساعة الآن 12:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025